فنادق نمساوية تنضم لدعوى جماعية ضد Booking.com بتهم استغلال السوق
اتهمت آلاف الفنادق الأوروبية منصة Booking.com بإساءة استخدام هيمنتها على السوق، وقدّمت دعوى جماعية للمطالبة بتعويضات عن الأضرار المالية التي لحقت بها على مدى سنوات بسبب ما يعرف بـ”بنود السعر الأفضل”. وانضمت مئات الفنادق النمساوية إلى الدعوى، بدعم من رئيس رابطة الفنادق النمساوية (ÖHV) والتر فايت،، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).
تنظم هذه الدعوى الجماعية الهيئة الأوروبية لقطاع الضيافة والسياحة HOTREC، وتهدف إلى المطالبة بالتعويض عن الخسائر الناتجة عن بنود السعر الأفضل (Bestpreisklauseln)، التي أجبرت الفنادق على عدم تقديم أسعار أقل عبر قنوات الحجز المباشرة مقارنةً بالأسعار المعروضة على Booking.com. وكانت محكمة العدل الأوروبية قد قضت في سبتمبر من العام الماضي بعدم ضرورة هذه البنود لبقاء Booking.com ومنصات مشابهة من الناحية الاقتصادية، وأكدت أن الحظر المفروض على اتفاقات الكارتل يمكن أن يُطبّق في هذه الحالة.
تتيح منصات مثل Booking.com للمستخدمين مقارنة الفنادق وحجزها مباشرة، وتتقاضى مقابل ذلك عمولة من الفنادق عن كل حجز ناجح، تُدرج عادة ضمن سعر الغرفة، ما يجعل المستخدم النهائي يتحمل التكلفة بشكل غير مباشر. في المقابل، لا تُحتسب أي عمولات عند الحجز المباشر عبر الفندق، ما يتيح إمكانيات لتقديم أسعار أرخص، وهو ما كانت تمنعه بنود السعر الأفضل التي فرضتها المنصة.
في النمسا، تم حظر هذه البنود قبل عشر سنوات بفضل مبادرة مشتركة من رابطة ÖHV ومجموعة الفنادق التابعة لغرفة التجارة. ومع ذلك، ترى رابطة الفنادق أن المنشآت الفندقية تكبدت خسائر كبيرة خلال العقدين الماضيين بسبب تلك البنود، وتُقدّر الخسائر بما يزيد عن 30% من قيمة العمولات المدفوعة.
وفقًا لتقرير بثه برنامج “Morgenjournal” في إذاعة Ö1 صباح الجمعة، فإن Booking.com تتقاضى حاليًا عمولة تتراوح بين 12% و20% لكل حجز. وأوضح والتر فايت، رئيس رابطة ÖHV، أن الفنادق وافقت على هذه العمولات المرتفعة فقط لعدم قدرتها على الاستغناء عن المنصة: “إذا لم أكن موجودًا على Booking، فلن أستطيع تسويق غرفي على المستوى الدولي، لأنني لن يعثر علي ببساطة. Booking استغلت هذا الوضع وفرضت عمولات مرتفعة للغاية. وقد أقرت محاكم عديدة بوجود خروقات لقانون المنافسة، ولهذا السبب يحق لنا كفنادق المطالبة بالتعويض، وسنعمل على استعادته.”
انضم فايت شخصيًا إلى الدعوى القضائية، إلى جانب أكثر من 400 منشأة فندقية نمساوية. ويتولى تمويل الإجراءات القانونية جهة خارجية متخصصة في تمويل الدعاوى القضائية، لا تتقاضى أجرًا إلا في حال النجاح، مما يجعل الانضمام إلى الدعوى غير محفوف بالمخاطر للفنادق.
من جهتها، أبدت Booking.com موقفًا هادئًا تجاه الدعوى، ورفضت المزاعم بوجود أحقية في التعويض، مشيرة إلى أن محكمة العدل الأوروبية لم تصنف بنود السعر الأفضل بأنها مخالفة واضحة لقوانين المنافسة، بل أكدت على ضرورة دراسة كل حالة على حدة. وأكدت المنصة أنها ستواصل الدفاع عن موقفها قانونيًا عند الحاجة، معتبرة أن البنود لا تؤدي إلى أثر منافٍ للمنافسة.
تعود ثقة Booking.com أيضًا إلى مكانتها المسيطرة على سوق الحجوزات الفندقية الإلكترونية، إذ قال أوليفر فريتس، خبير السياحة في معهد البحوث الاقتصادية WIFO، لإذاعة Ö1 إن المنصة تهيمن على حوالي 75% من السوق النمساوي، فيما توصف المنصات الأخرى بأنها شبه معدومة التأثير.
رغم الانتقادات، أشار فريتس إلى أن Booking.com تتيح للفنادق الوصول إلى عدد هائل من العملاء المحتملين، كما أن نظام الحجز فعال ومعتمد. وأوضح أن العديد من المنشآت تستخدم المنصة فقط لتصريف غرف لم يتم حجزها.
ووفقًا لفريتس، فإن حوالي 20% من جميع ليالي المبيت الفندقي في النمسا تُحجز عبر منصات مثل Booking.com، مع وجود اتجاه تصاعدي مستمر. وبالرغم من أن نتائج هذه الدعوى الجماعية لن تكون محسوسة بشكل مباشر من قِبل المسافرين، فإن الحكم قد يشكّل سابقة قضائية مهمة لتنظيم عمل المنصات الرقمية للحجوزات.
هذا وقد أعلنت HOTREC يوم الأربعاء عن تمديد مهلة الانضمام إلى الدعوى حتى 29 أغسطس الجاري. وتشمل الدعوى الفنادق التي تم فيها حجز غرف عبر Booking.com في الفترة الممتدة من عام 2004 حتى عام 2024.
وكانت منصة Booking.com قد ألغت بنود السعر الأفضل في دول المنطقة الاقتصادية الأوروبية اعتبارًا من عام 2025، مبررة ذلك بالتشريعات الأوروبية الجديدة مثل قانون الأسواق الرقمية (DMA)، الذي يهدف إلى تعزيز المنافسة وفرض قواعد أكثر صرامة على المنصات الرقمية الكبرى.



