الكشف عن العقل المدبر لشبكة إيران في فيينا: من هو علي محمد حاجي علي ناغي؟
فيينا – INFOGRAT:
كشفت تحقيقات موسعة نشرتها صحيفة DER STANDARD النمساوية بتاريخ 2 يوليو 2025 عن هوية العقل المدبر لشبكة إيرانية غامضة تنشط في العاصمة النمساوية فيينا، تحديداً في منطقة ليبولدشتات، والتي تورطت في صفقات مشبوهة ذات صلة بالنظام الإيراني، ما يعكس علاقات وثيقة تربط هذه المجموعة بنظام طهران.
الشخص المحوري في هذه الشبكة هو رجل أعمال يُدعى علي محمد حاجي علي ناغي، وهو في منتصف الستينيات من عمره، ولا توجد أي صورة منشورة له في وسائل الإعلام الدولية، ولا تتوفر معلومات موثقة عنه سوى لدى دائرة ضيقة جداً من المطلعين. وصفه مصدر مقرب بأنه “يعمل في الظل”، وأضاف أن الكشف عنه قد يعرضه لخطر الانتقام من قبل النظام الإيراني. ويُعتقد أن حاجي علي ناغي يقيم بين الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ويحظى بجنسية دول جزر الكاريبي، تحديداً سانت كيتس ونيفيس، التي تعتبر ملاذاً ضريبياً خارجياً.
يُعتبر حاجي علي ناغي أحد الركائز الأساسية التي تنسق الشؤون المالية للنظام الإيراني الخاضع لعقوبات دولية واسعة النطاق. فقد شغل قبل نحو عقد من الزمن منصب المدير التنفيذي لشركة أدوية طهرانية تُدعى Loghman، والتي تملكها مؤسسة دينية مرتبطة بشكل مباشر بالمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، ما يضع حاجي علي ناغي ضمن نطاق نفوذ النظام الرسمي الإيراني.
في منتصف يونيو 2025، كشفت الوثائق أن حاجي علي ناغي تلقى مهمة حساسة من الجيش الإيراني عقب هجوم إسرائيلي استهدف إيران في 13 يونيو من نفس العام. فبحسب تفويض رسمي صادر عن السلطات الإيرانية، كُلف حاجي علي ناغي بشراء هواتف فضائية مشفرة تُستخدم من قبل قوات الأمن الإيرانية، على أن تتم هذه العملية بسرعة وسرية تامة وبدون أي إجراءات بيروقراطية، وذلك لمواجهة ما وصف بـ “الهجوم الشامل للنظام الصهيوني المحتل”. يهدف هذا التدبير إلى حماية أجهزة الدولة الإيرانية من هجمات إلكترونية إسرائيلية محكمة، إضافة إلى التصدي لمؤامرات داخلية تهدد استقرار النظام.
تتضح أهمية حاجي علي ناغي أكثر عبر امتدادات نشاطاته داخل النمسا، حيث يظهر اسمه في الشركات التي تُدير أعمالاً في فيينا. ففي العاصمة النمساوية، تتواجد شركتان صغيرتان، هما CIH Investments Holding GmbH وLa Perle Properties، ويُعتقد أن حاجي علي ناغي يتحكم جزئياً فيهما، رغم أن أنشطة هذه الشركات ليست واضحة أو معلنة.
لكن الرابط الأبرز يتجسد في شركة Blue River Holding GmbH، والتي سبق وأن تناولتها تقارير DER STANDARD عدة مرات، كونها ذات صلات وثيقة بإيران. هذه الشركة التي يقع مقرها في شارع Lassallestraße في حي ليبولدشتات بفيينا، كانت تدير حتى وقت قريب فروعًا لسلسلة متاجر Spar في إيران، وذلك عبر حصولها على ترخيص من Spar International، الشركة الأم ومقرها في أمستردام، والتي تمنح تراخيص لشركات في دول عدة حول العالم لاستخدام علامة Spar التجارية مقابل رسوم مالية.
تُظهر الوثائق الجديدة، ومنها صكوك قانونية ورسائل إلكترونية، أن شركة Blue River ليست مملوكة فقط لشخص ظاهر في سجلات الشركات يدعى Konstantin E.، وهو رجل أعمال نمساوي سابق في مجال الطيران، ولكنه يُعتبر واجهة فقط، بل إن غالبية الأسهم (ما لا يقل عن 49%) تعود ملكيتها إلى حاجي علي ناغي وعائلته، بينما تمتلك مجموعة أخرى من الأشخاص ذوي الأصول الإيرانية في فيينا النسبة المتبقية.
هذا الاكتشاف يؤكد أن حاجي علي ناغي ليس مجرد وسيط عادي، بل يمتلك قاعدة اقتصادية في النمسا تمكّنه من تنفيذ مهام لصالح النظام الإيراني، مستفيداً من غطاء الأعمال التجارية العادية، خصوصاً عبر قطاع السوبرماركت الذي يستخدمه كمظهر تجاري لا يثير الشبهات.
السبب وراء اختيار اسم Spar تحديداً كما ذكر المطلعون، هو توفير قناع ظاهر سهل التقبل لمجموعة من الأنشطة الاقتصادية التي قد تكون مريبة أو محاطة بالشكوك. وقد رفضت شركة Blue River في كافة بياناتها السابقة الرد على الاتهامات أو توضيح دور حاجي علي ناغي في نشاطاتها.
أما Spar International، الجهة المانحة للتراخيص، فقد بدا أنها كانت على علم جزئي بهويّة المالكين الحقيقيين، إذ تلقت منذ عام 2019 تقارير ومعلومات مفصلة توضح وجود حاجي علي ناغي كمالك مخفي، مع طلبات بالحفاظ على “أقصى درجات السرية”. وفي بداية 2024، كلفت Spar International شركة استشارية رائدة لإجراء تحقيق دقيق في أنشطة Blue River، وأفادت بأن التحقيق لم يُظهر أدلة على انتهاك العقوبات أو وجود أشخاص سياسيين معرضين في سجلات المراقبة الدولية.علاوة على ذلك، شارك حاجي علي ناغي في فعاليات لشركة Spar International، منها مؤتمر عُقد في عام 2017 على جزيرة غران كناريا الإسبانية، حيث التقى بتوبياس واسموت، المدير التنفيذي لـ Spar International، وهو أحد أبرز مديري متاجر السوبرماركت على المستوى الأوروبي.



