القطاع المصرفي النمساوي يسجل ثالث أعلى أرباح نصف سنوية في تاريخه وسط تحذيرات من مخاطر الائتمان وضعف التعافي الاقتصادي

فييناINFOGRAT:

سجّل القطاع المصرفي النمساوي ثالث أعلى مستوى للأرباح النصف سنوية في تاريخه، ما عزّز بشكل كبير قاعدة رأس المال لديه، في حين أظهرت بيانات حديثة صادرة عن البنك الوطني النمساوي (OeNB) بوادر انتعاش هش في الطلب على ائتمان الأسر، مدفوعاً بزيادة القروض العقارية الجديدة. ويأتي هذا الأداء القوي للقطاع المصرفي في وقت يمر فيه الاقتصاد النمساوي بمرحلة تعافٍ صعبة بعد أطول فترة ركود منذ عام 1945.

أفاد أحدث تقرير صادر عن البنك الوطني النمساوي حول استقرار القطاع المصرفي، بأن البنوك النمساوية تتمتع حالياً بقاعدة رأسمالية متينة، حيث ارتفع معدل رأس المال الأساسي (Common Equity Tier 1) ليصل إلى 18.6% بحلول منتصف العام. ويُعزى هذا الارتفاع بشكل رئيسي إلى احتفاظ البنوك بجزء كبير من أرباحها المُحققة في عام 2024، ما يؤكد نجاح البنوك في الحفاظ على قوتها المالية واستقرارها.

توصيات البنك الوطني لمواجهة مخاطر الائتمان المتزايدة

في المقابل، أشار التقرير إلى استمرار المخاطر على القطاع المالي، لا سيما مع تفاقم مخاطر الائتمان المرتبطة بالقروض الممنوحة للعقارات التجارية، وذلك في ظل ركود الطلب على الائتمان من جانب الشركات بشكل عام، وتباطؤ وتيرة التخلف عن سداد القروض.

وحذر البنك الوطني النمساوي من أن متطلبات المخصصات للقروض المتعثرة مستقبلاً ستؤثر على الأرباح. لذلك، أوصى البنك بضرورة أن تضمن البنوك إدارة فعّالة لمخاطر الائتمان، بما في ذلك الإدارة النشطة للقروض المتعثرة، وذلك بهدف الحد من المخاطر النظامية التي قد تتهدد استقرار القطاع.

تعافٍ اقتصادي “هش” بعد أطول ركود

على الصعيد الاقتصادي الأوسع، أضاف التقرير أن الاقتصاد النمساوي يسير على طريق تعافٍ هش. وتأتي هذه البداية الحذرة للانتعاش بعد مرور سبعة أرباع من الركود، وهي أطول فترة ركود تشهدها البلاد منذ عام 1945، حيث انكمش خلالها الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2.8%. وبدأت تظهر بوادر انتعاش طفيف متأخرة في أواخر عام 2024.

أسهم نشاط القطاع العام في هذا الانتعاش الجزئي، إلا أن القطاعات الاقتصادية الرئيسية، كقطاع التصنيع والبناء والخدمات الموجهة للمستهلكين، ما زالت تعاني من ضعف واضح. وسجل الإنتاج الصناعي، خاصة في القطاعات التي تستهلك الطاقة بكثافة مثل الكيماويات والمعادن، انخفاضاً حاداً نتيجة لارتفاع تكاليف الطاقة والتحديات العالمية، ومن ضمنها الزيادات في الرسوم الجمركية الأميركية والتوترات الجيوسياسية.

ضعف الصادرات وحذر المستهلكين

شهدت الصادرات النمساوية تراجعاً بنسبة 6.2% منذ أواخر عام 2022، ما يشير إلى خسائر كبيرة في حصتها السوقية. كما يظل الاستهلاك الخاص ضعيفاً على الرغم من ارتفاع الدخول الحقيقية للأسر في عام 2024، حيث تبنت الأسر موقفاً حذراً وسط حالة من عدم اليقين المالي واستمرار ارتفاع التضخم. وارتفع معدل الادخار إلى 11.7%، ما يعكس تردد المستهلكين في الإنفاق.

بالإضافة إلى ذلك، يشهد الاستثمار في بناء المساكن تراجعاً مستمراً منذ منتصف عام 2022، وعلى الرغم من الارتفاع الأخير في إصدارات تصاريح البناء الذي قد يشير إلى احتمال حدوث تحسن، إلا أن مسار التعافي ما زال يوصف بـ “الهشاشة”.

توقعات بنمو متسارع حتى عام 2027

وفقاً للتوقعات المؤقتة الصادرة عن البنك الوطني النمساوي لشهر سبتمبر، يُتوقع أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 0.3% في عام 2025، وهو معدل أعلى قليلاً من توقعات يونيو التي بلغت 0.2%. ومن المتوقع أن يتسارع النمو خلال عامي 2026 و2027 ليصل إلى 0.8% و1.1% على التوالي، على الرغم من الإشارة إلى استمرار المخاطر السلبية، ومن أبرزها حالة عدم اليقين المحيطة بالسياسة التجارية العالمية أو أي ارتفاع مفاجئ في التضخم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى