النمسا تفتح طريق جديد في العدالة.. حوار بين الضحية والجاني يساعد لتجاوز آثار الصدمة
فيينا – INFOGRAT:
أطلقت ولاية تيرول، إلى جانب ثلاث ولايات نمساوية أخرى، مشروعًا تجريبيًا جديدًا في مجال العدالة يُعرف باسم “حوار الضحية والجاني”، والذي يتيح للضحايا والجناة فرصة لمعالجة آثار الجريمة على المستوى الشخصي، بعيدًا عن الإجراءات القانونية التقليدية.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، يتيح هذا المشروع، الذي يُجرى على أساس تطوعي ومجاني، إمكانية طرح الأسئلة وتبديد الشكوك التي قد تراود الضحايا والجناة على حد سواء بعد وقوع الجريمة، وأوضحت كريستين هينينغ، مديرة منظمة “Neustart Tirol”، أن الحوار يمكن أن يتم قبل أو أثناء أو بعد المحاكمة الجنائية، وهو متاح لمعظم الجرائم، بما في ذلك الاعتداءات الجسدية والابتزاز وجرائم الأموال.
إجراءات الحوار ودور الوسطاء
يتم تنظيم وإدارة هذا الحوار من قبل جمعية “Neustart”، التي تقدم دعمًا من خلال وسطاء متخصصين يُطلق عليهم “منظمو النزاعات”، وأشارت هينينغ إلى أن الضحية ليست مضطرة لمقابلة الجاني بشكل مباشر، حيث يمكن تبادل الرسائل عبر الوسيط، أو إجراء اللقاء إذا كان ذلك مطلوبًا من الطرفين.
أهمية الحوار للضحايا
أكدت هينينغ أن الضحايا غالبًا ما يبقون لفترات طويلة تحت تأثير الجريمة، وقد يكون من المفيد لهم معرفة أسباب وقوعها والخلفيات التي دفعت الجاني إلى ارتكابها، بالإضافة إلى الحصول على إجابة لسؤال “لماذا أنا بالذات؟”. كما أن سماع اعتذار من الجاني قد يكون ضروريًا للضحايا لمساعدتهم على إيجاد شكل من أشكال الإغلاق النفسي. وأشارت إلى أن هذه الفرصة نادرًا ما تكون متاحة في المحاكمات القضائية العادية، كما أن هناك إمكانية للحصول على تعويض مالي عن الأضرار.
فرص للجناة أيضًا
لا يقتصر دور هذا المشروع على دعم الضحايا فحسب، بل يوفر أيضًا فرصة للجناة لمواجهة عواقب أفعالهم وتعزيز وعيهم بالضرر الذي تسببوا فيه، مما قد يسهم في تقليل احتمال تكرار الجريمة. وأضافت هينينغ أن اللقاءات بين الضحية والجاني قد تحدث بشكل غير متوقع في المناطق الريفية، لذا فإن وجود وسيلة لتصفية الأجواء قد يكون ذا فائدة كبيرة.
إطار للحوار ومعالجة الجريمة
وصفت هينينغ المشروع بأنه يوفر مساحة يتم فيها معالجة الجريمة دون محوها، حيث يمكن للأطراف التوصل إلى تفاهم يخفف من حدة التوترات المستقبلية. وقالت: “قد لا تمحو هذه المحادثات الجريمة، لكنها تتيح للطرفين الشعور بأن الأمور قد سُويت، بحيث لا يحتاجان إلى إعادة فتح الموضوع في كل مرة يلتقيان فيها بالصدفة.”
مشروع تجريبي في أربع ولايات حتى 2026
إلى جانب تيرول، يُنفذ المشروع أيضًا في ولايات فيينا، وكارنتن، وسالزبورغ، ومن المقرر أن يستمر حتى نهاية عام 2026، حيث يخضع لدراسة علمية لتقييم نتائجه. حاليًا، بدأت النيابة العامة بإرسال خطابات إلى المتهمين والضحايا لإعلامهم بالمشروع وإتاحة فرصة المشاركة لهم.



