بعد رحلة استغرقت أكثر من 30 ساعة من فيينا إلى نيروبي ثم العودة.. فشل ترحيل 4 صوماليين بطائرة مستأجرة
فشلت عملية ترحيل أربعة مواطنين صوماليين من النمسا، صدر بحقهم قرار إلزامي بالمغادرة، حيث اضطر ثلاثة منهم للعودة إلى حجز الترحيل في فيينا بعد رحلة استغرقت أكثر من 30 ساعة من الانتظار في منطقة الترانزيت في نيروبي، وذلك لغياب الأوراق الثبوتية اللازمة وموافقة السلطات الصومالية على استقبالهم. عملية الترحيل كانت تهدف لإظهار ‘شدة جديدة’ في التعامل مع ملفات اللجوء، لكنها تعثرت في العاصمة الكينية، ما أثار تساؤلات حول التنسيق والتكاليف العالية لمثل هذه الإجراءات، بحسب صحيفة derstandard النمساوية.
كان من المفترض أن يتم ترحيل أربعة صوماليين صدر بحقهم قرار إلزامي بالمغادرة يوم الإثنين الماضي. إلا أن ثلاثة منهم عادوا في نهاية المطاف ليحطوا الرحال مجدداً في حجز الترحيل في فيينا.
كانت العملية تهدف إلى أن تكون دليلاً على ‘شدة جديدة’ في نظام اللجوء: إذ نُقل أربعة صوماليين، رُفضت طلبات لجوئهم، على متن طائرة مستأجرة إلى كينيا مساء يوم الإثنين – كما ورد في التقارير سابقاً. كان من المقرر أن تستكمل الرحلة بعدها إلى Mogadischu، العاصمة الصومالية. لكن محاولة الإعادة هذه فشلت في نهاية المطاف بسبب غياب الموافقات المطلوبة من الجهات الصومالية.
بالنسبة لثلاثة من الرجال، انتهت عملية الترحيل يوم الخميس حيث بدأت: في حجز الترحيل (Schubhaft) – حيث كان بعضهم محتجزاً بالفعل منذ شهر أيار الماضي. وذكرت صحيفة ‘STANDARD’ أن لديها أوامر الاعتقال الصادرة عن المكتب الاتحادي لشؤون الأجانب واللجوء (BFA).
تعاونت النمسا مع ألمانيا لتنفيذ عملية الإعادة، والتي كانت ترغب أيضاً في ترحيل أربعة صوماليين. وكان هذا الترحيل قد حصل على الضوء الأخضر مسبقاً من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. ولهذا الغرض، تم استخدام طائرة مستأجرة هبطت في كينيا في تمام الساعة 6:06 صباحاً بالتوقيت المحلي يوم الثلاثاء.
انتظار غير مثمر
بالإضافة إلى عدد من أفراد الشرطة وموظفي وزارة الداخلية الاتحادية (BMI)، كان على متن الطائرة طبيب ومراقب لحقوق الإنسان. لكن في مطار Jomo Kenyatta International Airport في نيروبي لم يسر أي شيء وفقاً للخطة. فبدلاً من التوقف السريع، علق الوفد النمساوي مع الصوماليين في منطقة الترانزيت لأكثر من 30 ساعة، قبل أن يُجبروا على العودة.
تتلخص الخلفية في أن السلطات الصومالية تسمح بدخول مواطنيها عادةً فقط إذا كانت العودة طوعية – وإلا، يتطلب الأمر موافقة رسمية. ويبدو أن هذه الموافقة لم تُمنح، أو على الأقل غابت عنها الإثباتات الكتابية. ورغم ذلك، حاولت السلطات فرض عملية الترحيل وإجبار التوصل إلى حل على أرض المطار.
على عكس آمال السلطات النمساوية، رفض ممثلو الصومال بعد ذلك تقديم الأوراق الضرورية لثلاثة من الرجال الأربعة. أما فيما يخص الشخص الرابع، فما يزال مصيره غير واضح حالياً، وامتنعت وزارة الداخلية عن الإدلاء بأي تصريح بهذا الشأن. وعلى النقيض، يُزعم أن عمليات الترحيل الألمانية كانت ناجحة بالكامل، رغم أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الأشخاص المعنيون يمتلكون الأوراق الثبوتية.
وكانت النتيجة: وجب إصدار أمر بإعادة ثلاثة صوماليين من النمسا. ووصلوا مجدداً إلى فيينا يوم الخميس، وتم نقلهم على الفور إلى مركز احتجاز الشرطة (PAZ) في Hernalser Gürtel.
قنوات مشبوهة وتكاليف باهظة
من غير الواضح بالضبط مع من جرت المفاوضات على الجانب الصومالي. ففي الماضي، اعتمدت مثل هذه العمليات على قنوات غير رسمية، موثقة جزئياً عبر رسائل ‘WhatsApp’ مثل “Hi bro” إلى أشخاص اتصال مشبوهين. ويبدو أنه في هذه المرة أيضاً، لعب مستشارون خارجيون دوراً بدلاً من المسارات الإدارية الرسمية.
كما أن حجم التكاليف التي ترتبت على عملية الترحيل الفاشلة غير واضح. وبحسب رد على استفسار صادر عن وزارة الداخلية الألمانية، كلفت عملية ترحيل مماثلة بطائرة مستأجرة من ألمانيا، إلى مقديشو في شهر تموز حوالي 390,000 يورو.
ترحيل ‘مُخصْخَص’؟
في حالة الترحيل الوحيدة الناجحة، تبقى الظروف غامضة أيضاً. ففي الماضي، كان القسم الأخير من عمليات الترحيل إلى الصومال يتم ‘خصخصته’ جزئياً: حيث كانت إحدى شركات الطيران تتحمل مسؤولية الجزء المتبقي من الرحلة من نيروبي إلى مقديشو مقابل رسوم، ولم يكن المشمولون بالترحيل يُرافقون من قبل سلطات نمساوية في ذلك الجزء.
هذا الإجراء ينظر إليه بعين الانتقاد من قبل الممثل القانوني للصوماليين، وهي مؤسسة ‘Deserteurs- und Flüchtlingsberatung’ (استشارات الفارين واللاجئين)، حيث ترى أن المسؤولين النمساويين يتخلون عن سيادتهم وواجبهم في الرعاية لصالح جهات خاصة.
وزارة الداخلية ترفض التعليق
كما تنتقد المؤسسة الاستشارية تناسبية هذه الإجراءات. فالصوماليون المعنيون محتجزون في حجز الترحيل منذ شهر أيار الماضي. وكانت المحاكم قد قضت في السابق بأن هذا الاحتجاز الطويل غير قانوني إذا لم يكن واضحاً ما إذا كان الترحيل قابلاً للتنفيذ. ومن وجهة نظر المؤسسة الاستشارية، فإن سماح السلطات بسجن الرجال لأكثر من نصف عام، ليتم بعدها اكتشاف رفض الصومال استقبالهم في نيروبي يؤكد على غياب الشرط الأساسي للاحتجاز المشروع بغرض الترحيل.
ورفضت وزارة الداخلية التعليق على عملية الترحيل الفاشلة عند الاستفسار، لكنها أكدت أن عمليات الترحيل إلى الصومال ستكون ‘متواصلة’ وأن ‘المعايير الأساسية لحقوق الإنسان يتم الالتزام بها’.



