تزايد أعداد اللاجئين السوريين العاملين في النمسا.. مؤشر على تحولهم من متلقين إلى دافعي ضرائب حسب دراسة حديثة
شهدت النمسا ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد اللاجئين من سوريا المنخرطين في سوق العمل، مسجلين بذلك تحولاً تدريجياً من متلقين للمساعدات إلى دافعين لنظام الضرائب، وهذا ما كشفته دراسة حديثة، في تطور يشير إلى أهمية استغلال إمكانات المهاجرين للمساهمة في تخفيف حدة تحديات شيخوخة السكان ونقص الأيدي العاملة في البلاد، بحسب صحيفة news النمساوية.
شهدت أعداد اللاجئين السوريين العاملين في النمسا ارتفاعاً قوياً بنسبة 20% خلال عام واحد حتى سبتمبر/أيلول الماضي، ليصل عددهم إلى 28,536 شخصاً، في تطور تعتبره دراسة حديثة مؤشراً على قرب تحول هذه الفئة “من متلقين صافين إلى دافعي ضرائب صافين”. هذا النمو في مشاركة اللاجئين في سوق العمل يأتي بالرغم من الأزمة الاقتصادية الراهنة، وإمكانية استخدام هذه الفئة للتخفيف من نقص العمالة الناجم عن تحديات التركيبة السكانية، بحسب ما أشار إليه Johannes Kopf رئيس هيئة سوق العمل AMS.
تطور لافت نحو المساهمة الاقتصادية
يُعد هذا التطور أحد العوامل الرئيسية التي تفسر لماذا من المرجح أن يكون اللاجئون الذين وصلوا إلى النمسا منذ عام 2015 في طريقهم إلى التحول “من متلقين صافين إلى دافعي ضرائب صافين” بشكل عام، وفقاً لدراسة صادرة عن معهد “Eco Austria” للبحوث الاقتصادية المقرب من قطاع الصناعة.
هذا يعني أنهم، في المجمل، باتوا يدفعون للنظام الاقتصادي أكثر مما يتلقونه منه. وقد ارتفع عدد السوريين العاملين بنسبة 20% خلال الأشهر الاثني عشر التي سبقت شهر سبتمبر/أيلول من العام الجاري، ليصل إلى 28,536 شخصاً.
ومع ذلك، لا يزال هذا العدد يمثل أقل من نصف إجمالي السوريين الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و65 عاماً. كما لا يزال عدد كبير منهم مسجلاً كعاطل عن العمل لدى هيئة AMS، حيث بلغ عددهم 12,978 شخصاً. لكن اللافت هو هذا التزايد القوي والمستمر في المشاركة بسوق العمل، والذي يأتي متأخراً بعض الشيء ولكنه يشهد تسارعاً ملحوظاً رغم الظروف الاقتصادية الصعبة.
فرصة للتخفيف من مشاكل التركيبة السكانية
يُعتبر هذا التطور أيضاً مهماً لأنه يوضح ما هو ممكن للتخفيف من المشكلات الديموغرافية (التركيبة السكانية)، والمتمثلة في شيخوخة السكان وما يصاحبها من نقص في الأيدي العاملة. وقد أشار رئيس هيئة سوق العمل AMS، Johannes Kopf، مؤخراً إلى أن الاعتماد على “البطاقة الحمراء-البيضاء-الحمراء” وحدها ليس كافياً لمواجهة هذا النقص. لذلك، نصح بضرورة استغلال إمكانيات الأجانب “الذين لم ندعُهم” في إشارة إلى اللاجئين.
وتُشير التوقعات الصادرة عن هيئة الإحصاء ” Statistik Austria” إلى أن عدد الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و65 عاماً، والذين يُصنفون ضمن سن العمل، قد بدأ بالفعل في التناقص، ومن المتوقع أن ينخفض بنحو ربع مليون شخص بحلول عام 2035.
تحديات مستمرة في التعليم والتوزيع الجغرافي
يشمل هذا التوصيف اللاجئين، مثل المواطنين السوريين، رغم أن دمجهم في سوق العمل يمثل تحدياً. فوفقاً لدراسة أجرتها هيئة AMS في الصيف، فإن العديد من العاطلين عن العمل من السوريين الذين وصلوا إلى النمسا في السنوات الماضية لديهم مستوى تعليمي منخفض أو لا يملكون شهادات مدرسية على الإطلاق، بالإضافة إلى نقص شبه كامل في إتقان اللغة الألمانية. وهي تحديات يجب تجاوزها.كما أن هناك تحدياً آخر يتعلق بالتوزيع الجغرافي، حيث يعيش أكثر من نصف السوريين في فيينا. في المقابل، فإن الحاجة إلى العمالة تكون أكبر في الولايات الفيدرالية الأخرى التي لا تشهد نمواً سكانياً كالذي تشهده فيينا، وتعاني بالتالي من نقص أكبر في الأيدي العاملة. ولا تزال مشكلة إيجاد حل لهذا التوزيع قائمة، حيث لم تتجاوز النقاشات حدود الجدل حول فرض “إلزامية الإقامة” على اللاجئين في مناطق محددة.



