الكشف عن “عميل مزدوج” في جهاز أمن الدولة النمساوي.. شرطي سرب معلومات لإرهابيين مشتبه بهم
تعرضت مديرية أمن الدولة وخدمات الاستخبارات (DSN) في النمسا لانتكاسة خطيرة، حيث تم الكشف عن شرطي يعمل ضمن صفوفها يشتبه في تسريبه معلومات حول تحقيقات جارية إلى إرهابيين إسلاميين مشتبه بهم. ويُخشى أن تكون خطط وعمليات واسعة النطاق ضد الأوساط الإسلاموية قد تعرضت للإفشال بسبب هذه التسريبات، وتأتي هذه الحادثة كـ “ضربة موجعة” للجهاز الذي كان قد بدأ للتو في تحسين سمعته، بحسب صحيفة profil النمساوية.
فقد وقع ما لم يكن في الحسبان مجدداً. تم الكشف عن “عميل مزدوج” داخل مديرية أمن الدولة وخدمات الاستخبارات (DSN)، وفقاً لما كشفت عنه مجلة “profil” حصرياً، ويُتهم الموظف بإبلاغ مشتبه بهم في قضايا إرهاب إسلامي عن تحقيقات قيد التنفيذ. وتم تفتيش منزل الشرطي المشتبه به في 7 أكتوبر، وهو تاريخ يحمل رمزية تاريخية (اليوم الذي نفذت فيه حماس هجوماً واسعاً في إسرائيل)، وتم إلقاء القبض عليه لفترة وجيزة وإيقافه عن العمل بشكل مؤقت.
وأكدت وزارة الداخلية النمساوية المعلومات التي توصلت إليها مجلة “profil“، مشيرة إلى أنه: “تم تحديد هوية الشخص بعد ظهور مخالفات تتعلق باتصاله بجماعة معادية للدستور، وبعد المراقبة المكثفة لهذه المخالفات، تم التوصل إلى معلومات جعلت إيقافه ضرورياً، وفي الوقت الحالي، لا تزال هذه المعلومات قيد التحقيق الشامل، ويتم إبلاغ النيابة العامة بالتطورات”.
الجاسوس كان يعمل حديثاً في DSN وله صلات بـ”الإخوان”
تخفي هذه الكلمات الرصينة قصة مثيرة للجدل: الرجل في منتصف الثلاثينيات من عمره، وهو من خلفية مهاجرة، ولم يعمل في DSN إلا منذ عام واحد تقريباً، وتم نقله إلى هناك بناءً على طلبه من مديرية شرطة فيينا، وبعد تسريبات داخلية في الماضي القريب، عززت DSN إجراءاتها الأمنية وقامت بفحص دقيق للغاية للموظفين الجدد، ولفت الزميل الجديد الانتباه بتصرفاته “غير العادية”، وفي النهاية، كشفت المراقبة عن أن لديه صلات واضحة بممثلين عن جماعة “الإخوان المسلمين”، وهي واحدة من أكبر التيارات الإسلامية التي نشأت في مصر وانتشرت اليوم في جميع أنحاء العالم العربي وأصبحت لاعباً سياسياً مهماً.
وتهدف الجماعة إلى “أسلمة المجتمع”، وهو ما يتعارض مع المبادئ الأساسية للديمقراطية وأسلوب الحياة الليبرالي والتعددي. ويُصنّف “الإخوان المسلمون” ضمن التيار الإسلاموي القانوني الذي يعمل عادة بدون عنف وفي إطار النظام القانوني القائم. وتنبثق من هذه الجماعة أحياناً مجموعات شبيهة بالإرهابية أو إرهابية. ولعل أشهرها على الإطلاق هي حركة حماس.
بدأ المحققون في فحص سلوك الشرطي، واستفساراته، واهتماماته بدقة، واكتشفوا أنه كان يحاول بشكل منهجي إخفاء نواياه الحقيقية واجتياز الفحص الأمني. وعندما توفرت أدلة كافية، أبلغت DSN بالحادثة للنيابة العامة وأزالت “التفاحة الفاسدة” المزعومة من الخدمة فوراً. وتجدر الإشارة إلى أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.
تزايد خطر الإسلاموية
يُحسب لـ DSN أنها استجابت بسرعة للقضية، لكن هذه الحالة تظل خطيرة. فقد ارتفع خطر الإرهاب الإسلامي في أوروبا بشكل كبير منذ موجة اللاجئين الكبيرة في عام 2015، وتفاقم بسبب الحرب في غزة. والكثير من اللاجئين السوريين الذين وصلوا إلى أوروبا في السنوات الأخيرة هم في الواقع فلسطينيون كانوا يعيشون في مخيمات للاجئين في سوريا. وبناءً على ذلك، فإن مستوى الحساسية العاطفية فيما يتعلق بالصراع في الشرق الأوسط مرتفع في أوساط معينة من السكان، وينعكس ذلك في إحصائيات الحوادث ذات الدوافع الإسلاموية.
وفقاً لـ “تقرير حماية الدستور”، ارتفعت الأفعال الجرمية ذات الدوافع الإسلاموية بنسبة 40% في عام 2024 وحده، ومنذ عام 2023، ظل مستوى التحذير من الإرهاب ثابتاً عند مستوى “عالٍ”، وقد ازداد الخطر بشكل كبير على اليهود، حيث تتزايد حوادث معاداة السامية في جميع أنحاء أوروبا، وتتراوح مستويات التصعيد من العداء إلى العنف وصولاً إلى الإرهاب، ويخلص “تقرير حماية الدستور” إلى أن: “هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 هو عامل مركزي في الزيادة الملحوظة في التهديدات الملموسة منذ نهاية عام 2023. وقد استمرت سلسلة التخطيطات للهجمات والهجمات الإرهابية اللاحقة في أوروبا في عام 2024″.
النمسا تتكرر في شبكات الإرهاب
وقعت بعض الحوادث الأخيرة في أوروبا: ففي 2 أكتوبر 2025، وقع هجوم في مانشستر، المملكة المتحدة، خلال عطلة “يوم كيبور” اليهودية. حيث قاد رجل سيارته نحو حشد من الناس قبل أن يطعن آخرين أمام كنيس يهودي، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص. وقتلت الشرطة الرجل، وهو إرهابي إسلامي، في الساعة 9:38 صباحاً.
وفي برلين، 1 أكتوبر، تم إلقاء القبض على ثلاثة أعضاء مفترضين في حماس. وهم ألماني يبلغ من العمر 36 عاماً من أصل لبناني، ولبناني المولد يبلغ من العمر 43 عاماً غير محدد الجنسية، بالإضافة إلى ألماني يبلغ من العمر 44 عاماً من أصل سوري. ويُزعم أن حماس كلفتهم بالحصول على أسلحة وذخيرة. وعثر المحققون أثناء الاعتقال على العديد من الأسلحة الصالحة للاستعمال، بما في ذلك مسدس من طراز Glock، وبندقية هجومية من طراز AK 47، وكمية كبيرة من الذخيرة. وقد كانت هذه الأسلحة مخصصة لهجمات على مؤسسات يهودية وإسرائيلية، كما أظهرت التحقيقات. وربما تكون هذه هي المرة الأولى التي تخطط فيها حماس فعلاً لهجمات إرهابية على الأراضي الأوروبية. ففي السابق، كان يتم التركيز في أوروبا على جمع الأموال وغسلها. وعلى أي حال، كان المعتقلون في برلين تحت تركيز التحقيقات لفترة طويلة، وشاركت في هذه التحقيقات النمسا بالإضافة إلى جهاز الاستخبارات الإسرائيلي Mossad.
لماذا النمسا؟ اكتشفت DSN أن الأسلحة قد تم تنظيمها من السويد وتم توريدها ونقلها عبر طرق مرت أيضاً بـ النمسا. وهذا ليس مستغرباً على الإطلاق. فلطالما اعتُبرت النمسا مركزاً لحركة حماس. وتذهب الولايات المتحدة إلى أبعد من ذلك. فكما ذكرت مجلة “profil” حصرياً قبل عام، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية في 7 أكتوبر 2024 عقوبات على فلسطيني يعيش في فيينا. وتصفه السلطات الأمريكية والإسرائيلية بأنه “قائد حماس في أوروبا”. ويعيش Adel D. في فيينا وكان مؤسساً لـ “الجمعية الفلسطينية النمساوية” (PVÖ).



