الشرطة النمساوية تقتحم مخيمًا شبابيًا في موقع شهد مجزرة نازية بكيرنتن وسط اتهامات بالاستخدام المفرط للقوة
فيينا – INFOGRAT:
نفذت الشرطة النمساوية عملية واسعة النطاق في موقع Peršmanhof قرب بلدة Bad Eisenkappel في كيرنتن خلال مخيم صيفي شبابي نظمته مجموعات مناهضة للفاشية بمشاركة نحو 60 شاباً من النمسا وإيطاليا وسلوفينيا، وذلك بذريعة “التخييم غير القانوني”، الحادثة أثارت انتقادات واسعة ودعوات رسمية وشعبية للتحقيق الفوري، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).
شهد موقع Peršmanhof، الذي يُعد رمزاً لمقاومة النازية ومكاناً لإحياء ذكرى مجازر الحرب العالمية الثانية، تدخلاً أمنيًا مكثفًا نفذته الشرطة بمشاركة مديرية المقاطعة والمكتب الاتحادي للجوء وشؤون الأجانب، وجاء هذا التدخل على خلفية التخييم دون تصريح، وفق ما أفادت الشرطة في بيان رسمي.
وبحسب المنظمين، فإن المخيم الذي يستمر في المكان يركز على قضايا الذكرى الـ80 لنهاية الحرب العالمية الثانية، ويشمل محاضرات وورش عمل عن دور مناهضة الفاشية في النمسا وأوروبا، إضافة إلى سبل إحياء الذكرى بكرامة. وينظمه “نادي الطلبة السلوفينيين في فيينا”.
مواجهة بين الشرطة والمشاركين
أفادت الشرطة أن محاولتها للتحقق من هويات المشاركين قوبلت بممانعة شديدة، حيث تم منع عناصر الشرطة جسديًا من قبل بعض المشاركين، ما استدعى استقدام تعزيزات إضافية. كما أُبلغ أن الشرطة واجهت مقاومة عند محاولتها دخول مبنى المتحف، حيث سعت مجموعات من المشاركين إلى منعهـا من الدخول. وخلال المحاولة لإغلاق الباب، أصيب أحد المشاركين بجروح طفيفة، وتلقى علاجًا في الموقع، وهو ملاحق الآن بتهمة مقاومة السلطات.
اعتقالات ومخالفات إدارية
أعلنت الشرطة أنها أوقفت ثلاثة أشخاص بموجب قانون الأجانب. وقد أُفرج عن أحدهم مباشرة بعد التأكد من هويته، فيما نُقل الآخران إلى مركز شرطة Bad Eisenkappel حيث خضعا للتثبت من الهوية وأُطلق سراحهما، كما سُجلت عدة مخالفات بموجب قوانين إدارية محلية في ولاية كيرنتن.
يُذكر أن المخيم نفسه نُظم العام الماضي دون أية إشكالات أمنية.
تاريخ دامٍ في خلفية المشهد
يُعتبر Peršmanhof من أبرز رموز مقاومة الاحتلال النازي، إذ ارتُكبت فيه مجزرة بشعة بتاريخ 25 أبريل 1945 من قبل عناصر من فوج الشرطة والـSS الثالث عشر، وأسفرت عن مقتل 11 شخصًا من عائلتي Sadovnik وKogoj. ويؤدي المتحف اليوم دورًا مزدوجًا كموقع تذكاري ومركز تعليمي يُعنى بإرث المقاومة.
إدانات ومطالبات بالتحقيق
Bernard Sadovnik، رئيس بلدية Globasnitz ورئيس رابطة السلوفينيين في كيرنتن، أعرب عن صدمته من “الحجم المفرط” لهذا التدخل، مؤكدًا أن المخيم يُعنى بثقافة التذكر، ومطالبًا الحكومة الاتحادية بتوضيح ملابسات الأمر. وكتب في رسالة رسمية:
“كممثل عن عائلة Sadovnik التي تعرضت للمجزرة في Peršmanhof، أعتبر هذا التدخل الأمني ردًا مهينًا وجارحًا، يعيد فتح جراح الماضي ويهزّ ثقتي بمؤسسات الدولة وبالإرادة الصادقة في إحياء ذكرى الجرائم النازية.”
من جانبه، أشار Markus Gönitzer، رئيس Društvo Verein Peršman، إلى استخدام الشرطة لمعدات ثقيلة تضمنت سبع سيارات دورية، وحدة Cobra، مروحية، طائرات مسيرة، وكلاب بوليسية، واصفًا ذلك بأنه “انعدام تام للحس التاريخي”. واعتبر أن ما حدث يمثل إهانة لجميع مواقع الذاكرة في البلاد، خصوصًا في عام يحمل دلالة رمزية كتذكير بمرور 80 عامًا على انتهاء الحرب.
Eva Hartmann، من جمعية Peršmanhof، أكدت أن جميع الخيام نُصبت داخل ملكية خاصة، وأن اللقاء يضم بعض أحفاد ضحايا النظام النازي، ويمثل مبادرة دولية لإحياء الذاكرة التاريخية.
مواقف رسمية وسياسية
طالب كل من Gerhard Köfer، رئيس Team Kärnten، وFranz Josef Smrtnik، المتحدث باسم شؤون الأقليات في البرلمان المحلي، بإجراء تحقيق شفاف وشامل، بما في ذلك توضيح دور السلطات الإدارية وتبرير النفقات المرتبطة بالعملية الأمنية.
Peter Kaiser، حاكم ولاية كيرنتن عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPÖ)، دعا جميع الأطراف إلى الحوار، معلنًا عزمه عقد لقاء بعد انتهاء المخيم يضم إدارة المتحف، ممثلين عن جهاز حماية الدستور، السلطات المحلية، والبلدية، بهدف منع أي تصعيد مشابه مستقبلاً. وقال:
“Peršmanhof هو مكان للتذكر، يذكّرنا بأن لا مكان للكراهية والعنف في مجتمعنا.”
Gabriel Hribar، رئيس Enotna Lista، وصف التدخل الأمني بأنه “مبالغ فيه ولا يتناسب مع طبيعة المخالفات”، مشيرًا إلى أن وجود وحدة Cobra والمروحيات يرقى إلى “عملية موجهة لها القدرة على زعزعة السلم الأهلي.”



