النمسا تدعو لمفاوضات عادلة لإنهاء الحرب وسط ارتفاع أعداد اللاجئين الأوكرانيين

أكدت النمسا على أهمية التوصل إلى حل تفاوضي لإنهاء الحرب الروسية ضد أوكرانيا، مشددة على ضرورة مشاركة كييف المباشرة في أي محادثات سلام. وأوضحت أن أي تسوية يجب أن تكون “عادلة وغير مفروضة” على الأوكرانيين.

جاء ذلك في تصريح لوزارة الشؤون الأوروبية والخارجية النمساوية لوكالة الأنباء الأوكرانية يوكرينفورم، حيث أشارت إلى أن 24 فبراير يوافق الذكرى الثالثة لاندلاع الحرب، مؤكدة أن “كل حرب يجب أن تنتهي في نهاية المطاف على طاولة المفاوضات”.

وشددت الوزارة على أن أوكرانيا وحدها تملك الحق في تحديد مسار السلام، قائلة: “الأمر يعود للأوكرانيين ليقرروا متى وأين وكيف سيتم التوصل إلى السلام. لا يمكن أن تكون هناك مفاوضات بشأن أوكرانيا دون مشاركة أوكرانية”.

بالتزامن مع ذلك، تتواصل المساعي الدولية لتحقيق تسوية سلمية، حيث صرّح مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز بأن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يعتزم “المضي قدمًا بسرعة” نحو إجراء مفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا، مع اتخاذ خطوات ملموسة لدفع جهود التسوية.

يُذكر أن وفودًا أمريكية وممثلين عن روسيا عقدوا محادثات في 18 فبراير في العاصمة السعودية الرياض، لبحث سبل إنهاء الصراع وإحلال السلام في أوكرانيا.

ارتفاع أعداد الأوكرانيين في النمسا والتحديات التي تواجه اندماجهم

بعد ثلاث سنوات من بدء الحرب الروسية ضد أوكرانيا، شهدت النمسا زيادة كبيرة في أعداد الأوكرانيين المقيمين على أراضيها. فبحلول بداية عام 2025، بلغ عدد المواطنين الأوكرانيين المقيمين في النمسا 87,949 شخصًا، بينما وصل عدد الأشخاص المولودين في أوكرانيا إلى 88,718، وهو ما يمثل زيادة بمقدار ستة أضعاف مقارنة بالفترة التي سبقت الحرب، وفقًا لورقة الحقائق الصادرة عن صندوق التكامل النمساوي (ÖIF). وتتركز غالبية الأوكرانيين في العاصمة فيينا، حيث يقيم نحو 45% منهم، بينما لا يزال التحدي الأكبر يتمثل في إدماجهم بسوق العمل.

البطالة واندماج سوق العمل

بحلول نهاية عام 2024، بلغ معدل البطالة بين الأوكرانيين في النمسا 16.9%، وهو ما يفوق بكثير متوسط معدل البطالة في البلاد الذي يبلغ 7.0%. ومن أبرز التحديات التي تعيق حصول الأوكرانيين على فرص عمل: الاعتراف بالمؤهلات التعليمية الأجنبية، الحواجز اللغوية، والتكيف مع سوق العمل النمساوي.

مستوى تعليمي مرتفع واستعداد للعمل

ورغم تحديات سوق العمل، فإن الأوكرانيين يتمتعون بمستوى تعليمي مرتفع، حيث أظهرت دراسة أجراها صندوق التكامل النمساوي أن 75% من النازحين الأوكرانيين حاصلون على شهادات جامعية، ويطمحون إلى الاعتراف بمؤهلاتهم في النمسا. كما كشفت الدراسة عن استعداد كبير للعمل، حيث بلغت نسبة المشتغلين من الأوكرانيين في النمسا 43.7%.

حقوق الحماية المؤقتة وتسهيلات الإقامة

منذ مارس 2022، تمكن المواطنون الأوكرانيون من الحصول على وضع الحماية المؤقتة في النمسا بموجب قانون النازحين، والذي يضمن لهم حقوقًا واسعة النطاق، تشمل الإقامة، والوصول إلى سوق العمل، والاستفادة من المزايا الاجتماعية، والتعليم، والرعاية الصحية. وتم تمديد هذا الوضع مؤخرًا حتى مارس 2026، مع إدخال تعديلات في 1 أكتوبر 2024 تتيح إمكانية التحول إلى البطاقة الحمراء-البيضاء-الحمراء بلس، مما يمنح اللاجئين الأوكرانيين خيارًا طويل الأمد للبقاء في النمسا.

تحسن في تعلم اللغة الألمانية وزيادة الشعور بالانتماء

كشف صندوق التكامل النمساوي عن تحسن ملحوظ في مستوى اللغة الألمانية بين الأوكرانيين في النمسا، حيث أصبح 11.2% منهم قادرين على التحدث باللغة الألمانية بطلاقة وفهمها وكتابتها بثقة. وبرز تطور ملحوظ في المهارات اللغوية لدى النساء الأوكرانيات بشكل خاص. وأظهرت الدراسة أن إتقان اللغة الألمانية له تأثير مباشر على مستوى الرضا عن الحياة في النمسا، حيث أعرب 64.5% من الأوكرانيين الذين صنفوا مستواهم اللغوي بـ”العالي” عن رضاهم الكبير عن حياتهم في البلاد.

التكامل الاجتماعي ومستقبل اللاجئين الأوكرانيين في النمسا

يحمل الأوكرانيون بشكل عام وجهة نظر إيجابية تجاه التعايش في النمسا، حيث أظهرت نتائج استطلاع التكامل لعام 2024 أن 70% من الأوكرانيين يرون أن التعايش مع النمساويين يسير بشكل جيد. كما أفاد 59% منهم بأنهم يشعرون بالانتماء إلى النمسا، في حين أن 63% لا يزالون يحتفظون بارتباط قوي بأوكرانيا. وبشأن ظروفهم المعيشية، قال نحو 50% من المشاركين إن وضعهم قد تحسن، في حين أبلغ 11% عن تراجع في ظروفهم الحياتية.

أما فيما يتعلق بخططهم المستقبلية، فلا تزال مسألة البقاء في النمسا أو العودة إلى أوكرانيا محل تردد بين كثير من اللاجئين. وأظهرت الدراسة أن 3% فقط من المشاركين لديهم خطط ملموسة للعودة قريبًا، في حين يخطط 56% للبقاء في النمسا على المدى الطويل، بينما لا يزال 29% غير متأكدين من قرارهم.

التضامن النمساوي مع اللاجئين الأوكرانيين

رغم استمرار الحرب وتزايد أعداد اللاجئين، يظل مستوى التضامن مع الأوكرانيين في النمسا مرتفعًا، حيث أظهر الاستطلاع أن 60% من النمساويين ينظرون بإيجابية إلى التعايش مع اللاجئين الأوكرانيين. ومع ذلك، أعرب 23% منهم عن قلقهم من احتمال توسع رقعة الحرب في أوكرانيا وتأثيرها المحتمل على الأوضاع في النمسا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى