السوريون يتصدرون قائمة البطالة بين المهاجرين في النمسا بسبب انخفاض مستوى التعليم ونقص المعرفة باللغة الألمانية

فييناINFOGRAT:

تشهد النمسا ارتفاعاً قياسياً جديداً في معدلات البطالة بين المهاجرين، حيث قفزت نسبتهم من إجمالي العاطلين عن العمل في البلاد من 34.2% إلى 43.2% خلال ست سنوات فقط. ويتصدر السوريون هذه الإحصائية، إذ تضاعف عددهم تقريباً منذ عام 2019. وتُعزى الأسباب الرئيسية لهذه الظاهرة إلى انخفاض مستوى التعليم ونقص المعرفة باللغة الألمانية، إلى جانب التدفق الهائل للمهاجرين، بحسب صحيفة express النمساوية.

تعاني سوق العمل النمساوية من تدهور متزايد، ويأتي الارتفاع الأشد في البطالة بين تلك الفئات التي تم تسويقها للنمساويين لسنوات على أنها “هجرة للعمالة الماهرة”. وتُعد أحدث أرقام صادرة عن مكتب سوق العمل النمساوي (AMS) لشهر أكتوبر 2025 بمثابة نداء إنذار جديد: إذ يبلغ إجمالي عدد العاطلين عن العمل أو المشاركين في دورات تدريبية نحو 388,000 شخص، بزيادة قدرها 4.4% مقارنة بالعام الماضي. وتستمر هذه الزيادة بلا انقطاع للشهر الحادي والثلاثين على التوالي، ولا يتوقع مكتب AMS نهاية لها قبل منتصف عام 2026 على أقرب تقدير.

ارتفاع قياسي في حصة الأجانب من البطالة

يُظهر التغير في حصة العاطلين عن العمل من الأجانب تحولاً هائلاً في ست سنوات فقط. ففي أكتوبر 2019، كان عدد الأجانب المسجلين في مكتب AMS يبلغ 121,052 شخصاً، بينما وصل عددهم اليوم إلى حوالي 167,500 شخص، وهو ما يمثل زيادة قدرها 38.4%. وبذلك، ارتفعت حصتهم من إجمالي العاطلين عن العمل من 34.2% إلى 43.2%. وفي المقابل، انخفض عدد النمساويين العاطلين عن العمل بشكل طفيف منذ عام 2019، بينما تستمر بطالة الأجانب في النمو وتتغلغل بعمق أكبر في النظام.

السوريون في المقدمة ومكتب AMS يوضح الأسباب

تواصل سوريا تصدرها لقائمة الجنسيات الأكثر بطالة، حيث يبلغ عدد السوريين العاطلين عن العمل المسجلين حالياً 23,650 شخصاً، وهو ما يقرب من ضعف العدد المسجل في عام 2019. تليها تركيا (14,578)، ورومانيا (13,454)، وصربيا (11,753)، وأوكرانيا (9,955).

وتُظهر دراسة حديثة لمكتب AMS صورة واضحة لهذه الأسباب: فبالنسبة للسوريين الوافدين حديثاً، فإن حوالي ثلاثة من كل عشرة منهم لا يمتلكون أي معرفة باللغة الألمانية حتى بعد عام ونصف، بينما يبقى نصفهم عند مستوى أساسي فقط. ويصل واحد فقط من كل عشرة تقريباً إلى مستوى B المقبول. وفي Wien، تعتبر نسبة الأشخاص الذين لا يتحدثون الألمانية هي الأعلى. ويواجه من يفتقرون إلى مهارات اللغة الألمانية صعوبة بالغة في الاندماج في سوق العمل، خاصة في ظل الركود الاقتصادي، لينتهي بهم المطاف ضمن قائمة المسجلين لدى مكتب AMS.

مشكلة التعليم وراء موجة البطالة

يزداد الوضع تعقيداً عند النظر إلى المستوى التعليمي. فوفقاً لـ “مرصد سوق العمل” الصادر عن الصندوق النمساوي للاندماج (Österreichischen Integrationsfonds)، فإن 48.3% من الأجانب العاطلين عن العمل لم يكملوا سوى التعليم الإلزامي (المرحلة الأساسية). وتُقابل هذه النسبة بـ 38.5% بين النمساويين. وهذا يعني أن قرابة نصف المهاجرين العاطلين عن العمل يأتون بحد أدنى من المؤهلات، ويهبطون بالتالي في القطاع الذي يكون أول من يتأثر في الأزمة الاقتصادية الحالية. وكما يؤكد مكتب AMS دائماً، فإن الأشخاص ذوي المؤهلات التعليمية المنخفضة – سواء كانوا مهاجرين أم مواطنين – هم الأصعب من حيث التوظيف.

تفاقم الوضع منذ عام 2015

يُظهر التطور الحاصل من عام 2015 حتى عام 2025 مدى صعوبة دمج هذه الفئة في سوق العمل بسبب هذه الفجوة. ففي عام 2015، كان هناك 5,892 سورياً و 4,853 أفغانياً عاطلين عن العمل – علماً بأن عدد المقيمين في النمسا آنذاك كان أقل بكثير. ومنذ ذلك الحين، شهدت الأرقام انفجاراً: فقد ارتفعت نسبة البطالة بين السوريين بنسبة 95%، وبين الأفغان بنسبة 51%. كما تغير عدد العاطلين من أوكرانيا لأسباب واضحة، حيث ارتفع بنسبة 1,300%. وتكمن المشكلة في أن هذه المجموعات تحديداً هي التي تتدهور أوضاعها في ظل الركود الحالي.

العدد الهائل من طلبات اللجوء السورية منذ 2019

يرتبط الارتفاع الكبير في عدد السوريين العاطلين عن العمل بشكل مباشر ومفهوم بأعداد طلبات اللجوء. فقد سجلت النمسا منذ عام 2019 تدفقاً مستمراً ومرتفعاً لطالبي اللجوء السوريين. وكان الارتفاع لافتاً بشكل خاص في عام 2022 بـ 19,747 طلباً، وعام 2023 بـ 21,409 طلبات. وقد تم تسجيل ما مجموعه 87,174 طلب لجوء من سوريا في الفترة ما بين 2019 و2024.

السوريون غالباً ما يعملون في مهن هشة

بالرغم من ذلك، كان حوالي 24,000 سوري يعملون في وظائف دائمة خلال العام الماضي، منهم حوالي 10,000 في Wien. ويعمل هؤلاء في الغالب في قطاع التجارة والخدمات، وخاصة السياحة، والكثير منهم في وظائف هشة مثل العمل المؤقت (Leiharbeit)، أو كسائقي دراجات توصيل (Fahrradbote)، أو عمال توصيل (Zusteller). وبالتالي، يشكل السوريون أيضاً جزءاً مهماً من سوق العمل المحلي، وقد يشعر اقتصاد Wien بفقدان هذه الأيدي العاملة.

Wien كـ «نقطة جذب» ومفاقِمة للمشكلة

يتركز هذا التوجه بشكل خاص في العاصمة Wien، التي تُعد منذ سنوات بؤرة للعاطلين عن العمل من مواطني الدول الثالثة، خاصة القادمين من دول اللجوء. وتُظهر بيانات AMS لشهر أكتوبر 2025 مرة أخرى زيادة في معدلات البطالة تتجاوز المتوسط في Wien. فالقادمون الجدد الذين يفتقرون إلى المؤهلات يجدون أنفسهم هناك بشكل متكرر في برامج الحد الأدنى من الإعانة الاجتماعية (Mindestsicherung)، أو دورات تدريبية، أو إجراءات تابعة لـ AMS.

اتجاه خفي: ارتفاع ملحوظ في أعداد الصوماليين والبلغار

بعيداً عن المجموعات الخمس الأولى، تبرز بؤر ساخنة جديدة: فقد زاد عدد العاطلين البلغار بنسبة تقارب 59% منذ عام 2019، بينما زاد عدد الصوماليين بأكثر من 80%. وعلى الرغم من أنها مجموعات أصغر، إلا أنها تشهد نمواً هائلاً. وتُشير هذه الديناميكيات بالتحديد إلى أن بطالة الأجانب ليست مجرد طفرة لمرة واحدة، بل هي اتجاه هيكلي مستمر.

ومن المتوقع، وفقاً لـ AMS، أن يستمر هذا التطور في الارتفاع حتى منتصف عام 2026 على الأقل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى