المستشار النمساوي: “لن نخضع للابتزاز السياسي من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أو حكومته”
INFOGRAT – فيينا:
أعلنت شركة OMV النمساوية مساء الجمعة أن شركة غازبروم الروسية أخطرتها بوقف إمدادات الغاز إلى النمسا اعتبارًا من صباح السبت، وذلك في خطوة مفاجئة جاءت قبل الموعد المتوقع. وعلى الرغم من هذا التوقف، أكدت كل من OMV وهيئة تنظيم الطاقة E-Control أن النمسا لن تواجه أي أزمة في إمدادات الغاز خلال فصل الشتاء الحالي، بينما سعى المستشار النمساوي كارل نهامر (ÖVP) إلى طمأنة المواطنين بأن الإمدادات مؤمنة بالكامل.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، يرتبط وقف الإمدادات بنزاع قانوني بين OMV وغازبروم، حيث حصلت OMV على حكم قضائي لصالحها من محكمة التحكيم التابعة للغرفة التجارية الدولية. وقضى الحكم بمنح OMV تعويضًا قدره 230 مليون يورو بالإضافة إلى الفوائد بسبب الإمدادات الغازية غير المستلمة في ألمانيا. وبناءً على هذا القرار، أعلنت OMV أنها ستتوقف عن سداد المدفوعات لغازبروم حتى تستعيد المبلغ المستحق.
رغم اعتماد النمسا الكبير على الغاز الروسي، حيث أظهرت الإحصائيات أن 82% من واردات الغاز في أغسطس الماضي جاءت من روسيا، أكدت OMV أنها مستعدة لمثل هذا السيناريو منذ سنوات، مشيرة إلى اتخاذها إجراءات لضمان استمرار الإمدادات من مصادر بديلة.
ضمان بدائل الغاز واستقلالية النمسا
أكد المدير التنفيذي لـ E-Control، ألفونس هابر، أن النمسا لم تعد تعتمد بشكل كامل على الغاز الروسي بعد الجهود المكثفة لتأمين مصادر بديلة. وأوضح أن الإمدادات البديلة تأتي من النرويج ومن إنتاج محلي، بالإضافة إلى الغاز الطبيعي المسال الذي يتم توريده عبر ألمانيا وإيطاليا.
وأشار هابر إلى أن المراقبة المستمرة لوضع الإمدادات تتم على مستوى عالٍ من الدقة لضمان عدم حدوث نقص. وفي تصريحاته، أوضح أن نقطة التوزيع الرئيسية للغاز الروسي في باومغارتن (Baumgarten) في النمسا السفلى ما زالت تستقبل الغاز وإن كان بمعدلات تدفق أقل.
طمأنة من الحكومة والاحتياطات الاستراتيجية
أكد المستشار كارل نهامر في بيان صحفي مساء الجمعة أن النمسا قد أعدت احتياطاتها لمواجهة أي طارئ، مشيرًا إلى أن مخازن الغاز ممتلئة بنسبة 93%، وهو ما يكفي لتلبية احتياجات البلاد لفترة تتجاوز العام. وأضاف أن النمسا تمتلك احتياطيًا استراتيجيًا يبلغ حوالي 20 تيراواط/ساعة من الغاز لتغطية أي عجز محتمل.
وشدد نهامر على أن الحكومة ملتزمة بعدم السماح بأي تلاعب في السوق أو استغلال هذا الوضع لرفع الأسعار، مؤكدًا أن النمسا تعمل على تقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري والتوجه نحو مصادر طاقة مستدامة. كما وجه رسالة إلى روسيا قائلًا: “لن نخضع للابتزاز السياسي من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أو حكومته”.
تحذيرات من ارتفاع الأسعار رغم الاستعدادات
على الرغم من التطمينات الحكومية، أشار المحللون إلى احتمال تأثير التوقف على أسعار الغاز، خاصة مع ارتفاع الأسعار الفوري في الأسواق الأوروبية. وفقًا لتقارير وكالة بلومبرغ، قفز سعر الغاز الأوروبي بنسبة كبيرة فور إعلان غازبروم، حيث بلغ السعر المرجعي في بورصة أمستردام أكثر من 46 يورو لكل ميجاواط/ساعة، وهو أعلى مستوى له منذ أكثر من عام.
مواقف سياسية حول الأزمة
أوضحت وزيرة البيئة ليونور غيفسلر (Grüne) أن هذا التطور يثبت أن روسيا ليست شريكًا موثوقًا به، مؤكدة أن النمسا ستستفيد من الاستقلالية الجديدة بعيدًا عن الغاز الروسي. من جهته، أشار الأمين العام لحزب الحرية (FPÖ)، كريستيان هافنيكر، إلى أن هذا الموقف الروسي جاء نتيجة لتغيير النمسا موقفها الحيادي.
أما المدير التنفيذي السابق لـ OMV، غيرهارد رويس، فقد دعا الحكومة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتقليل تأثير الأزمة على المستهلكين. وأوضح أن على الحكومة استخدام الاحتياطي الاستراتيجي بشكل ذكي للحد من ارتفاع الأسعار في السوق، مشيرًا إلى ضرورة تعديل التشريعات إذا لزم الأمر.
مستقبل التعاون مع غازبروم
رغم الأزمة، يبقى الوضع غامضًا بشأن استمرار تدفق الغاز الروسي عبر النمسا إلى دول أخرى، حيث أفادت تقارير أن الإمدادات إلى أوروبا عبر باومغارتن قد تستمر وإن توقفت فقط لصالح OMV بسبب النزاع القانوني. من المتوقع أن ينتهي التعاون بين OMV وغازبروم بالكامل بداية العام المقبل مع انتهاء العقود بين روسيا وأوكرانيا بشأن عبور الغاز.



