المفوضية الأوروبية توصي بفتح إجراءات عجز ضد النمسا بعد تجاوز عتبة 4.5%
فيينا – INFOGRAT:
أعلنت مصادر أوروبية مطلعة أن المفوضية الأوروبية تعتزم يوم الأربعاء التوصية بفتح إجراءات العجز (Defizitverfahren) ضد جمهورية النمسا، على خلفية تجاوز الأخيرة لمعايير العجز المسموح بها في الاتحاد الأوروبي. وتتطلب هذه الخطوة موافقة وزراء الاقتصاد والمالية الأوروبيين، الذين سيجتمعون في 20 يونيو/حزيران في لوكسمبورغ و8 يوليو/تموز في بروكسل.
وجاء ذلك تزامنًا مع نشر المفوضية لحزمة الربيع ضمن “الفصل الأوروبي – Europäisches Semester”، التي تتضمن توصيات سياسية واقتصادية وإصلاحية إلى جانب تقارير رقابية على الميزانيات الحكومية في الدول الأعضاء، لا سيّما تلك المعرضة لتجاوز معايير العجز والديون.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، بلغ العجز في الميزانية النمساوية 4.7% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، ومن المخطط أن يصل إلى 4.5% في 2025، ما يتجاوز بشكل واضح معايير “اتفاقية ماستريخت – Maastricht-Kriterien” التي تحدد سقف العجز عند 3% والديون السيادية عند 60% من الناتج المحلي الإجمالي.
ويستند هذا التقييم إلى معايير ميثاق الاستقرار والنمو (Stabilitäts- und Wachstumspakt)، حيث تقوم المفوضية الأوروبية بفحص ما إذا كان العجز ناجمًا عن زيادة في الاستثمارات العامة أم عن تدهور في الوضع المالي العام. بناءً على هذه الفحوصات، تصدر المفوضية توصيتها بفتح الإجراء.
الحكومة النمساوية لا تخشى الإجراءات
من جانبه، أكد وزير المالية ماركوس مارتر باور (SPÖ) أنه لا يخشى فتح الإجراء، كما طمأن الرئيس الاتحادي ألكسندر فان دير بيلين المواطنين بقوله إنه لا يرى “سببًا للذعر”. وأوضح ممثل المفوضية الأوروبية في النمسا، باتريك لوبيس (Patrick Lobis)، أن الإجراءات المتخذة ضمن الإجراء تُحدد من قبل الحكومة المعنية، قائلاً: “لن يتم وضع البلاد تحت وصاية”.
وفي حال تم إطلاق الإجراء، ستتعاون بروكسل وفيينا لوضع خطة مشتركة لخفض العجز، مع تحديد مستويات يجب الوصول إليها في السنوات القادمة. وتمتد مدة الإجراء عادةً لأربع سنوات، ولا تفرض المفوضية إجراءات محددة، بل تُترك للحكومة النمساوية حرية الاقتراح.
الخبراء: تقشف صعب وضرورة إصلاحات هيكلية
أكد خبراء الاقتصاد خلال جلسة استماع في لجنة الميزانية بالبرلمان الوطني يوم الثلاثاء، أن توطيد الميزانية “Budgetkonsolidierung” لن يكون أمرًا سهلاً، مشيرين إلى أن الإجراءات المعلنة حتى الآن قد لا تكون كافية. وطالبوا بإصلاحات هيكلية، خاصة في مجالي الفيدرالية ونظام التقاعد.
وصرّح رئيس المجلس المالي “Fiskalrat”، كريستوف بادلت (Christoph Badelt)، بأن حزمة التقشف الحالية تسد فقط الثغرات العاجلة، مضيفًا أن الديناميكيات بين الإيرادات والنفقات لا تزال غير متوازنة. وبيّن أنه من الضروري توفير ستة مليارات يورو إضافية خلال هذه الدورة التشريعية لتحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي.
دعوات إلى إصلاح نظام التقاعد
من جهتها، رأت الاقتصادية مارغيت شراتزنشتالر (Margit Schratzenstaller) من معهد WIFO والمقترحة من حزب الخضر، أن نجاح ميزانية الحكومة ليس مضمونًا بعد، وأن نجاح “مجموعات العمل” التي شكلتها الحكومة سيكون حاسمًا. ودعت إلى استغلال الفرصة الحالية لإطلاق إصلاح للفيدرالية.
أما مونيتا كوبل-تورينا (Monika Köppl-Turyna) من معهد Eco-Austria، التي اقترحتها NEOS، فأكدت أن الإجراءات الحالية غير كافية، مشيرة إلى وجود شكوك كبيرة وإفراط في “الأمنيات السياسية”، كما طالبت بإجراء إصلاح شامل لنظام التقاعد.
انتقادات لاذعة من خبير مرشح من FPÖ
قدّم الخبير مارتن غوندينغر (Martin Gundinger)، مرشح حزب FPÖ والعامل في معهد هايك (Hayek-Institut)، تقييماً سلبيًا للغاية، متوقعًا أن تكون الوضعية المالية أسوأ بنهاية الدورة التشريعية. ودعا إلى خفض جذري في نفقات الدولة، مؤكدًا أن البلاد تحتاج إلى إصلاحات هيكلية جذرية تتجاوز التعديلات الشكلية، مؤيدًا السياسة الاقتصادية للرئيس الأرجنتيني الليبرالي المتطرف خافيير ميلاي (Javier Milei).
دعوات لفرض ضرائب على الثروة
من ناحيته، أيد خبير غرفة العمل “Arbeiterkammer” جورج فيغل (Georg Feigl)، والذي رشحته SPÖ، بدء عملية التوطيد، لكنه أعرب عن أسفه لعدم فرض ضرائب على الثروات، ما كان من شأنه تخفيف الإجراءات التي تطال أصحاب الدخل المحدود. كما انتقدت شراتزنشتالر التقليص في مجال حماية المناخ في وقت تُوسّع فيه الإعانات الضارة بيئيًا، مثل “Pendlereuro”، بينما رأت كوبل-تورينا أن نسبة الضرائب لا تزال مرتفعة جدًا.
قانون مرافقة الميزانية أُحيل إلى الجلسة العامة
وفي تطور متصل، أحالت لجنة الميزانية يوم الثلاثاء مشروع قانون مرافقة الميزانية “Budgetbegleitgesetz” إلى الجلسة العامة للمجلس الوطني، بدعم من أحزاب الحكومة ÖVP، SPÖ وNEOS. ومن المقرر أن تتم مناقشته وإقراره خلال أسبوع الجلسات العامة الذي يبدأ في 16 يونيو/حزيران.



