الحكومة النمساوية تقر حزمة ضرائب جديدة تشمل تقشفًا وتخفيفات وضرائب على القمار

أقرّت الحكومة النمساوية يوم الجمعة حزمة قانونية شاملة تهدف إلى تعزيز ضبط الميزانية العامة، متضمنةً إجراءات تقشفية وأخرى تخفيفية، حيث تمثّل هذه الحزمة أحد مخرجات اتفاق الائتلاف الحكومي، مع إدخال تعديلات جديدة تمس جوانب ضريبية حساسة، من بينها تعليق تعديل “تعويض الأطفال” خلال العامين المقبلين، واستمرار احتفاظ وزارة المالية بالثلث المخصص لها من “التضخم الزاحف” طوال الفترة التشريعية. في المقابل، تم الإعلان عن إجراءات داعمة للفئات المتنقلة من العاملين (الركّاب).

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، بلغ الحجم الإجمالي للإجراءات المقررة في العام الحالي نحو 76 مليون يورو، ومن المتوقع أن ترتفع إيرادات الدولة منها إلى 696 مليون يورو في عام 2026، وبينما تتسم بعض التدابير بطابع تقشفي، تضم الحزمة أيضًا خطوات تخفيفية للفئات السكانية، حيث ستُرفع قيمة “يورو الركّاب” (Pendlereuro) إلى ستة يوروهات لكل كيلومتر – أي ما يعادل ثلاثة أضعاف القيمة الحالية – وذلك كتعويض عن إلغاء “مكافأة المناخ” (Klimabonus)، كذلك تم رفع بدل السلبية للركّاب (Negativzuschlag).

إعفاءات ضريبية وبدل تشجيعي للعاملين

تتضمن الحزمة أيضًا إعفاءً من ضريبة القيمة المضافة على منتجات النظافة النسائية ووسائل منع الحمل، وسيُتاح هذا العام صرف مكافأة عمل خالية من الضرائب تصل إلى 1,000 يورو للعاملين، وهي مكافأة يتوقع تمديدها في العام القادم، على أن يتم تحديد قيمتها لاحقًا حسب الوضع المالي.

ضرائب مشددة على القمار

تشتمل التعديلات الضريبية الجديدة على رفع ضريبة القمار (Glücksspielabgabe) المفروضة على اليانصيب من 16% إلى 17.5%، أما الضرائب على اليانصيب الإلكتروني (القمار عبر الإنترنت)، فسترتفع من 40% إلى 45%، كما سيتم رفع الضريبة المفروضة على أجهزة القمار العامة وآلات الفيديو من 10% إلى 11%، إضافة إلى رفع الرسوم الإضافية التي تجمعها الولايات من 15% إلى 16.5%، كما ستُفرض ضريبة جديدة بنسبة 7.5% على مساهمات إدارة اليانصيب.

تعديلات تمسّ المؤسسات والاستثمارات العقارية

يشمل المشروع أيضًا رفع سقف التسعير الجزافي الأساسي (Basispauschalierung) بما في ذلك حصة ضريبة القيمة المضافة الجزافية، وهو نظام ضريبي مبسط يُستخدم لتقدير النفقات التشغيلية، إذ سترتفع في هذا العام من 220,000 يورو إلى 320,000 يورو مع زيادة المعدل من 12% إلى 13.5%، ثم إلى 420,000 يورو و15% العام القادم. يهدف هذا النظام إلى تقليل الأعباء المحاسبية على الشركات الصغيرة.

كما سيرتفع معدل ضريبة دخول المؤسسات (Stiftungseingangssteuer) من 2.5% إلى 3.5%. ومن جهة أخرى، سيُلغى الاستثناء الضريبي المتعلّق بحالات نقل الملكية العقارية غير المباشرة، إذ كان يتم استغلال ثغرة شراء شركات تملك العقارات بدلاً من العقارات نفسها للتهرب من معدلات ضريبية أعلى.

إدخال ضريبة على تغيير استعمال الأراضي

تقرر فرض ضريبة على تغيير استعمال الأراضي (Umwidmungsabgabe)، بحيث تُضاف رسوم بنسبة 30% إلى الدخل الناتج عن بيع أراضٍ تغيّر تصنيفها (من زراعي إلى عمراني مثلًا)، على أن تُحصّل هذه الرسوم ضمن ضريبة أرباح العقارات.

تعديلات على ضريبة الطاقة وإجراءات رقمية جديدة

أما في ما يخص ضريبة الطاقة، فتم تعديلها لتشمل تخفيض الحد الأدنى للاستثمار المؤهل للحصول على التخفيض من 72 يورو إلى 20 يورو لكل ميغاواط/ساعة، وذلك لضمان تحقيق الهدف المحدد بمساهمة قدرها 200 مليون يورو ضمن جهود ضبط الميزانية.

كذلك، أصبحت التسليمات الإلكترونية عبر بوابة FinanzOnline إلزامية لجميع الشركات التي تقدم إقرارات ضريبة القيمة المضافة، بما في ذلك الشركات الصغيرة التي كانت مستثناة سابقًا.

الحكومة: إصلاح يعزز العدالة الضريبية

أوضح وزير المالية ماركوس مارتر باور (Markus Marterbauer – SPÖ) في بيان له أن هذه الإجراءات تهدف إلى تعزيز العدالة الضريبية دون التأثير سلبًا على النمو الاقتصادي. وأشارت وزيرة الدولة باربارا إيبيغر-ميدل (Barbara Eibinger-Miedl – ÖVP) إلى أن هذه الحزمة تُمثّل خطوة نحو ميزانية متوازنة، من خلال دمج إجراءات تقشفية وأخرى تحفيزية تدعم الموقع الاقتصادي للنمسا.

انتقادات شديدة من حزب الخضر

في المقابل، انتقد حزب الخضر بشدة الحزمة الضريبية الجديدة. واعتبر المتحدث باسم الميزانية ياكوب شفارتس (Jakob Schwarz) أن الإجراءات تُجسّد “تقشفًا بلا رحمة” في جوانب اجتماعية خاطئة. ووجّه انتقادًا خاصًا لتعليق تنفيذ الثلث الاجتماعي في إطار مكافحة التضخم الزاحف (kalte Progression)، والذي كان يخدم سابقًا الشرائح الضعيفة كالأمهات العازبات، في حين لم تمسّ الإجراءات الثلثين الآخرين اللذين يصبان في مصلحة أصحاب الدخل المرتفع.

كذلك، وصف قرار تعليق تعديل تعويض الأطفال بأنه يعكس “قسوة اجتماعية”، معتبرًا أن الحكومة لا تُولي مكافحة فقر الأطفال اهتمامًا فعليًا. وانتقد أيضًا استبدال مكافأة المناخ بمضاعفة “يورو الركّاب”، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تخدم فئة معينة فقط ولا تشمل الجميع كما كانت تفعل مكافأة المناخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى