جامعة غراتس للتكنولوجيا تطور نموذجاً لتسريع هندسة محركات الطيران وخفض الانبعاثات مدعوماً بالذكاء الاصطناعي
طوّر باحثون في جامعة TU Graz (جامعة غراتس للتكنولوجيا) نموذجاً متطوراً مدعوماً بالذكاء الاصطناعي يهدف إلى تقليص الدورات الزمنية لتطوير محركات الطائرات وجعلها أكثر كفاءة في استهلاك الوقود بشكل أسرع مما كان متاحاً في السابق، وذلك استجابة للضغوط المتزايدة على مصنعي المحركات لإنتاج طائرات أكثر اقتصادية وصداقة للبيئة تماشياً مع الأهداف المناخية الأوروبية، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).
يواجه قطاع الطيران تحديات كبيرة لتقليل استهلاك الوقود، مما يضع الشركات المصنعة للمحركات تحت ضغط مستمر للابتكار. وفي هذا السياق، يوضح Wolfgang Sanz من معهد التوربينات الحرارية وديناميكيات الآلات في TU Graz أن “قنوات الانتقال في التوربينات” (Turbinen-Übergangskanäle) تُعد مكوناً أساسياً في محركات الطائرات، حيث تشكل حلقة الوصل بين التوربينات عالية الضغط والتوربينات منخفضة الضغط التي تدور بسرعات مختلفة.
ويشير خبير التوربينات في غراتس إلى التحديات التقنية قائلاً: “تمتاز قنوات الانتقال هذه بوزن مرتفع للغاية، ولهذا السبب نسعى لبنائها بحيث تكون قصيرة وصغيرة وخفيفة قدر الإمكان، مع الحفاظ في الوقت ذاته على مستويات كفاءة عالية”. ويرى Sanz أن هذا المجال لا يزال يمتلك “إمكانات كبيرة جداً للتحسين”، إلا أن معالجة مثل هذه المسائل تتطلب عملية معقدة يتم فيها تعديل الحلول عدة مرات لتحقيق تحسن تدريجي أو الاقتراب من الهدف المنشود، وهو أمر يستنزف الكثير من الوقت.
حسابات أسرع بفضل الذكاء الاصطناعي
يعمل معهد التوربينات الحرارية وديناميكيات الآلات منذ سنوات عديدة على تصميم قنوات انتقال التوربينات، وقد نجح في بناء قاعدة بيانات شاملة مستمدة من بيانات القياس ومحاكاة التدفق. وقام الفريق بقيادة Sanz بدمج بيانات التدفق التي تم جمعها على مدار سنوات حول قنوات الانتقال مع تقنيات الذكاء الاصطناعي (KI) والتعلم الآلي (Machine-Learning). وقد أثمر هذا الدمج عن إنشاء نموذج قادر على توضيح تأثيرات التغييرات في مختلف المعايير الهندسية بسرعة فائقة.
نجاح تقنية “Reduced Order Model”
من بين الأساليب المختلفة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، حققت ما يُعرف بـ Reduced Order Models (نماذج الرتبة المخفضة) أفضل النتائج. تبحث هذه النماذج عن القواسم المشتركة في البيانات، وتستخدم فقط أهم السمات المشتركة لإجراء المحاكاة. ويؤدي هذا النهج إلى تسريع العمليات الحسابية بشكل هائل؛ ووفقاً لخبراء غراتس، فإن هذه العمليات تجري أسرع بعدة درجات أسية (Powers of ten) مقارنة بمحاكاة التدفق الكاملة. وينتج هذا التسريع عن تقليص كبير في “فضاء الحلول”، مما يعني الحاجة إلى حل أنظمة معادلات جبرية أصغر بكثير.
ويرى باحثو TU Graz في هذا النموذج فرصة لرصد التغيرات في مستوى الكفاءة بسرعة عند تغيير أحد المعايير، مثل طول قناة الانتقال. ورغم أن النماذج المطورة في غراتس قد تنطوي على بعض الانخفاض الطفيف في الدقة، إلا أنها تتيح -من خلال الربط مع المحاكاة الرقمية- التنبؤ بالاتجاهات وتحديد إمكانات التحسين بفعالية.
الخطوة التالية: البعد الثالث
يتطلع الفريق البحثي بالفعل إلى الخطوات المستقبلية، حيث إن نموذج Reduced Order Model يصور قنوات انتقال التوربينات حالياً ببعدين فقط. وسيتم إتاحة قاعدة البيانات الشاملة حول قنوات الانتقال ونموذج Reduced Order Model الناتجين عن المشروع عبر الإنترنت لمجموعات بحثية أخرى. وبذلك، يمكن لهذه المجموعات، تماماً مثل الفريق في TU Graz، العمل على تطوير نموذج محاكاة ثلاثي الأبعاد.
تجدر الإشارة إلى أن المفوضية الأوروبية أصدرت في عام 2011 استراتيجية Flightpath 2050، التي تهدف من بين أمور أخرى إلى خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في قطاع الطيران بنسبة 75 بالمائة بحلول عام 2050 مقارنة بعام 2000. ولتحقيق هذه الأهداف الطموحة، يجب زيادة كفاءة المحركات الحديثة بشكل كبير، حيث يلعب الذكاء الاصطناعي والرقمنة المتزايدة دوراً محورياً في هذا المسار.



