النمسا تسجل قفزة في بلاغات غسل الأموال عام 2024 وهيئة الرقابة تعتمد “صفر تسامح”
فيينا – INFOGRAT:
شهدت النمسا في عام 2024 قفزة ملحوظة في عدد بلاغات الاشتباه المرتبطة بجرائم غسل الأموال، بحسب ما أعلنته هيئة الرقابة على الأسواق المالية (Finanzmarktaufsicht – FMA) مساء الثلاثاء خلال لقاء إعلامي مع الصحافيين في فيينا. فقد ارتفع عدد البلاغات من نحو 6,000 حالة في عام 2023 إلى ما يقارب 11,000 حالة في عام 2024.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، اعتبر عضو مجلس إدارة الهيئة Eduard Müller هذا التطور بمثابة “دليل على ارتفاع درجة الوعي والتزام المؤسسات المالية بالإبلاغ”.
غرامات بملايين اليوروهات بسبب خروقات في الرقابة على غسل الأموال
وقال Müller في تصريحاته:
“الأرقام تُظهر أن الوعي بشأن غسل الأموال قد ترسّخ فعليًا في القطاع المالي”،
مشددًا على أن الهيئة تتبنى “سياسة عدم تسامح مطلق” حيال أي إخلال في منظومة الوقاية من غسل الأموال. وأضاف أن الغرامات التي فُرضت في عام 2024 بلغت ما يقارب 4.5 مليون يورو، مقابل أقل من مليون يورو في العام السابق، مشيرًا إلى أن هذا الارتفاع يعزى إلى حالتين تم فيهما رصد إخفاقات تتعلق بالتعامل مع البنوك المراسلة (Korrespondenzbanken).
تضاعف في عدد التحقيقات الرسمية… وثبات في عمليات التفتيش
وبحسب التقرير السنوي الذي نشرته الهيئة يوم الثلاثاء والمتعلق بمكافحة غسل الأموال لعام 2024، فقد تم فتح 78 تحقيقًا رسميًا خلال العام، مقارنة بـ39 تحقيقًا فقط في عام 2023، أي ما يقارب الضعف. ومع ذلك، بقي عدد الزيارات التفتيشية الميدانية (Vor-Ort-Prüfungen) على حاله دون تغيير عند 20 عملية، كما لم تسجل أي زيادة في عدد اختبارات الكفاءة والمطابقة (Fit & Proper-Prüfungen) والتي بلغ عددها 11، حيث يتم خلالها اختبار مسؤولي مكافحة غسل الأموال في المؤسسات المالية بشأن مدى إلمامهم باللوائح والتعليمات ذات الصلة.
النمسا على “القائمة البيضاء” لمجموعة العمل المالي FATF
وفي سياق متصل، أشارت الهيئة إلى أن النمسا لا تزال حاليًا مدرجة على “القائمة البيضاء” لمجموعة العمل المالي الدولية (Financial Action Task Force – FATF)، وهي الجهة التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، والتي تُعنى بمراقبة امتثال الدول للمعايير العالمية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وتقوم هذه الهيئة بمراجعة معمّقة لممارسات الدول، بما يشمل فحص أداء الشركات، والبنوك، والجهات الرسمية المعنية.
ومن المقرر أن تخضع النمسا قريبًا لجولة من الزيارات التفقدية الميدانية من قِبل خبراء FATF، حيث تُقيَّم النتائج وفقًا لقوائم علنية. وأوضحت FMA أن إدراج أي دولة على ما يُعرف بـ”القائمة الرمادية” (Graue Liste) – التي تضم الدول التي تعاني من أوجه قصور كبيرة في مكافحة غسل الأموال – يؤدي غالبًا إلى تداعيات اقتصادية خطيرة، من بينها فرض قيود على حركة الأموال دوليًا، وخسائر مالية تقدر بعشرات المليارات من اليوروهات. ومع ذلك، عبّرت الهيئة عن ثقتها بأداء القطاع المالي النمساوي، حيث قال Helmut Ettl، عضو مجلس إدارة الهيئة:
“شهدنا في الفترة الأخيرة تطورات إيجابية ملحوظة على مستوى السوق المالية”.
آمال معلقة على انطلاقة وكالة مكافحة غسل الأموال الأوروبية AMLA
وأعربت FMA عن تطلعاتها الكبيرة نحو الوكالة الأوروبية الجديدة لمكافحة غسل الأموال (Anti-Money Laundering Authority – AMLA)، التي بدأت عملها رسميًا هذا العام. ومن المتوقع أن تضم الوكالة بنهاية 2025 بين 80 إلى 100 موظف، مع خطة لرفع العدد إلى حوالي 400 موظف في المدى المتوسط. وتهدف AMLA إلى رصد الأنماط الإجرامية الحديثة، وتعزيز التعاون عبر الحدود بين الهيئات الرقابية في الدول الأعضاء.
الجدير بالذكر أن فيينا كانت من المدن التي قدمت ترشيحها لاحتضان المقر الرئيسي للوكالة، إلا أن فرانكفورت فازت باستضافة المقر، في خطوة أعربت الهيئة النمساوية عن أسفها لها، خاصة أنها شاركت بنشاط في عملية تأسيس الوكالة وكانت تأمل في أن تصبح العاصمة النمساوية مركزًا إداريًا لها.



