“ديكوني” تطالب بتطبيق شامل لـ “مؤشر الفرص” وإنهاء التمييز في مدارس النمسا

انتقدت مديرة منظمة “ديكوني” Diakonie، ماريا كاتارينا موزر Maria Katharina Moser، النظام التعليمي في النمسا ووصفته بأنه نظام يُمارس التمييز ضد الأطفال القادمين من أسر ذات أوضاع اجتماعية واقتصادية متدنية وكذلك الأطفال ذوي الإعاقة، وذلك خلال مؤتمر صحفي عقدته يوم الخميس في فيينا. وأوضحت أن النظام التعليمي، الذي يُفترض أن يكون أداة للإدماج والارتقاء الاجتماعي، يحرم تحديدًا أولئك الأطفال الذين هم في أمسّ الحاجة إليه من الوصول العادل إلى التعليم.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، أكدت موزر أن النقاشات الدائرة حاليًا حول التعليم توحي بأن الأطفال هم المشكلة، ووصفت هذا التوجه بأنه “خاطئ”. وشددت بقولها: “نحن لا نحتاج إلى أطفال آخرين، بل إلى مدارس أخرى”. ولهذا، تطالب منظمة “ديكوني” بتطبيق شامل لـ”مؤشر الفرص” Chancenindex في جميع المدارس الواقعة في مناطق اجتماعية هشة، مع توفير موارد إضافية لتوسيع التعليم الشامل، وزيادة إشراك أولياء الأمور في العملية التعليمية.

دعوة إلى تعليم شامل حقيقي

وانتقدت موزر غياب التزام واضح من الدولة بالتعليم الشامل، مشيرة إلى أن الأطفال ذوي الإعاقة لا يحظون بنفس فرص الوصول إلى التعليم مقارنة بالأطفال غير المعاقين. وأوضحت أن التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة يعد حاسمًا لهؤلاء الأطفال، إلا أن العديد منهم لا يزالون على قوائم الانتظار للحصول على مكان في رياض الأطفال. ففي فيينا وحدها، ينتظر نحو 1000 طفل معاق الحصول على مقعد.

وبينت أن القانون يعفي الأطفال ذوي الإعاقة من سنة الروضة الإلزامية، وهو ما وصفته بأنه “يعني فعليًا أن الدولة تُعفي نفسها من واجب توفير أماكن مناسبة لهم”. كما انتقدت أن حق هؤلاء الأطفال في التعليم ينتهي بانتهاء فترة التعليم الإلزامي، لافتة إلى غياب “الحق القانوني في الصفين الدراسيين الحادي عشر والثاني عشر”. ورغم ترحيبها بتضمين هذا الحق في البرنامج الحكومي الجديد، إلا أنها شددت على ضرورة الإسراع في تنفيذه. وطالبت موزر بتوجيه الموارد المتاحة لتطوير التعليم الشامل بدلاً من الحفاظ على نظام المدارس الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة.

الوراثة الاجتماعية للفرص التعليمية

وسلطت موزر الضوء على التمييز الذي يتعرض له الأطفال القادمين من أسر ذات مستوى اجتماعي أو تعليمي منخفض. وقالت: “الفرص التعليمية تُورث، والمكانة الاجتماعية للوالدين لا تزال تؤثر بشكل كبير على النجاح الدراسي للأطفال”.

واستشهدت بدراسات تشير إلى أن 6 فقط من بين كل 100 طفل ينهون التعليم في المدارس الثانوية العليا AHS أو BHS هم من أبناء آباء لم يحصلوا سوى على التعليم الإلزامي. وأضافت أن أطفال الأهل ذوي التحصيل الدراسي المنخفض يعانون من تأخر تعليمي يعادل 21.7 شهرًا دراسيًا في الصف الرابع مقارنةً بأبناء الأهل الحاصلين على شهادة الثانوية العامة Matura. كما أن نظام التعليم نصف اليوم، الذي يفترض وجود دعم تعليمي إضافي خارجي، لا يمكن تحمله ماديًا من قبل هذه الأسر.

الأحكام المسبقة والتهديد بالوصمة

إلى جانب العوائق الهيكلية، أشارت موزر إلى وجود “أحكام مسبقة سلبية” تؤثر على تحصيل الأطفال، وشرحت أن الأبحاث تتحدث هنا عن ما يُعرف بـ “التهديد النمطي” Stereotype Threat، أي التهديد الناتج عن الخوف من التعرّض للوصمة أو الخزي، وهذا ما يعاني منه خصوصًا الأطفال الذين لديهم خلفية لجوء أو هجرة. وقالت: “من لا يُعتمد عليه، لا يقدّم أداءً جيدًا”.

وأضافت أن النقاشات حول الترحيل تخلق حالة من الخوف لدى الأطفال: “لا يمكن للأطفال أن يتعلموا بشكل جيد وهم يشعرون بالخوف”. وانتقدت اختزال النقاش السياسي في موضوع اكتساب اللغة والتشجيع على تعلم الألمانية، مؤكدة فشل نموذج “صفوف دعم اللغة الألمانية” Deutschförderklassen، حيث يفتقد الأطفال في هذه الصفوف إلى قدوات لغوية إيجابية ويعانون من تأخر دراسي في المواد الأخرى.

“مؤشر الفرص” كأساس لتوزيع الموارد

طالبت “ديكوني” بتطبيق شامل لما يُسمى “مؤشر الفرص” Chancenindex، الذي يمنح المدارس في المناطق المحرومة دعمًا ماليًا إضافيًا. وأوضحت المنظمة أن هذا المؤشر يجب أن يُثبّت في اتفاقية التوزيع المالي بين الحكومة الفيدرالية والولايات، كما يجب توسيع نظام المدارس ذات اليوم الكامل Ganztagsschule.

ويأخذ هذا المؤشر بعين الاعتبار المستوى التعليمي والمهنة ودخل أولياء الأمور وكذلك اللغة اليومية للطلبة. بناءً على النتائج، تحصل المدرسة على نسبة معينة من الموارد الإضافية، والتي يجب استخدامها في تطوير المدرسة وجودة التدريس وتجهيزات المباني وتدريب المعلمين اجتماعيًا وتربويًا.

تعزيز مشاركة أولياء الأمور

كذلك طالبت موزر بزيادة إشراك أولياء الأمور في العملية التعليمية. وقالت: “الآباء والأمهات يريدون نجاح أطفالهم في المدرسة، لكنهم بحاجة إلى دعم لكي يتمكنوا من دعم أطفالهم”. ورحّبت بإدراج شراكة التعليم وواجب المشاركة من قبل الأهل في البرنامج الحكومي، لكنها رفضت أسلوب “العقوبات والضغط” واعتبرته “الطريق الخاطئ”.

وأوضحت أن الدعم الإيجابي يمكن أن يكون عبر “مقاهي الأهل” Elterncafés، والإرشاد التربوي والعمل الاجتماعي الذي يدمج الأسر. وقد بدأت منظمة “ديكوني” فعليًا بتقديم مثل هذه الخدمات من خلال مشروع SESAM، الذي ينظم فعاليات تعليمية مثل ورش العمل حول وسائل الإعلام وورش القراءة في المدارس الابتدائية ورياض الأطفال في ولايتي فيينا والنمسا السفلى. كما يتم توفير استشارات بلغات متعددة بمساعدة مترجمين.

وأكدت مديرة المشروع، هايكه زومّيرَر Heike Summerer، في حديثها مع وكالة Kathpress أن من أهداف المشروع تقديم التوجيه للأهالي الذين لم يرتادوا المدارس في النمسا، ليتمكنوا من فهم النظام التعليمي فيها. ونظرًا لاعتماد المشروع على التمويل، أعربت عن أملها بأن تصبح توعية أولياء الأمور جزءًا ثابتًا من النظام التعليمي في المستقبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى