تقرير رسمي: فشل النمسا في أهداف المناخ قد يُكلف 5.9 مليارات يورو بحلول 2030
فيينا – INFOGRAT:
كشف تقرير رسمي عن احتمال تكبد النمسا خسائر تصل إلى 5.9 مليارات يورو بحلول عام 2030 في حال فشلها في تحقيق أهداف المناخ المحددة من قبل الاتحاد الأوروبي، وذلك بسبب تراجع الدولة عن دعم مشاريع الحياد الكربوني وتقليص ميزانية حماية المناخ، في وقت تتزايد فيه صعوبة الحصول على شهادات تعويض الانبعاثات من الدول الأخرى.
وبحسب صحيفة derstandard النمساوية، نُشر مؤخرًا تقرير من إعداد شركة Kommunalkredit Public Consulting بتكليف من وزارة المالية، ضمن مجموعة وثائق غير بارزة على موقع الوزارة، وقد كشف بالأرقام كيف يمكن أن تكون تكلفة فشل النمسا في الوصول إلى أهدافها المناخية للعام 2030 باهظة تصل إلى 5.9 مليارات يورو، اعتمادًا على مدى الانحراف عن الهدف وسعر شهادات التعويض ومدى توافرها في السوق الأوروبية.
ويُشير التقرير إلى أن هذه الشهادات تُستخدم لتفادي إجراءات عقابية من المفوضية الأوروبية عند خرق اتفاقيات المناخ، وهي جزء من نظام “تقاسم الأعباء” أو ما يُعرف بـ Effort Sharing Regulation (ESR). الدول التي تُحقق فائضًا في خفض الانبعاثات يمكنها بيع هذا الفائض لدول أخرى.
العرض أقل بكثير من الطلب على الشهادات
وفقًا للسيناريو المتشائم الذي يفترض تطبيق السياسات المناخية التي كانت قائمة فقط حتى عام 2022، فإن أربعة دول فقط ستفي بأهداف الاتحاد الأوروبي. حتى في السيناريو المتفائل، الذي يأخذ بعين الاعتبار الإجراءات المخطط لها بعد 2022، فإن عشر دول فقط ستنجح، والنمسا ليست من بينها.
تشير التقديرات إلى أن الفجوة بين العرض والطلب على شهادات التعويض قد تصل إلى نسبة 1 إلى 11، أي أن الطلب قد يتجاوز العرض أحد عشر ضعفًا، ما يجعل من غير المؤكد قدرة النمسا على شراء الشهادات حتى لو أرادت ذلك.
ما بين 370 مليون و5.9 مليارات يورو
يتوقع التقرير أن تتراوح كلفة فشل النمسا بين 370 مليون يورو و5.9 مليارات يورو، اعتمادًا على تطور الأسعار وتوقيت شراء الشهادات ونوع التعويضات المستخدمة. وقد حذر التقرير من أن التأخر في شراء الشهادات سيؤدي إلى ارتفاع التكلفة والضغط على الميزانية العامة.
انتقادات من المنظمات البيئية
ياسمين دورغر (Jasmin Duregger) من منظمة Greenpeace علّقت بالقول:
“تواجه النمسا خطر الإخفاق في تحقيق أهداف المناخ، وهو ما قد يُكلّف البلاد مليارات في ظل ميزانية مشددة أصلاً. هذا تصرف غير مسؤول.”
وأضافت أن الحكومة يجب أن تُسرّع الإجراءات المناخية وتُعيد النظر في التقليصات الأخيرة، خاصة في ظل تراجع الدعم لبرامج أساسية مثل تجديد المباني وتبديل أنظمة التدفئة.
تحذيرات من مؤسسات البحث الأوروبية
مايكل باهل (Michael Pahle) من معهد بوتسدام لأبحاث تأثيرات المناخ (PIK) دعا الدول إلى إبرام اتفاقيات ثنائية في الوقت الحاضر تتيح لها الاستثمار في مشاريع مناخية بدول أخرى مقابل الحصول على شهادات تعويض. وأكد أن تنفيذ النظام الجديد لتسعير ثاني أكسيد الكربون ETS2 المقرر إطلاقه في 2027، قد يساعد جزئيًا في دفع الأسعار نحو خفض الانبعاثات، لكن مخاطره الاجتماعية والسياسية تبقى عالية.
الحكومة: نحن على الطريق الصحيح
من جانبها، أكدت وزارة الزراعة، التي استلمت ملف المناخ مع الحكومة الجديدة، أن النمسا “تسعى لتحقيق أهدافها المناخية داخليًا دون الحاجة إلى شراء الشهادات”، مشيرة إلى أن الخطة الوطنية للطاقة والمناخ (NEKP) تتضمن الإجراءات الكفيلة بذلك.
لكن “دورغر” ردّت بأن الخطة تعتمد على استمرار الدعم الحكومي كما في عام 2024، وهو أمر لم يعد قائمًا بعد التخفيضات الأخيرة. ولذلك، فإن على الحكومة “تعديل خطتها لتشمل إجراءات بديلة تعوّض الخسائر”.
خيارات بديلة في حال الفشل
في حال فشل النمسا في تحقيق الأهداف، يمكن لها استخدام أدوات بديلة مثل ما يُسمى بـ ETS-Flexibilität، والتي تسمح بتحويل جزء من شهادات الانبعاثات من قطاع الصناعة لاستخدامها في قطاعي النقل والمباني، لكن ذلك يُقلّص المعروض الصناعي من الشهادات.
وتستند الحكومة أيضًا إلى آلية تصحيح داخلية وُعد بها في برنامجها الحكومي، تُفعل عندما يتم تجاوز حدود الانبعاثات السنوية، لكنها لا تزال غير واضحة ولم يتم إدراجها في قانون المناخ الذي لم يُصدر حتى الآن.
أما إذا لم تُجْدِ هذه الوسائل، فبحسب قانون توزيع الميزانية، فإن الدولة الفيدرالية ستتحمل 80% من تكلفة شراء الشهادات، بينما تتحمل الولايات 20%، مما يعني أن المبالغ ستكون هائلة حتى بعد هذا التقسيم.



