النمسا وألمانيا ترفضان تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل وسط انقسامات أوروبية حادة

ناقش قادة دول وحكومات الاتحاد الأوروبي في قمتهم المنعقدة يوم الخميس في بروكسل تقريرًا أوروبيًا ينتقد بشدة تصرفات إسرائيل في قطاع غزة، إلا أنهم لم يتخذوا قرارًا بتعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، ولم يحددوا موقفًا واضحًا بشأنها، رغم دعوات متكررة من عدة دول أعضاء، منها سلوفينيا وإيرلندا، للتعليق الفوري بسبب ما اعتبروه انتهاكًا واضحًا للمادة الثانية من الاتفاق.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، أكد بيان القمة أن المجلس الأوروبي “يأخذ علمًا بالتقرير”، وأوصى بمواصلة مناقشته في يوليو/تموز 2025 مع الأخذ بعين الاعتبار التطورات الميدانية. وسبق أن صرّحت كاجا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد، بأن الاتحاد قرر مراقبة الوضع عن كثب والانخراط في “حوار منظم”، مع احتمال إعادة النظر في تعليق الاتفاق إذا لم تتحسن الأوضاع.

انقسام داخل الاتحاد الأوروبي حول التعامل مع إسرائيل

شهدت بداية القمة تجدد الانقسامات بين الدول الأعضاء. فقد دعا لوك فريديـن، رئيس وزراء لوكسمبورغ، إلى إبقاء قنوات الحوار مفتوحة بدل تعليق الاتفاقيات، معتبرًا أن ما يجري في غزة “لا يمكن تبريره إنسانيًا”. بينما قال رئيس وزراء سلوفينيا روبرت غولوب إن “رد فعل الاتحاد غير كافٍ” وإن بعض الدول “تفضل مصالحها على حقوق الفلسطينيين”، مؤكدًا أن دولًا مثل سلوفينيا “مستعدة لاتخاذ خطوات منفردة” في حال لم يصدر عن القمة موقف ملموس خلال أسبوعين.

من جهته، أجرى المستشار النمساوي كريستيان شتوكر (ÖVP) اتصالًا هاتفيًا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل القمة، وأوضح أن تعليق الاتفاق “لن يؤدي إلى تحسين الوضع”، مشددًا على ضرورة استمرار الحوار، وقال إن نتنياهو وعد بـ”تكثيف الجهود الإنسانية”.

الموقف الأوروبي من الوضع في غزة

جاء في البيان الختامي أن المجلس “يأسف للوضع الإنساني الكارثي في غزة، ولعدد الضحايا المدنيين غير المقبول، ولحجم المجاعة المنتشرة”، داعيًا إسرائيل إلى رفع الحصار كليًا عن قطاع غزة وتأمين وصول فوري ودون عوائق للمساعدات الإنسانية في كافة أنحاء القطاع.

كما طالب البيان بـ”وقف إطلاق نار فوري وغير مشروط” و”الإفراج الكامل عن جميع الرهائن”، في تعبير واضح عن قلق الاتحاد من تصاعد الانتهاكات في القطاع.

مواضيع إقليمية أخرى: إيران وسوريا ولبنان

أشاد المجلس الأوروبي بـ”وقف الأعمال القتالية” في ما يتعلق بإيران، مؤكدًا مواصلة دعم الجهود الدبلوماسية لإيجاد حل دائم للملف النووي الإيراني عبر المفاوضات. وفي هذا السياق، اقترح المستشار شتوكر أن تستضيف فيينا مفاوضات محتملة بين إيران وإسرائيل، مشيرًا إلى “التقاليد العريقة للعاصمة النمساوية في هذا النوع من المحادثات”.

كما دانت القمة الهجوم الإرهابي الأخير على كنيسة أرثوذكسية في دمشق، ورحبت بـ”تخفيف العقوبات الاقتصادية على سوريا” كخطوة أولى نحو إعادة التواصل، إضافة إلى تأكيد دعم الشعب اللبناني وجهود الحكومة الجديدة لتثبيت الوضع الاقتصادي والأمني، مع الدعوة إلى احترام وقف إطلاق النار من جميع الأطراف.

دعوة أوروبية لزيادة الإنفاق الدفاعي

في محور الأمن والدفاع، دعا المجلس الدول الأعضاء إلى زيادة كبيرة في نفقات التسلح، مؤكدًا على التزام الدول الأعضاء في الناتو بزيادة الإنفاق العسكري إلى 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي. وشدد البيان على أن “الاتحاد الأوروبي الأقوى في مجال الدفاع يسهم بشكل إيجابي في الأمن العالمي ويكمل حلف الناتو”.

كما طالب المجلس بسرعة الاتفاق على دعم الاستثمارات الدفاعية ضمن ميزانية الاتحاد، وأشار إلى قانون SAFE الأوروبي الجديد الذي يسمح باستثناء الإنفاق العسكري من معايير معاهدة ماستريخت. ورغم أن النمسا لم تطلب تفعيل هذا الاستثناء بعد، إلا أنه يظل متاحًا لها.

أوكرانيا والعقوبات على روسيا

شارك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في القمة عبر الفيديو، في وقت تطالب فيه بعض الدول بتسريع دعم كييف وضمها إلى الاتحاد الأوروبي، وسط معارضة شديدة من المجر، حيث قال رئيس وزرائها فيكتور أوربان: “من خلال إدخال أوكرانيا، فإننا ندخل الحرب إلى الاتحاد”.

كما تواصل المجر وسلوفاكيا اعتراضهما على حزمة العقوبات الأوروبية الـ18 ضد روسيا، والتي تشمل مقترحًا جديدًا لسقف أسعار النفط الروسي. ومن المتوقع أن يُحسم القرار لاحقًا خلال اجتماع سفراء الاتحاد الأوروبي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى