تغيّر المناخ يهدّد غابات النمسا ويُكبّد البلاد خسائر تصل إلى 10.8 مليارات يورو سنويًا بحلول 2050
INFOGRAT – فيينا:
حذّرت الهيئة النمساوية المعنية بتغير المناخ من التأثيرات المتسارعة والخطيرة لظاهرة الاحتباس الحراري على النظام البيئي والاقتصاد الوطني في البلاد، مؤكدة أن ارتفاع درجات الحرارة وتكرار موجات الجفاف يهددان غابات النمسا بشكل مباشر، وقد تؤدي تلك التغيرات، في حال استمرارها دون تدخل فعّال، إلى خسائر اقتصادية سنوية تُقدّر بنحو 10.8 مليارات يورو بحلول عام 2050.
جاء ذلك في إطار ما كشف عنه “تقرير التقييم الثاني لتغير المناخ في النمسا”، الصادر هذا الأسبوع، والذي اعتُبر أشمل دراسة علمية حتى الآن حول تداعيات التغير المناخي على الأراضي النمساوية. وشارك في إعداد التقرير نحو 200 عالم من 50 مؤسسة مختلفة، واستند إلى نتائج خمسة آلاف دراسة علمية أُجريت خلال السنوات الثلاث الماضية. وامتد التقرير على 800 صفحة، استعرض فيها تطورات الوضع المناخي، والآثار المتوقعة، بالإضافة إلى السياسات المقترحة لتحقيق أهداف المناخ الوطني.
ارتفاع يفوق المتوسط العالمي
وأشار التقرير إلى أن متوسط درجة الحرارة في النمسا ارتفع بمقدار 3.1 درجات مئوية منذ عام 1990، وهو ما يعادل أكثر من ضعف متوسط الارتفاع العالمي الذي يُقدَّر بنحو 1.2 درجة مئوية خلال الفترة نفسها.
هذا الفارق في ارتفاع الحرارة يضع النمسا ضمن قائمة الدول الأوروبية الأكثر تأثرًا بتغير المناخ، لا سيما أن تأثير هذا الارتفاع لا يقتصر على الجانب البيئي فقط، بل يشمل تبعات مباشرة على الزراعة والمياه والصحة العامة والبنية التحتية.
تهديد للموارد المائية وتفاقم للكوارث الطبيعية
وأبرز التقرير أن مناطق شرق النمسا تحديدًا ستواجه خطر انخفاض مستويات المياه الجوفية بنسبة تصل إلى 25% بحلول عام 2050، فيما قد تنخفض على مستوى البلاد بنحو الثلث، ما يعني تهديدًا مباشرًا لإمدادات المياه في بعض الأقاليم.
كما حذّر من تزايد تواتر فترات الجفاف، وتراجع معدلات هطول الأمطار خلال فصل الصيف، مقابل هطولات مطرية غزيرة غير منتظمة في مناطق أخرى، قد تؤدي إلى حدوث فيضانات وأضرار جسيمة في البنية التحتية.
أضرار بمليارات اليوروهات سنويًا
من جهة أخرى، قدّر التقرير الخسائر السنوية الحالية الناجمة عن الظواهر المناخية المتطرفة والعواصف في النمسا بنحو ملياري يورو سنويًا، بينما لم يستبعد خبراء المناخ أن تتضاعف تلك الخسائر إلى خمسة مليارات يورو سنويًا بحلول عام 2030، ما لم يتم اتخاذ سياسات فعالة ومتكاملة للتخفيف من آثار التغير المناخي.
دعوة إلى تحرك سريع واستراتيجيات وطنية
وخلُص التقرير إلى أن التأثيرات المتوقعة لتغير المناخ باتت ملموسة ومرشحة للتفاقم في المستقبل القريب، ما يتطلب من صُنّاع القرار تسريع تنفيذ الاستراتيجيات الوطنية للمناخ، وتحديث البنية التحتية، وضمان استدامة الموارد الطبيعية. كما شدد على أهمية دمج الاعتبارات المناخية في كافة سياسات التخطيط والإدارة البيئية، لضمان بقاء النمسا ضمن الدول القادرة على مواجهة تحديات التغير المناخي بكفاءة.



