عشر سنوات بعد صيف 2015.. الجالية السورية تواجه تحديات جديدة في النمسا
تابعت ORF Topos وضع الجالية السورية في النمسا بعد مرور عشر سنوات على أحداث صيف 2015، حين تدفق آلاف اللاجئين هربًا من الحرب الأهلية في سوريا إلى البلاد، وسط ضجة إعلامية حول ما سُمّي آنذاك بـ«ثقافة الترحيب». اليوم، يبدو أن الانطباعات السلبية طغت على الصورة العامة، فيما تواجه الجالية تحديات جديدة في الاندماج والحياة اليومية.
قصة نجاح أسرة حشاش
يحكي سامر حشاش 45 عامًا، الذي فرّ في 2015 من مدينة إدلب السورية بعد الهجمات الكيميائية التي شنتها قوات الأسد، عن أولى كلماته التي تعلمها بالألمانية: «Danke» (شكرًا). استقر سامر في مدينة إنسبروك، وانضمت إليه زوجته حنان وبناته الثلاث بعد أكثر من عام ونصف ضمن برنامج لم شمل الأسرة، وكانت الفترة التي قضاها بعيدًا عن عائلته «كارثة» بالنسبة له.
اليوم، تعيش العائلة في منطقة تيرول بشكل جيد؛ يعمل سامر وزوجته في دار رعاية المسنين، فيما تدرس الابنة الكبرى لينا (22 عامًا) الصيدلة وتعمل بدوام جزئي في نفس الدار، ابنتاها الصغيرتان، ليندا (18 عامًا) ولُبنى (12 عامًا)، تدرسان في المدرسة، وقد نشأت الفتاتان في النمسا حتى باتتا تفهمان الألمانية أفضل من العربية.
زيادة أعداد السوريين في النمسا
كان سامر حشاش واحدًا من 24,547 شخصًا من سوريا قدموا إلى النمسا عام 2015 وقدموا طلبات لجوء. حصل 8,114 منهم على حق اللجوء بشكل نهائي، و183 على الحماية الفرعية المؤقتة. ومنذ ذلك الحين، أصبحت الجالية السورية أكبر جالية أجنبية في البلاد، حيث ارتفع عدد السوريين من 11,255 شخصًا عام 2015 إلى 104,833 شخصًا عام 2025، متجاوزة بذلك النمو السكاني للجالية الأوكرانية والرومانية.
الاختلاف بين الفترات الزمنية للجوء
يوضح المحامي لوكاس غاهليتنر-جيرتز من منصة تنسيق اللجوء النمساوية أن اللاجئين الذين وصلوا عام 2015 كانوا غالبًا من الطبقة الوسطى ولديهم تعليم أو مهنة، في حين أن اللاجئين اللاحقين قضوا سنوات طويلة في مخيمات أو دول عبور وتعرضوا لصعوبات كبيرة في التعليم والعمل، وفق ما تشرحه الباحثة جوديث كوهلنبرغر من جامعة فيينا للاقتصاد. هذه الفروقات تولد تحديات مختلفة للاندماج.
التعليم ودور النساء
تشير كوهلنبرغر إلى أهمية الدعم المبكر عند وصول اللاجئين، حيث يمكن أن يكون للفترة الأولى تأثير كبير على الاندماج المستقبلي. كما تلعب النساء دورًا مركزيًا في نقل التعليم والمساعدة في إدماج الجيل القادم. ولهذا تُعدّ برامج تعليم اللغة الألمانية مع رعاية الأطفال أساسية، إضافة إلى إشراك الجالية السورية في دعم القادمين الجدد.
سوق العمل والبطالة
تبدأ معظم فرص العمل بعد استكمال إجراءات اللجوء، ما يعني أن أعداد السوريين العاطلين عن العمل (24,550 شخصًا حتى يونيو 2025) ترتبط غالبًا بالقادمين الجدد الذين حصلوا مؤخرًا على تصاريح اللجوء. ويشير غاهليتنر-جيرتز إلى أهمية تسهيل الوصول إلى سوق العمل لضمان استقلالية اللاجئين ماليًا، بينما تؤكد كوهلنبرغر أن أصحاب العمل يحتاجون إلى تشجيع لتوظيف اللاجئين رغم قلة إجادتهم للغة الألمانية.
تغير المزاج المجتمعي والجرائم
لاحظ عبد الحكيم الشاطر، مؤسس جمعية «الجالية السورية الحرة في النمسا»، أن الموقف تجاه اللاجئين أصبح أكثر سلبية خلال السنوات الماضية، متأثرًا ببعض حالات العنف التي أثرت على صورة الجالية. الإحصاءات الرسمية لعام 2024 تظهر زيادة في عدد القضايا الجنائية التي تورط فيها سوريون بنسبة 30% مقارنة بعام 2023، ويرجع ذلك جزئيًا إلى غياب فرص العمل والأنشطة اليومية المهيكلة، خصوصًا بين الشباب.
اللاستقرار بعد سقوط نظام الأسد
بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، شعر السوريون في النمسا بالفرحة والارتياح، إلا أن حالة من عدم اليقين تسود حاليًا بشأن المستقبل في سوريا واحتمال فقدان وضعهم القانوني في النمسا. كما توقفت مؤقتًا برامج لم شمل الأسرة، مما أثر على الدافع لدى البعض لكسب المال وجلب أفراد أسرهم.
مستقبل العودة إلى سوريا
حتى الآن، عاد حوالي 400 سوري إلى وطنه منذ ديسمبر 2024، لكن غالبية اللاجئين، بما فيهم أسرة حشاش لا يخططون للعودة نهائيًا بعد بناء حياتهم في النمسا، بينما يعتزمون زيارة سوريا لرؤية الأقارب بعد عشر سنوات من الفراق.



