الخارجية النمساوية تأمر بتحقيق عاجل بعد اختراق هاتف سفير سابق في بروكسل وتسريب محادثات وصور حساسة

فييناINFOGRAT:

أعلنت وزارة الخارجية النمساوية في فيينا، عن فتح تحقيق عاجل في أعقاب استدعاء الممثل الدائم للنمسا لدى الاتحاد الأوروبي، توماس أوبررايتر، بعد ورود تقارير حول اختراق هاتفه الرسمي وتسريب محادثات وصور تتضمن معلومات داخلية حساسة، وأثار تسريب هذه البيانات موجة من التوتر في أوساط الحكومة، ما دفع وزيرة الخارجية بيآته ماينل-رايسينغر (NEOS) إلى تشكيل لجنة تحقيق يرأسها وزير الدفاع الأسبق توماس شتارلينغر، الذي يعمل حاليًا مستشارًا أمنيًا للوزيرة، بحسب صحيفة derstandard النمساوية.

تسريبات خطيرة ورد فعل حكومي سريع

تزامن إعلان الوزارة مع نشر صحيفة DER STANDARD تقريرًا موسعًا حول القضية، أشار إلى وجود ثغرات أمنية محتملة في وزارة الخارجية، تتعلق خصوصًا باستخدام الهاتف الرسمي للسفير في بروكسل. وأكدت الوزارة في بيان أن التعامل مع القضية تم “بشكل سريع وحاسم”، مضيفة أن أوبررايتر “لم يعد في الخدمة”، وأن البعثة تدار حاليًا بشكل مؤقت من قبل قائم بالأعمال.

وأشارت ماينل-رايسينغر إلى أن الادعاءات تعود إلى فترات حكومية سابقة، وشددت على أن الأمن السيبراني يحتل أولوية قصوى في وزارتها. وقالت: “وزارة الخارجية هي بطاقة تعريف جمهورية النمسا، ويجب أن تكون فوق الشبهات، ولا ينبغي ترك مجال للتكهنات”.

فضيحة مدوية خلف الأبواب المغلقة

رغم التحفظ الرسمي، إلا أن مصادر داخل وزارة الخارجية أكدت أن القضية شديدة الحساسية. وقد علمت الوزيرة بالتفاصيل فور عودتها من زيارة إلى واشنطن التقت خلالها نظيرها الأمريكي ماركو روبيو، وأبدت “دهشة واستياء شديدين” عند إبلاغها بالتطورات.

بدأت الفضيحة عندما نشرت منصة Fass ohne Boden، التي يديرها المستشار السابق في حزب FPÖ ألكسندر سوروفيتش، تقريرًا استند إلى مدونة مجهولة نُسبت إلى أوبررايتر، تضمنت نصوصًا “تمييزية ضد النساء” منسوبة له. ما زاد الأمر خطورة هو أن العديد من موظفي الوزارة كانوا على علم بهذه التدوينات منذ فترة طويلة دون اتخاذ أي إجراءات.

تحقيقات سابقة لم تؤتِ ثمارها

وبحسب التقارير، فقد تم إبلاغ منصة المبلغين التابعة لوزارة الخدمة المدنية، التي كان يرأسها حينها نائب المستشار فيرنر كوجلر (الخضر)، بوجود المدونة منذ أكثر من عام. إلا أنه لم يُعرف ما إذا تم فتح تحقيق داخلي، فيما نفى كوجلر لاحقًا علمه بالأمر.

على الرغم من أن الخارجية أوضحت أن استدعاء أوبررايتر جاء بطلب منه وتمت الموافقة عليه فورًا، فإن الوضع داخل الوزارة والساحة السياسية في Ballhausplatz (مقر الحكومة) يوصف بالتوتر الشديد. ويُذكر أن كلوديا بلاكولم (ÖVP)، وزيرة الشؤون الأوروبية، تشرف على تنسيق السياسات الأوروبية من داخل المستشارية.

أبعاد أمنية ودبلوماسية حرجة

تُعد أبعاد القضية أعمق من مجرد “سلوك فردي” لمسؤول، حيث يُعتقد أن أوبررايتر بدأ في كتابة المدونة منذ نحو عشر سنوات، وأحيانًا خلال ساعات العمل الرسمية ومن داخل الوزارة، كما تشير بيانات التوقيت والموقع. وتطرقت صحيفة Krone إلى احتمال أن البريد الإلكتروني المرتبط بالمدونة تعرّض للاختراق خلال هجوم إلكتروني في 2020، ما أثار تساؤلات عن علاقة محتملة بجهاز استخبارات أجنبي، رغم غياب الأدلة القاطعة.

ومما يزيد من تعقيد الموقف أن هناك مؤشرات على أن هاتف أوبررايتر المحمول تم التجسس عليه أيضًا، حيث تسربت منه ملفات ومحادثات تشير إلى محاولات لتعيين مقربين في مناصب حكومية. وأكدت صحيفة DER STANDARD أنها اطلعت على محتويات هاتفه، ومنها رسائل نصية خاصة استمرت على مدى سنوات، دون صلة مباشرة بالمدونة.

محادثات سياسية ووثائق مسربة

من بين المحادثات التي سُربت، رسائل من وزيرة أوروبا السابقة كارولين إدتشتادلر (ÖVP)، التي أصبحت حاليًا حاكمة ولاية سالزبورغ، تحدثت فيها عن دعوة لعشاء في بروكسل. كما ظهرت محادثات مع أندريا ماير، وزيرة الدولة السابقة للثقافة (عن حزب الخضر)، والتي عرضت عليه في يونيو 2020 منصب رئيس مكتبها، إلا أنه رفض.

هذه التسريبات تكشف مدى تشابك علاقاته مع شخصيات بارزة من مختلف الأحزاب، وتثير القلق بشأن مدى اختراق معلومات حساسة. فبصفته ممثلًا دائمًا للنمسا في بروكسل، كان أوبررايتر عضوًا في لجنة الممثلين الدائمين لدى الاتحاد الأوروبي، وهي الهيئة التي تناقش القضايا الأكثر سرية في السياسة الأوروبية، بما في ذلك التحضير لاجتماعات القادة.

مخاوف من تجسس خارجي

الوصول غير المصرح به إلى هاتف أوبررايتر المحمول، والذي يحتوي على محادثات تنظيمية ووثائق حساسة، يثير تساؤلات حول ما إذا كانت أجهزة استخبارات أجنبية، أو جهات غير رسمية، قد اخترقت بيانات الدولة. وتتضمن هذه التسريبات صورًا شخصية جدًا، ما يرفع مستوى القلق في أوساط الدولة، وقد دخل جهاز حماية الدولة النمساوي على الخط، إلى جانب اهتمام محتمل من أجهزة استخبارات دول أخرى.

ورغم خطورة الوضع، لم تصدر عواقب واضحة حتى الآن، ويُنتظر ما ستسفر عنه نتائج التحقيقات التي وعدت الوزارة بإجرائها بشفافية كاملة.


مباشر لأحدث القصص

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى