رغم كونها عاملاً اقتصادياً موثوقاً.. دراسة تكشف تفاوتات حادة في تقبّل السياحة داخل النمسا
كشفت دراسة صادرة عن Statistik Austria أن السياحة في النمسا لا تزال عاملاً اقتصادياً موثوقاً، وأظهرت أن غالبية السكان يقبلونها، غير أن تفاوتات إقليمية كبيرة برزت، حيث تزداد الصعوبات في أماكن يتخلخل فيها التوازن بين السكان المحليين والزوار، مثل وسط مدينة Salzburg، وZell am See، وHallstatt. وقد استعرضت ORF أبرز ملامح هذه الظاهرة.
تتمتع مدينة Salzburg بتاريخ عريق في استقبال الزوار، إذ يستقطب Schloss Mirabell وحديقته المحمية كتراث عالمي لدى اليونسكو أعداداً كبيرة من السياح نظراً لكون الدخول إليها مجانياً. كما تُعد Festung Hohensalzburg المعلم الأبرز في المدينة وأكثر وجهاتها زيارة، حيث يقصدها سنوياً نحو 1,4 مليون سائح باستخدام القطار الجبلي الخاص بها. في المقابل، تشهد Getreidegasse ازدحاماً دائماً، ما يقلل من جاذبية البلدة القديمة بالنسبة إلى السكان المحليين. ويزداد التدفق هذا العام بفعل الاحتفالات بالذكرى الستين لعرض فيلم “The Sound of Music”، حيث توسعت المدينة في تنظيم الجولات والفعاليات المخصصة لعائلة Trapp.
في السياحة الطبيعية، تستقطب شلالات Krimmler داخل Nationalpark Hohe Tauern حوالي 400 ألف زائر سنوياً بفضل ارتفاعها البالغ 380 متراً، ما يجعلها خامس أعلى شلالات في العالم. كما أصبحت مقصداً لعلاج الربو والحساسية، إذ يزور ثلث الضيوف المنطقة بهدف الاستفادة من خواصها العلاجية. بدورها، جذبت Sigmund-Thun-Klamm في Kaprun أكثر من 200 ألف زائر خلال موسم 2024، مروجة لشعار “استمتع بالوادي بمفردك – زرنا قبل الآخرين”.
أما Zell am See، التي تضم نحو 10 آلاف نسمة وتُعد من أهم الوجهات السياحية في البلاد، فتشهد موسماً سياحياً على مدار العام. ويُسجل حضور بارز للسياح القادمين من العالم العربي خصوصاً في الصيف، لكن كثافة الحركة المرورية وتباين المعرفة بالقوانين النمساوية يزيدان من التحديات اليومية للمدينة.
في Hallstatt، رمز “Overtourism” في النمسا، يتجاوز عدد السياح 1,3 مليون سنوياً مقابل نحو 800 مقيم فقط، أي ما يعادل خمسين ضعف النسبة في Venice. وعلى الرغم من المكاسب المالية التي يتيحها هذا النشاط، فإن قيمة إنفاق الزوار القادمين لساعات قليلة تبقى محدودة مقارنة بضيوف الإقامة الليلية، في وقت تعاني فيه البلدة نقصاً في أماكن المبيت. ورغم فرض قيود على الحافلات السياحية وتطبيق نظام لتوجيه السيارات، فإن تجارة التذكارات، مثل بيع “هواء Hallstatt” المعبأ في علب، لا تزال مزدهرة.
وتتشابه معاناة Dürnstein في منطقة Wachau مع Hallstatt، إذ لا يتجاوز عدد سكانها بضع مئات بينما يقصدها سنوياً نحو مليون زائر. السكان المحليون يشتكون من تراجع جودة الحياة بسبب ضغط السياحة، حيث لا يبيت سوى 10% من الزوار في البلدة.
أما Vienna، فقد حققت رقماً قياسياً جديداً العام الماضي بتسجيل 18,9 مليون ليلة مبيت سياحي. وأعلنت العاصمة مراجعة استراتيجيتها بهدف تحقيق “نمو يعزز جودة المدينة ولا يستنزفها”، مع محاولة توزيع تدفقات الزوار على مواقع خارج Innenstadt. غير أن وصول مجموعات كبيرة في حافلات إلى Schwedenplatz أو Maria-Theresien-Platz لا يزال يعيق حركة السكان المحليين.



