النمسا تلغي سرية المعلومات العامة بعد 100 عام وتدخل عصر الشفافية القانونية وتلزم بالنشر الاستباقي للبيانات الرسمية
ستلغي الحكومة النمساوية رسمياً من يوم الاثنين مبدأ “سرية الوظيفة العامة” بعد مئة عام من تطبيقه، لتدخل دولة النمسا في عهد جديد من الشفافية القانونية التي تنظّم الوصول إلى المعلومات الرسمية، وذلك عقب سنوات من المناقشات والمفاوضات الطويلة، واعتماد القانون قبل نحو عام ونصف. ويهدف القانون الجديد إلى إلزام السلطات بنشر المعلومات ذات الصلة بشكل استباقي وإتاحة طلب المعلومات من قبل المواطنين، مع الحفاظ على بعض الاستثناءات لحماية الأمن القومي وخصوصية البيانات، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).
وفقاً للقانون الجديد، أصبح الحفاظ على السرية في المؤسسات العامة الاستثناء، فيما أصبح نشر المعلومات “بشكل استباقي” واجباً على السلطات إذا كانت المعلومات ذات صلة بشريحة واسعة من المواطنين أو “ذات اهتمام عام”. ويقع على عاتق السلطات مسؤوليتان أساسيتان: نشر المعلومات ذات الصلة تلقائياً، مثل الدراسات والتقارير والعقود التي تزيد قيمتها عن 100,000 يورو، أو الاستجابة لطلبات المواطنين مباشرة للحصول على المعلومات.
يشمل القانون جميع الهيئات الإدارية في المستوى الفدرالي والمحلي في المدن التي يزيد عدد سكانها عن 5,000 نسمة، وكذلك المؤسسات أو الشركات التي تتولى مهاماً حكومية. كما يشمل الصناديق والمؤسسات والمشاريع التي تخضع لرقابة ديوان المحاسبة (Rechnungshof) أو ديوان محاسبة الدولة. من المستثنى من ذلك الشركات المدرجة في البورصة.
يتم نشر المعلومات عبر سجل المعلومات الإلكتروني Data.gv.at، بينما يمكن للبرلمان وديوان المحاسبة والمحاكم استخدام مواقعهم الخاصة مع استثناءات محدودة. ويُطبق القانون على المعلومات التي تُنتج بعد سريان القانون، دون إلزام السلطات بنشر البيانات القديمة بشكل رجعي.
يمكن لأي شخص تقديم طلب للحصول على المعلومات مجاناً، عبر طلب غير رسمي، على أن تكون المعلومات موجودة وموثقة في الجهة المختصة وقت تقديم الطلب. يُلزم القانون الجهة المعنية بالرد خلال أربعة أسابيع، مع إمكانية تمديد المدة إلى ثمانية أسابيع في الحالات المعقدة.
مع ذلك، لا يشمل القانون كل أنواع المعلومات، إذ يمكن رفض الإفصاح إذا كان ذلك يهدد الأمن القومي، المصالح الخارجية، البيانات الشخصية الحساسة، أو الأسرار التجارية. ويجب على الجهة الإدارية تقديم مبرر واضح للرفض مع مراعاة مبدأ “التناسب”، أي التحقق من أن الإفصاح سيؤدي بالفعل إلى الإضرار بمصالح محمية.
يشير القانون أيضاً إلى أن معالجة طلبات المعلومات ستزيد الأعباء الإدارية، مع إمكانية الإفصاح الجزئي بعد حذف المعلومات الحساسة. ويهدف القانون إلى تعزيز الشفافية، بحيث يمكن للمواطنين معرفة، على سبيل المثال، المبالغ التي صرفتها بلدية على مشروع معين أو كيفية اتخاذ وزارة لقرار ما، مع حق الطعن لدى المحكمة الإدارية إذا تم رفض الطلب.
تم إعداد التعديلات القانونية منذ عام 2020 من قبل ائتلاف ÖVP-الخضر، وتم اعتمادها في المجلس الوطني في أوائل 2024. وبما أن إلغاء سرية الوظيفة العامة يتطلب تعديل الدستور، فقد تطلب الأمر موافقة الثلثين في المجلس الوطني وموافقة المجلس الاتحادي، مع دعم من SPÖ. رفضت أحزاب FPÖ وNEOS القانون، مع احتجاجات على استثناءات للبلديات التي يقل عدد سكانها عن 5,000 نسمة، واستثناءات للبرلمانات الإقليمية والغرف المهنية. وتم تأجيل سريان القانون لتوفير الوقت اللازم للتدريب وإعداد الأدلة، مع تعديل 140 قانوناً فرعياً لدعم التنفيذ الكامل.



