جدل واسع في النمسا بعد فتح الباب لاسترجاع زيادات الإيجار عبر عقود مضت

أثار حكم صادر حديثًا عن المحكمة الدستورية العليا في النمسا (VfGH) بشأن بنود تثبيت القيمة في عقود الإيجار موجة من الجدل، بعد أن فتح الباب أمام المستأجرين للمطالبة باسترداد زيادات غير قانونية في الإيجار تعود إلى 30 عامًا مضت، وتُقدّر الأوساط العقارية عدد العقود المتأثرة بنحو 800 ألف عقد، في وقت تسعى الحكومة إلى إيجاد حل تشريعي قبل الخريف وسط انقسام حاد في المواقف، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).

حكم قضائي يفتح الباب أمام استرداد زيادات الإيجار

قضت المحكمة الدستورية بأن زيادات الإيجار تُعد باطلة إذا لم ينص العقد صراحة على عدم جواز رفع الإيجار خلال أول شهرين من توقيع العقد، وهذا القرار يعني أن أي بند لتثبيت القيمة (Wertsicherungsklausel) لم يتضمن هذا التحذير يُعتبر غير صالح قانونًا، ما يمنح المستأجرين الحق في استرجاع الأموال المدفوعة نتيجة الزيادات غير القانونية، حتى لو مضى عليها عقود، بشرط أن يتم النظر في كل حالة على حدة أمام المحاكم.

قطاع العقارات: “تهديد لأمن السوق”

وصف Michael Pisecky، رئيس شعبة الوسطاء العقاريين في غرفة تجارة فيينا، القرار بـ”الزلزال القانوني”، محذرًا من أن تبعاته قد تُهدد الاقتصاد النمساوي بأزمة إذا لم يتم تداركها. وقدّر عدد العقود المتأثرة بـ نحو 800 ألف عقد إيجار، مشيرًا إلى تأثير ذلك على البنوك والمالكين على حد سواء.

انتقادات سياسية وتحذيرات من أزمة

أعرب الاتحاد النمساوي للاقتصاد العقاري (ÖVI) عن استغرابه لعدم تحرك الحكومة (ÖVP-الخضر) لتعديل القوانين منذ عامين رغم وضوح التبعات المتوقعة. وقال المدير التنفيذي للاتحاد Anton Holzapfel، إن القضية تطرح أسئلة قانونية جوهرية يجب أن يبتّ فيها المحكمة العليا (OGH)، خصوصًا ما يتعلق بفترة التقادم: هل تمتد إلى 3 سنوات أم 30 سنة؟

نقص التمويل وتجميد المشاريع

حذّر ممثلو القطاع من أن تجميد الإيجارات وإلزام المالكين برد مبالغ ضخمة سيؤدي إلى تراجع عائدات القطاع، ويُجبر المؤسسات الكبرى مثل البنوك وشركات التأمين على إعادة تقييم الأصول العقارية في ميزانياتها. وأشارت بعض الجهات إلى أن هذا قد يعرقل تمويل مشاريع الترميم والتحديث البيئي، مثل إعادة تأهيل الطاقة وخفض الانبعاثات.

أزمة ثقة ومخاوف واسعة

قال Andreas Köttl، رئيس رابطة مطوري المشاريع العقارية (VÖPE)، إن القطاع يعيش في “حالة صدمة”، محذرًا من أن الحكم يعكس تدخلًا رجعيًا في العقود السارية. كما وصف مدير عام ARWAG Holding AG، Thomas Drozda، الوضع بـ”الخطير سياسيًا واقتصاديًا”، مطالبًا بإيجاد حل سريع يجنب السوق خسائر محتملة بمليارات اليوروهات.

مشروع قانون قيد الإعداد

أفادت صحيفة “Die Presse” أن الحكومة تُعد مشروع قانون يتضمن تعديلًا على قانون حماية المستهلك والقانون المدني العام، ينص على أن الحق في استرداد الزيادات غير المشروعة يسقط بعد ثلاث سنوات من معرفة عدم قانونيتها، وبحد أقصى خمس سنوات من تاريخ الدفع.

الانقسام السياسي حول الحلول المقترحة

أعلن نائب المستشار Andreas Babler ووزيرة العدل Anna Sporrer (كلاهما من الحزب الاشتراكي SPÖ)، عن مساعٍ مشتركة مع حزب الشعب (ÖVP) وحزب NEOS للتوصل إلى حل قبل خريف 2025. في المقابل، انتقدت نينا توماسيلّي، المتحدثة باسم الإسكان عن حزب الخضر، المشروع معتبرة أنه يخدم “مصالح كبار الملاك فقط”. من جهته، دعا حزب الحرية (FPÖ) إلى “تسوية متوازنة وسريعة”، مؤكدًا أن “الربط بمؤشرات التضخم لا يُرفض مبدئيًا، لكن يجب أن يكون عادلًا وشفافًا”.

تزايد استفسارات المستأجرين

توقعت جمعية المستأجرين (Mietervereinigung) ازدياد طلبات الاستشارة القانونية في المرحلة المقبلة، رغم تردد الكثيرين في اتخاذ خطوات فورية. وأكد رئيس الجمعية Georg Niedermühlbichler أن الغموض القانوني وعدم وجود سابقة واضحة قد يُثني البعض عن التقدم بدعاوى فردية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى