النيابة تحقق في تعتيم محتمل على وقائع حادث طائرة الخطوط الجوية النمساوية

باشرت النيابة العامة تحقيقات ضد مسؤولة وموظفين في الهيئة الاتحادية للتحقيق في سلامة الطيران بعد حادثة طائرة الخطوط الجوية النمساوية “AUA” التي واجهت عاصفة برد في أجواء النمسا.

فتحت النيابة العامة في فيينا تحقيقًا جنائيًا ضد مديرة وسبعة مشتبه بهم آخرين من موظفي الهيئة الاتحادية للتحقيق في سلامة الطيران (Sicherheitsuntersuchungsstelle des Bundes – SUB)، وهي الجهة المسؤولة عن التحقيق في حوادث الطيران في النمسا، وذلك على خلفية شبهات بمحاولة عرقلة التحقيقات المتعلقة برحلة طائرة تابعة للخطوط الجوية النمساوية (Austrian Airlines – AUA) التي تعرّضت في يونيو/حزيران 2024 لعاصفة برد شديدة أثناء رحلتها من Palma de Mallorca إلى Wien-Schwechat عبر أجواء ولاية Steiermark.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، كانت الطائرة من طراز Airbus A320 قد دخلت في عاصفة رعدية ما تسبب في اهتزازات قوية وأضرار جسيمة في هيكلها، لكنها تمكنت رغم ذلك من الهبوط بسلام في مطار فيينا Schwechat، الواقع ضمن منطقة Bruck an der Leitha في النمسا السفلى، وقد خضعت الطائرة لعمليات إصلاح قبل أن يُسمح لها بالعودة إلى التشغيل المنتظم.

في وقت سابق، أجرت النيابة العامة في Korneuburg تحقيقات مع الطيار ومساعدته، إضافة إلى شركة AUA نفسها، على خلفية شبهات بتعريض السلامة العامة للخطر نتيجة الإهمال، وتركزت التحقيقات على ما إذا كانت الشركة قد قصّرت في تزويد طياريها بالتدريب اللازم حول استخدام رادار الطقس، وكانت AUA قد نفت باستمرار هذه الاتهامات.

اتهامات بطمس الحقائق وإخفاء الأدلة

وتحوّل مسار التحقيق مؤخرًا نحو الهيئة الاتحادية للتحقيق في سلامة الطيران بعد تقديم بلاغ من محامي الركاب Wolfgang List، الذي وجه اتهامات خطيرة للمديرة وموظفي الهيئة، من بينها: عرقلة العدالة، إخفاء أدلة، واستغلال المنصب الوظيفي.
وفي تصريح للإذاعة النمساوية Ö1، قال المحامي:

“نحن نطالب بإجابات عن سبب اعتبار حادث خطير كهذا مجرد خلل بسيط، ولماذا تم منع اطلاع الرأي العام على ما حدث داخل الطائرة بأي ثمن”.

وأشار List إلى أن التحقيق كان من المفترض أن يبدأ فور وقوع الحادث، لكن هذا لم يحصل وفقًا لما هو مثبت، مشيرًا إلى أن الأدلة المهمة، مثل جهاز تسجيل صوت قمرة القيادة (Cockpit Voice Recorder) ومسجل بيانات الطيران (Flugdatenschreiber)، لم تُؤمّن مباشرة بعد الحادث، ولا تزال النيابة غير قادرة على الوصول إليها، كما اتهم شركة AUA بمحاولة منع تحليل هذه البيانات بكافة الوسائل القانونية.

وأكد المحامي، الذي يمثّل مجموعة من الركاب، أن موكليه لا يسعون للحصول على تعويضات مالية، بل يطالبون فقط بإجراء تحقيق شفاف وكامل يوضح أسباب تعريض حياتهم للخطر أثناء الرحلة.

AUA تنفي عرقلة التحقيق وتؤكد التزامها بالقانون

وفي تصريح لإذاعة Ö1، نفت شركة AUA بشدة الادعاءات التي تفيد بأنها تسعى لمنع تحليل بيانات الرحلة، مؤكدة أن لديها “أعلى درجات الاهتمام بتحليل هذه البيانات، ولكن وفقًا للقوانين الأوروبية والوطنية المعمول بها”.
وأضافت الشركة في بيان مكتوب:

“الهدف الأساسي من التحقيقات هو تحسين مستوى سلامة الطيران. نحن، كشركة Austrian Airlines، دعونا مرارًا إلى إجراء تحليل سريع من قبل الهيئة الاتحادية.”

وفي السياق ذاته، أكدت وزارة النقل النمساوية أن مديرة الهيئة الاتحادية للتحقيق في السلامة الجوية تخلّت مؤقتًا عن مسؤولياتها المتعلقة بالتحقيق، بالتنسيق مع الوزارة، وكذلك فعل جميع الموظفين المتهمين. وأشارت الوزارة إلى أنها “تتعاون بشكل كامل في مسار التحقيق”.

تفاصيل دقيقة عن الحادث: مساعد الطيار كانت وحدها في قمرة القيادة

وكشف التقرير المرحلي الصادر عن الهيئة الاتحادية للتحقيق في الحادث أن مساعد الطيار كانت وحدها في قمرة القيادة عند دخول الطائرة إلى العاصفة، إذ كان القبطان خارجها متوجهًا إلى دورة المياه. وعقب حدوث الأضرار، أرسلت الطاقم إشارة استغاثة عبر اللاسلكي (Mayday) بعد تعرض الزجاج الأمامي للكسر وتسجيل خلل في مؤشرات السرعة.وأشار التقرير أيضًا إلى أن طائرتين تابعتين لخدمة مكافحة البَرَد الجوي كانتا في الجو في ذلك الوقت، تعملان على نشر مادة Silberjodid (يوديد الفضة) داخل السحابة الرعدية لتقليل حدة البَرَد على الأرض. كما أُثبت أن طائرات أخرى عدّلت مسارها تجنبًا للعاصفة، في حين يُعتقد أن طائرة واحدة على الأقل حلّقت فوق تلك السحابة مباشرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى