الطريق المسدود: تعقيدات تشكيل الحكومة النمساوية بعد انتخابات 2024

بعد الانتخابات البرلمانية النمساوية التي جرت في 29 سبتمبر 2024، والتي أسفرت عن نتائج متقاربة بين الأحزاب الرئيسية، برزت تحديات كبيرة في تشكيل ائتلاف حكومي مستقر. 

  • حزب الحرية النمساوي (FPÖ): حصل على 28% من الأصوات، مما منحه 57 مقعدًا في المجلس الوطني.
  • حزب الشعب النمساوي (ÖVP): حصل على 26% من الأصوات، ليشغل 51 مقعدًا.
  • الحزب الديمقراطي الاجتماعي النمساوي (SPÖ): نال 21% من الأصوات، محققًا 41 مقعدًا.
  • حزب النيوس (NEOS): حصل على 10% من الأصوات، مما منحه 18 مقعدًا.
  • حزب الخضر (GRÜNE): حصل على 9% من الأصوات، ليشغل 16 مقعدًا.

هذه النتائج تعكس توازنًا سياسيًا دقيقًا، حيث لم يتمكن أي حزب من تحقيق الأغلبية المطلقة (92 مقعدًا من أصل 183) في المجلس الوطني، هذا الوضع يتطلب تشكيل ائتلاف حكومي لضمان استقرار الحكومة المقبلة.

م. أحمد مراد
اعلامي عربي
مقيم في فيينا

في البداية، سعى حزب الشعب النمساوي (ÖVP) بقيادة المستشار كارل نيهامر إلى تشكيل ائتلاف ثلاثي مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي النمساوي (SPÖ) وحزب النيوس (NEOS) الليبرالي. إلا أن هذه المفاوضات باءت بالفشل، حيث أعلن حزب النيوس انسحابه من المحادثات في ديسمبر 2024، مما أدى إلى انهيار هذا التحالف المحتمل, واستقال كارل نيهامر من السياسة كلياً، وقد تم تكليف وزير الخارجية النمساوية ألكسندر شالنبرغ بمهام المستشارية مؤخراً، وتعيين كريستيان شتوكر رئيساً لحزب الشعب حالياً.

عقب هذا الفشل، بدأت مفاوضات جديدة بين حزب الحرية النمساوي (FPÖ) بقيادة هربرت كيكل، الذي حصل على 28% من الأصوات، وحزب الشعب النمساوي (ÖVP) الذي حصل على 26%. تهدف هذه المفاوضات إلى تشكيل ائتلاف حكومي بين الحزبين. ومع ذلك، تواجه هذه المحادثات تحديات وصعوبات، حيث ظهرت توترات بين الطرفين، خاصة فيما يتعلق بتوزيع الحقائب الوزارية وسياسات الإعلام. على سبيل المثال، انسحب ممثلو حزب الحرية من اجتماع مجموعة “الإعلام” بسبب خلافات داخلية.

في حال فشل تشكيل حكومة في النمسا مرتين بعد الانتخابات، فإن الدستور النمساوي والإجراءات السياسية تحددان عدة سيناريوهات محتملة، تتوقف على مدى قدرة الأحزاب على التوصل إلى ائتلاف حاكم، إضافة إلى دور الرئيس الاتحادي في اتخاذ القرار المناسب. إليك تحليلًا للوضع القانوني والدستوري المحتمل:

1. استمرار الحكومة الحالية كحكومة تصريف أعمال

إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق ائتلافي، تبقى الحكومة المنتهية ولايتها (أو الحكومة المؤقتة التي يعيّنها الرئيس) في السلطة بصلاحيات محدودة. وهذه الحكومة لا يمكنها اتخاذ قرارات سياسية كبرى أو تمرير قوانين جديدة دون موافقة البرلمان.

2. محاولة تشكيل حكومة أقلية

إذا فشلت مفاوضات الائتلاف مرتين، فقد يحاول الحزب الحاصل على 28٪ (على الأرجح الحزب الفائز) تشكيل حكومة أقلية بدعم غير رسمي من أحزاب أخرى، إما عبر اتفاقيات برلمانية أو عبر الحصول على دعم مؤقت من بعض الأحزاب في قضايا محددة. ومع ذلك، فإن حكومة الأقلية تكون ضعيفة وقد تواجه تصويتًا بحجب الثقة في أي وقت.

3. تدخل الرئيس وتعيين حكومة خبراء أو تكنوقراط

في حال فشل الأحزاب في تشكيل حكومة، يمتلك الرئيس الاتحادي Alexander Van der Bellen صلاحية تعيين حكومة مؤقتة من شخصيات غير حزبية أو خبراء (كما حدث في 2019 مع Brigitte Bierlein). تبقى هذه الحكومة في السلطة حتى يتم التوصل إلى اتفاق سياسي جديد أو يتم اللجوء إلى انتخابات جديدة.

4. اللجوء إلى انتخابات مبكرة

إذا تعذر تشكيل حكومة بعد محاولتين، يمكن أن يقرر البرلمان حل نفسه بأغلبية بسيطة (نصف الأعضاء +1) والدعوة إلى انتخابات مبكرة. كما يمكن للرئيس الاتحادي حل المجلس الوطني (Nationalrat) والدعوة لانتخابات جديدة وفقًا للمادة 29 من الدستور النمساوي، لكن هذا الخيار نادر جدًا.

العوامل السياسية المؤثرة

  • إذا رفض الرئيس تعيين حكومة أقلية ضعيفة، فقد يدفع باتجاه انتخابات جديدة.
  • قد يحاول الحزب الفائز تقديم تنازلات لتوسيع قاعدة ائتلافه بدلًا من انتخابات جديدة.
  • الأحزاب الأصغر (ذات 10٪) قد تلعب دور الوسيط أو المرجّح لتشكيل الحكومة.
  • البرلمان قد يسحب الثقة من أي حكومة مؤقتة، ما يعقد الوضع أكثر.

الخلاصة

في حال فشل تشكيل الحكومة مرتين، يبقى خيار حكومة تصريف الأعمال مطروحًا، بينما قد يلجأ الرئيس إلى حكومة خبراء أو انتخابات مبكرة إذا تعذرت الحلول السياسية، حيث تعتمد النتيجة النهائية على التوازنات السياسية وموقف الأحزاب من تقديم تنازلات أو الذهاب إلى انتخابات جديدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى