ثمانية أشهر مع وقف التنفيذ وغرامة 80 ألف يورو لمالك العقار بعد وفاة عاملين سوريين في حادث انهيار بناء تاريخي بالنمسا العليا

فييناINFOGRAT:

صدر يوم الأربعاء في محكمة مقاطعة ريد إم إينكرايس (Ried im Innkreis) في النمسا العليا حكم بإدانة كل من مالك عقار ونجّار بالسجن لمدة ثمانية أشهر مع وقف التنفيذ، إضافة إلى غرامات غير مشروطة، وذلك بعد انهيار سقف مقبب (Gewölbeeinsturz) أثناء أعمال بناء في مدينة شاردينغ (Schärding) في سبتمبر 2024، ما أدى إلى وفاة عاملي بناء من سوريا وهما طالبا لجوء لم يكن لديهم الحق بالعمل، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).

وقد أصبح الحكمان الصادران بتهمة القتل عن طريق الإهمال الجسيم (grob fahrlässiger Tötung) نهائيين. وطبقاً للحكم، يجب على مالك المنزل دفع مبلغ 80 ألف يورو، فيما يتعين على الحرفي (النجار) دفع مبلغ 2,400 يورو.

تفاصيل الحادث والاتهامات المتبادلة

وقع الحادث في مبنى يعود تاريخه إلى القرن الخامس عشر ومصنف كمعلم تاريخي محمي (denkmalgeschützten Gebäude)، حيث كان من المقرر توسيع محل تجاري باتجاه الخلف وتركيب مصعد. إلا أن سقف القبو انهار أثناء العمل، دافناً تحت الأنقاض عاملين، لم تفلح محاولات إنقاذهما.

دفع المتهمان ببراءتهما وناقضا أقوال بعضهما البعض مرارًا وتكرارًا. ووجهت النيابة العامة إليهما تهمة التقاعس عن طلب تخطيط مؤهل من قبل مختصين واتخاذ تدابير السلامة اللازمة. وأفادت النيابة أن العاملين اللذين دُفنا لم يكونا مؤهلين للقيام بأنشطة ذات “خطورة محتملة خاصة”، فضلاً عن أنه لم يكن مسموحًا لهما بالعمل من الأساس بسبب وضعهما القانوني المتعلق بالإقامة (Aufenthaltsstatus).

تباين في الشهادات والدفاعات

أوضح محامي الدفاع عن المتهم الأول، وهو نجار ماهر يبلغ من العمر 55 عامًا وليس لديه صلاحية في الإشراف على الأعمال الإنشائية (statische Befugnis)، أن موكله لم يكن قط مشرفًا على البناء أو مقاولًا، بل كان من المفترض أن يقتصر دوره على نقل الركام والمواد من وإلى موقع البناء.

من جهة أخرى، قال الممثل القانوني لمالك العقار البالغ من العمر 75 عامًا، إن موكله كلف مهندسًا إنشائيًا (Statiker) بناءً على مشاورات مع المهندس المعماري لتحديد كيفية تأمين أعمدة الجرانيت في المبنى. وقد أرسل المهندس الإنشائي رسمًا توضيحيًا (Skizze) إلى المتهم الأول، لكن المتهم الثاني (مالك العقار) لم ير هذا الرسم قط.

من جانبه، ذكر المتهم الأول (النجار) أن نطاق عمله في الموقع اتسع تدريجياً عبر أوامر شفهية. واعترف بأنه ساورته الشكوك بشأن السلامة، لكن مالك العقار أقنعه بمواصلة العمل مقابل مضاعفة أجره. هذا ما نفاه المتهم الثاني (مالك العقار)، مؤكداً أنه هو من كلف المهندس الإنشائي، ولكن مع ذلك لم يتم اتخاذ إجراءات الدعم (Stützmaßnahmen). وعلل مالك العقار ذلك بالقول: “لم يكن ذلك ضروريًا، لأنه لم يتحرك شيء طوال الأشهر التي عملنا فيها”.

“تجاهل” لتحذيرات المهندس الإنشائي

عند مواجهته من قبل القاضي، اعترف مالك العقار بأنه “ربما تجاهل” (überhört) تحذيرات المهندس الإنشائي بضرورة استخدام الدعامات. ورأى مالك العقار أنه كان يجب وضع الخرسانة حول العمود على أساسه. وقال: “الخطأ الجوهري هو الحفر تحت العمود”. واعتبر أنه من البديهي ألا يتم الحفر تحت عمود.

أما المهندس الإنشائي المتقاعد، فقد شهد بأنه قدم رسمًا توضيحيًا مع توصيات، وليس “تقريرًا فنيًا” (kein Gutachten)، وافترض أن المتهم الأول يعرف كيفية تنفيذ ذلك. وأضاف أنه عندما سأل مالك العقار: “ألا تقلقكم التشققات؟”، أجاب الأخير: “سنقوم بتغطيتها لاحقًا!”.

وجود طالبي لجوء في موقع العمل

اعترف مالك العقار بتوظيف طالبي اللجوء السوريان اللذين لقيا حتفهما في الانهيار. وأفاد شاهد آخر بأن حوالي عشرة من طالبي اللجوء كانوا يعملون في الموقع. كما شهد عامل سوري بأنه كان يعمل في الموقع أحيانًا مقابل 40 إلى 50 يورو في اليوم. وقال إنه شعر بأن العمل خطر، ولم تتوفر ملابس عمل ولا احتياطات سلامة. ولخصت النيابة العامة مجريات الحادث بأنه بعد قليل من الساعة التاسعة صباحاً تم تنفيذ أعمال بمطرقة هوائية (Presslufthammer-Arbeiten)، و”بعد قليل من التاسعة، حدث الانهيار”.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى