خطة ترشيد صحية في النمسا مرتقبة.. فحوص إلكترونية ومساهمة المرضى بالتكاليف
فيينا – INFOGRAT:
ناقشت النمسا سبل ترشيد الإنفاق في قطاع الصحة والضمان الاجتماعي، في ظل مساعي وزارة المالية لتحقيق التوازن في الميزانية، حيث طرحت إجراءات تشمل النظام الصحي، من بينها نظام إحالة إلكتروني للفحوصات، وإمكانية مساهمة المرضى في بعض التكاليف، إضافة إلى خطط لتقليص البيروقراطية عبر رقمنة الخدمات.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، أعلنت الهيئة النمساوية للتأمين الصحي (Österreichische Gesundheitskasse – ÖGK) عن خطط لاعتماد نظام إلكتروني جديد للإحالة الطبية للفحوصات مثل التصوير المقطعي المحوسب (CT) والتصوير بالرنين المغناطيسي (MR)، كجزء من استراتيجية ترشيد النفقات، وصرّح أندرياس هوس (Andreas Huss)، نائب رئيس الهيئة، خلال المؤتمر الصحفي السنوي لمنصة الصحة Praevenire يوم الأربعاء، أن الأطباء التابعين للهيئة سيقومون بإدخال الأسئلة الطبية، والتشخيصات المشتبه بها، ونتائج الفحوصات السابقة بشكل رقمي، لتحديد نوع الفحص الأنسب للحالة.
وأوضح هوس أن المريض سيُحال تلقائياً إلى أقرب معهد أشعة بناءً على مكان سكنه، حيث يُحدد له الموعد مباشرة، مضيفاً أن معيار الاستعجال سيُؤخذ بعين الاعتبار، خصوصاً في حالات الاشتباه بالإصابة بالسرطان.
وفيما يخص الأنباء التي أوردتها صحيفة “Salzburger Nachrichten” حول عودة شرط موافقة الطبيب الرئيسي (chefärztliche Bewilligungspflicht) للفحوصات CT وMR، نفى هوس ذلك، قائلاً إن إعادة هذا الإجراء غير مطروحة، وينطبق الأمر نفسه على جلسات العلاج الطبيعي. وأضافت الصحيفة أن إجراءات جديدة تشمل مشاركة المرضى في تكاليف النقل الطبي وإلغاء تعويض اختبار مستوى فيتامين D من التأمين الصحي ستدخل حيز التنفيذ في 1 يوليو.
ترشيد عبر الرقمنة وتوحيد المعايير
دعت فيونا فيدلر (Fiona Fiedler)، المتحدثة باسم حزب NEOS في الشؤون الصحية، إلى تقليص البيروقراطية من خلال الرقمنة، مشيرة إلى أن ذلك يمكن أن يوفّر نحو أربعة مليارات يورو خلال خمس سنوات. بدوره، طالب رودولف سيلفان (Rudolf Silvan)، المتحدث باسم SPÖ في مجال الصحة، بإجراء توازن في المخاطر بين صناديق التأمين الاجتماعي، نظراً لأن العمال والموظفين المؤمن عليهم في ÖGK معرضون أكثر للمرض والحوادث المهنية. كما شدد على ضرورة تحسين تبادل البيانات الطبية عبر السجل الصحي الإلكتروني (ELGA)، مذكراً بزيادة مساهمات التأمين الصحي على المتقاعدين.
أما جوزف سمولّه (Josef Smolle)، النائب السابق عن ÖVP، فرأى أن التحديات المالية تشكّل فرصة لإطلاق إصلاحات مستدامة، مشيراً إلى الحاجة إلى تعزيز التوجيه الطبي، الرقمنة، الوقاية، وتوحيد التمويل ضمن هيكل واحد.
الخط الساخن 1450 كمحور مركزي
اتفقت الحكومة الفيدرالية والولايات على أن يلعب الخط الساخن الصحي 1450 دوراً محورياً في تنظيم النظام الصحي، وصرّح سمولّه أن الخط سيكون أداة لتوجيه المرضى، مشيراً إلى خطط لتوسيع نطاقه على مستوى النمسا، من جانبه، صرح بيتر هاكر (Peter Hacker)، عضو مجلس مدينة فيينا عن الحزب الاشتراكي (SPÖ)، في مقابلة مع صحيفة “Presse”، بأنه يرغب بتفعيل حجز جميع مواعيد العيادات الخارجية عبر الخط 1450 بحلول الخريف، وذلك لتقليص أوقات الانتظار وتخفيف الضغط عن المستشفيات، وتعمل ولايات أخرى على خطوات مماثلة، رغم اختلاف الخدمات المقدمة عبر الرقم 1450 بحسب الولاية.
تطبيب عن بعد وتثقيف صحي
في رسالة مصورة، أعلن بيتر ماكدونالد (Peter McDonald)، رئيس ÖGK، عن نية الهيئة توفير خدمة تطبيب عن بعد من خلال الخط 1450، تتيح للمريض التواصل مع طبيب خلال 30 دقيقة. وقال هوس إن هذه الخدمة سترشد المريض عبر النظام الصحي. كما تهدف الهيئة لتعزيز الثقافة الصحية بين المواطنين عبر حملة “Dr. ÖGK statt Dr. Google”، بحيث يحصل الناس على معلومات موثوقة تسهّل عليهم تحديد الحاجة إلى زيارة الطبيب.
خلاف بين ÖGK وأطباء النقابة
أثار تصريح ماكدونالد نهاية مارس الماضي حول ضرورة مساهمة تضامنية من الأطباء في مفاوضات الأجور لعامي 2025 و2026 استياء نقابة الأطباء (Ärztekammer). وفي يوم الثلاثاء، قدمت النقابة مقترحات بديلة للترشيد، حيث وصف يوهانس شتاينهارت (Johannes Steinhart)، رئيس النقابة، العجز المالي البالغ أكثر من 900 مليون يورو بأنه “مقلق للغاية”، وأضاف أن مثل هذا العجز في القطاع الخاص كان ليؤدي إلى تغييرات إدارية فورية. وأيّد هذا الرأي ديتمار باير (Dietmar Bayer)، نائب رئيس نقابة الأطباء الممارسين، الذي أشار إلى وجوب إغلاق العيادات الخارجية غير المجدية مالياً التابعة لـ ÖGK، وتجميد إنشاء عيادات جديدة إلى حين تسوية الوضع المالي.
واقترح باير كذلك نقل مراكز إعادة التأهيل (Reha) إلى هيئة التقاعد (Pensionsversicherungsanstalt) لأسباب تتعلق بالكفاءة، إلى جانب دمج شركات تكنولوجيا المعلومات التابعة للهيئة، مثل SVC وELGA وIT-SV، منتقداً تشغيل ثلاث شركات بمعايير مختلفة.
اتهامات متبادلة حول أسباب الأزمة
اتهم شتاينهارت إدارة الهيئة بالتسبب في الأزمة، مشدداً على أن الخدمات الطبية لا تشكّل سوى 15٪ من ميزانية ÖGK، وهو ما نفته الهيئة. ووصفت في بيان لها نهج نقابة الأطباء بـ “التصعيد غير المفهوم”. وأوضح ماكدونالد أن الأزمة ليست بسبب أخطاء إدارية، بل نتيجة ركود الإيرادات وزيادة الإنفاق بسبب التغيرات الديموغرافية. كما أعرب كل من ماكدونالد وهوس عن استغرابهما من دعوة النقابة إلى تعيين مدير أزمة حكومي، مذكرين بأن وزارة الصحة والشؤون الاجتماعية تشارك بشكل دائم في اجتماعات إدارة الهيئة. واختتم هوس بالقول إن على النقابة أن تتوخى الحذر في انتقاداتها، خاصة بعد أن كشف ديوان المحاسبة (Rechnungshof) مؤخراً عن ثغرات كبيرة في آليات الرقابة داخل نقابات الأطباء.



