دعوات لإصلاح قانون الجرائم الجنسية في النمسا عقب أحكام البراءة في “قضية آنا”
في أعقاب صدور أحكام بالبراءة في القضية المعروفة إعلامياً باسم “قضية آنا”، طالب الخبراء بتشديد القوانين المتعلقة بالجرائم الجنسية وتحسين آليات الوقاية. واعتبرت جمعية “Limes” النمساوية، ومقرها فيينا وتتخصص في علاج مرتكبي الجرائم الجنسية من الأحداث، أن الطريقة التي تم بها التعامل مع المتهمين حتى الآن تمثل “فرصة ضائعة” لمنع تكرار مثل هذه الجرائم، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).
تزايدت الدعوات بين الأوساط المتخصصة للمطالبة بزيادة العروض العلاجية المتاحة لمرتكبي التجاوزات الجنسية، ولا سيما للأفراد الذين تقل أعمارهم عن 14 عاماً وللحالات التي لا تصدر فيها أحكام إدانة، مؤكدين أن هذه الخطوات هي السبيل الوحيد لمنع وقوع المزيد من الاعتداءات.
أثارت أحكام البراءة الصادرة في “قضية آنا” استياءً واسعاً في الرأي العام، حيث جرى تبرئة عشرة من الأحداث من تهمة العنف الجنسي. وفي الوقت الراهن، يُناقش على المستوى السياسي إصلاح قانون الجرائم الجنسية، ويشمل ذلك تبني ما يُعرف بقانون “لا تعني لا” أو قانون “نعم تعني نعم” (Das sogenannte „Nur Ja heißt Ja“-Gesetz).
تحظى هذه الدعوات للإصلاح بدعم جمعية “Limes” في فيينا، وهي المؤسسة الوحيدة في النمسا المتخصصة في تقديم العلاج لمرتكبي الجرائم الجنسية من الأحداث.
في حي Meidling (مايدلينغ)، يشرف فريق مكون من اثني عشر متخصصاً على حوالي 50 فتى تتراوح أعمارهم بين 11 و 21 عاماً. ويأتي هؤلاء الأحداث لتلقي العلاج بناءً على أمر من المحكمة أو هيئة رعاية الأطفال والشباب، حيث أن المشاركة ليست طوعية. ويقول مدير الجمعية، Rainer Simader (راينر سيمادر): “نحن نعمل حصرياً مع العملاء الذين ارتكبوا تجاوزات جنسية، وهم جميعاً من الذكور”.
تتراوح الجرائم التي يتعاملون معها بين استهلاك صور ومواد الاعتداء الجنسي على الأطفال، وصولاً إلى الإكراه؛ مثل الضغط على الضحايا عبر الإنترنت لإرسال صور عارية. ويتم العمل في جلسات فردية وجماعية على ترسيخ الوعي والمسؤولية وإحداث تغيير سلوكي طويل الأمد. ولو كانت الإدانة قد صدرت بحق الأحداث في “قضية آنا”، لكانوا قد أحيلوا لتلقي العلاج في جمعية “Limes” أيضاً.
أشارت المعالجة النفسية Eva Widmann (إيفا فيدمان) إلى أن العديد من هؤلاء الأحداث يعانون من اضطرابات في بناء العلاقات، والتي تعود جزئياً إلى انقطاع العلاقات المبكر أو التغير المتكرر في أماكن الإقامة. ويضاف إلى ذلك التعامل غير السليم مع المواد الإباحية. وأوضحت فيدمان أن “استهلاك المواد الإباحية غير الموجه أو المصحوب بتفسير واضح يمثل مشكلة أساسية”. مشددة على أهمية مناقشة موضوع الموافقة بوضوح: “كيف يمكنني أن أدرك ما إذا كان شخص ما يوافق حقاً؟ متى يجب علي أن أحصل على ’نعم‘ واضحة؟”.
منذ عام 2023، تدير الجمعية مشروعاً تجريبياً باسم “Limes Kids” لتقديم الرعاية لمن تقل أعمارهم عن 14 عاماً الذين ارتكبوا تجاوزات جنسية، مشيرة إلى وجود حاجة كبيرة لذلك، خاصة بين الأطفال الذين يقيمون في دور الرعاية.
ومع ذلك، يرى Simader أن هناك فجوة كبيرة في التعامل مع الأحداث الذين يظهرون سلوكاً إشكالياً لكن لم تتم إدانتهم، أو الذين لا تتوفر لهم مرافق علاجية مناسبة. ويضيف: “تتوفر في ألمانيا مراكز علاجية داخلية لمثل هؤلاء الأحداث، لكنها مفقودة تماماً في النمسا”. ويختم Simader بالقول إن فهم الجناة الشباب وتقديم الدعم المبكر لهم يمكن أن يحمي ضحايا المستقبل.



