الحكومة النمساوية تعتمد خطة عمل حتى الصيف تشمل إصلاحات في المعاشات وسوق العمل والأمن
فيينا – INFOGRAT:
اتفقت الحكومة الفيدرالية في مقر المستشارية على خطة عمل حتى الصيف: إصلاحات في المعاشات والعدالة وسوق العمل وتعزيز الأمن وتعليم اللغة الألمانية
اتفقت الحكومة الفيدرالية النمساوية خلال خلوة استمرت يومين في مقر Bundeskanzleramt (المستشارية الفيدرالية) على خطة عمل تمتد حتى صيف هذا العام، تضمنت خطوات أولية لإدراج المهن التمريضية ضمن نظام معاشات الأعمال الشاقة، وإنشاء Bundesstaatsanwaltschaft (النيابة العامة الفيدرالية)، وإطلاق حزمة دعم لتعليم اللغة الألمانية، وذلك كما أعلن رؤساء الأحزاب الثلاثة المشاركة في الحكومة: حزب الشعب النمساوي ÖVP، والحزب الاشتراكي النمساوي SPÖ، وحزب الأحرار الجديد NEOS.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، أعلن نائب المستشار Andreas Babler من الحزب الاشتراكي الديمقراطي SPÖ أنه بحلول الصيف، سيتم اعتماد الاعتراف بالمهن التمريضية كمهن شاقة، ما سيمكن العاملين في هذا القطاع من التقاعد ضمن نظام “معاشات الأعمال الشاقة”، وأوضح أن هذا الإجراء يهدف إلى الاعتراف بالأهمية القصوى والتحديات الكبيرة التي تواجهها مهنة التمريض، وإتاحة إمكانية الانتقال المباشر من العمل في التمريض إلى التقاعد دون المرور بفترة بطالة.
نحو إنشاء نيابة عامة فيدرالية
كما أكدت الحكومة عزمها على اتخاذ خطوات أولية لإنشاء Bundesstaatsanwaltschaft، حيث اعتبر المشاركون أن الوقت قد حان لحماية النيابة العامة والنظام القضائي من مجرد شبهة التأثر بالتدخلات السياسية.
دعم لتعليم اللغة الألمانية وتطوير التعليم
من جهتها، أعلنت وزيرة الخارجية ورئيسة حزب NEOS Beate Meinl-Reisinger أن الحكومة ستطلق قبل عيد الفصح حزمة دعم لتعليم اللغة الألمانية، وأضافت أن وزير التعليم Christoph Wiederkehr، المنتمي أيضًا لحزب NEOS، سيعرض خطة لتكثيف التدريب في مجال التربية المبكرة.
أولويات الحكومة: ضبط الميزانية والنمو الاقتصادي
قال المستشار الفيدرالي Christian Stocker من حزب ÖVP إن “توطيد الميزانية” يمثل أحد الركائز الأساسية لعمل الحكومة حتى الصيف، مشيرًا إلى أن هذا الهدف سيتم بالتعاون مع حكومات الولايات والبلديات ضمن عملية على مستوى الدولة بأسرها، وسيشمل هذا التعاون أيضًا نقاشًا حول الإصلاحات.
وأشار Stocker إلى أن دعم الاقتصاد وتحفيز النمو الاقتصادي يمثلان أيضًا من أولويات الحكومة، مشيرًا إلى تنفيذ مجموعة من الإجراءات في سوق العمل، أعلن عنها كل من وزير الاقتصاد Wolfgang Hattmannsdorfer، ووزيرة الشؤون الاجتماعية Korinna Schumann، ووزير التعليم Wiederkehr، كما أشار إلى التقدم في مشروع مراقبة تطبيقات المراسلة الذي سيكون ضمن جدول الأعمال في الأسابيع المقبلة.
مراقبة تطبيقات المراسلة: البداية والتحديات
كان مشروع مراقبة تطبيقات المراسلة موضوعًا محوريًا في اليوم الأول من اجتماع الحكومة. وقدم وزارة الداخلية مسودة أولية لهذا المشروع. وفقًا للخطة، ستقتصر إمكانية الوصول إلى محتوى تطبيقات المراسلة على الحالات التي تتعلق بأنشطة إرهابية أو تهدد الدستور.
شارك في تقديم المسودة Michael Buchner مدير ديوان المستشارية، والمستشار Christian Stocker، ونائب المستشار Andreas Babler، ووزيرة الخارجية Beate Meinl-Reisinger. وأوضحت الحكومة أن المشروع لا يزال بعيدًا عن اعتماده، حيث تم تحديد فترة مراجعة عامة تمتد لثمانية أسابيع. وفي بيان، اعتبر حزب NEOS أن المسودة الحالية “بعيدة جدًا” عن الموافقة النهائية، رغم اعترافه بوجود تحسينات مقارنة بالمقترحات السابقة. وصرّحت Meinl-Reisinger أن النقاش حول المشروع لم يصل إلى نهايته بعد.
إصلاح سوق العمل: تقليص إمكانية العمل الجزئي مع إعانات البطالة
في اليوم الثاني من الاجتماع، ركزت الحكومة على إصلاح سوق العمل، حيث أعلنت نيتها إطلاق حملة واسعة لإعادة التأهيل المهني والتدريب، بالإضافة إلى الحد من إمكانية الجمع بين إعانات البطالة والعمل الجزئي، كما أوضح الوزراء الثلاثة: Hattmannsdorfer وSchumann وWiederkehr في مؤتمر صحفي مشترك.
أكد Hattmannsdorfer أن حزمة العمل تستهدف تعزيز التدريب، واستقطاب هجرة نوعية، وخلق حوافز جديدة للعودة إلى سوق العمل. وأوضح أن إمكانية العمل الجزئي إلى جانب تقاضي إعانات البطالة، والتي تبلغ حاليًا 551.1 يورو إجمالًا شهريًا منذ الأول من يناير 2025، تعتبر عائقًا أمام العودة السريعة للعمل.
ورغم أن هذه الإمكانية لن تُلغى بالكامل، سيُسمح للعاطلين عن العمل لفترة طويلة بالعمل جزئيًا لمدة ستة أشهر، كما سيُسمح بمواصلة العمل القائم إذا كان في إطار وظيفة صغيرة (عمل محدود الأجر). وشدد الوزير على أهمية تقديم حوافز ضمن نظام الضمان الاجتماعي لتشجيع الناس على شغل وظائف بدوام كامل، وهو ما أكدته أيضًا الوزيرة Schumann.
حملة لتأهيل العاملين في مجال التمريض
أشارت الوزيرة Schumann إلى أن سوق العمل لا يزال “مستقرًا بشكل مدهش” رغم فترات الركود الطويلة، إلا أن وجود ما يقارب 400 ألف عاطل عن العمل يمثل رقمًا مقلقًا. وضمن حملة التأهيل، تم التركيز على قطاع الرعاية الصحية، حيث أعلنت عن استمرار منحة التمريض (Pflegestipendium)، التي تم منحها لـ12 ألف شخص العام الماضي، وأعربت عن أملها في الحفاظ على هذا الرقم رغم التحديات المالية. كما أكدت على استمرار Stiftung Umwelt (المؤسسة البيئية) لتدريب العاملين في الوظائف البيئية، بالإضافة إلى تمديد برامج دعم النساء في مجالي التكنولوجيا والحرف اليدوية.
وأكد وزير التعليم Wiederkehr أن “الأساس لسوق عمل جيد هو تعليم جيد”، مشيرًا إلى أن التدريب والتعليم ليسا فقط مفيدين للفرد، بل للاقتصاد الوطني بأكمله. وأشار إلى أن نسبة البطالة بين الأشخاص الحاصلين فقط على شهادة التعليم الإلزامي تبلغ 21٪.
تسريع الاعتراف بالمؤهلات الأجنبية
دعا Hattmannsdorfer إلى تحسين وتسريع إجراءات الاعتراف بالمؤهلات الأجنبية، مشيرًا إلى أن الممرضة القادمة من Manila (مانيلا) لا يهمها إن كانت ستهبط في Wien (فيينا) أو München (ميونيخ)، وإذا تم الاعتراف بمؤهلاتها في ألمانيا بشكل أسرع، وكانت الأجور هناك أعلى، فإن ذلك سيكون خسارة للنمسا.
ردود فعل وانتقادات
اعتبرت FPÖ (حزب الحرية النمساوي) أن الإجراءات المعلنة غير كافية لإنقاذ سوق العمل، ورأت المتحدثة باسم الشؤون الاجتماعية Dagmar Belakowitsch أن الشيء الإيجابي الوحيد هو مواصلة حملة التأهيل في مجال التمريض.
أما Markus Koza المتحدث باسم الشؤون الاجتماعية لحزب Die Grünen (الخضر)، فاعتبر أن الحكومة الحالية تواصل تنفيذ الإجراءات التي كانت قد وضعتها حزبه مسبقًا، مضيفًا: “لا حاجة لاختراع الجديد”.
وأشادت Wirtschaftskammer (غرفة التجارة النمساوية) ببعض الإجراءات، لكنها اعتبرت أن هناك نقصًا في الوصول المؤقت لنظام العمل الجزئي (Kurzarbeit).
من جهتها، أعربت رئيسة Arbeiterkammer (غرفة العمل) Renate Anderl عن رفضها القاطع، معتبرة أن الخطط المقترحة لا تساهم في حل التحديات الحالية في سوق العمل، وأن العاطلين عن العمل هم من يتحملون الآن عواقب غياب إصلاحات سوق العمل من قبل الحكومات السابقة.
مراجعة استراتيجية الأمن القومي
تضمن اليوم الأول من الخلوة الحكومية مراجعة استراتيجية الأمن القومي، والتي تم تحديثها بالفعل في عام 2024، بعد أن كانت تعتبر روسيا شريكًا استراتيجيًا في النسخة السابقة. وأشارت وزيرة الدفاع Klaudia Tanner إلى أن الوضع العالمي قد “تغير بشكل جذري” منذ ذلك الحين.وأكدت الحكومة التوافق على المبادئ الأساسية للسياسة الخارجية، وقالت Meinl-Reisinger: “العالم خرج عن مساره”، مشيرة إلى أن الشركاء الذين كانوا موثوقين في السابق لم يعودوا كذلك، وأن التهديدات باتت متنوعة ومعقدة.



