فيينا تطرح خطة من خمس نقاط لمواجهة جنوح الأطفال تشمل الحجز بعد زيادة 112% بالجرائم
فيينا – INFOGRAT:
قدّمت مجموعة العمل “جرائم الأطفال والشباب” التابعة للمديرية العامة لشرطة ولاية فيينا والمكتب الاتحادي للتحقيقات الجنائية، يوم الإثنين، خطة من خمس نقاط تهدف إلى الحد من جنوح الأطفال في فيينا، وذلك استجابةً للارتفاع الكبير في معدلات الجرائم المرتكبة ضمن فئات عمرية معينة، من خلال اعتماد سلسلة من الإجراءات التربوية والتأهيلية قد تشمل، في حالات قصوى، الإيداع في مؤسسات مغلقة.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، شاركت في مجموعة العمل جهات ومؤسسات أساسية معنية بالأطفال والشباب، وجرى وضع الخطة الجديدة نظرًا للارتفاع الحاد في أعداد الجرائم المرتكبة من قبل القُصّر في بعض الفئات العمرية، وقد نصّت الخطة أيضًا على إمكانية إدخال مؤسسات مغلقة (geschlossene Einrichtungen)، وهو إجراء ورد في البرنامج الحكومي الحالي، كخيار أخير.
إلا أن هذا الإجراء لا يزال مثار جدل بين المؤسسات المشاركة، خصوصًا بين دوائر دعم الأطفال والشباب، التي كانت ترفضه بشدة في السابق. غير أن كلاً من والتر ديلينغر (Walter Dillinger) من مديرية شرطة فيينا ورئيس مجموعة العمل، ويوهانس كولر (Johannes Köhler)، مدير إدارة رعاية الأطفال والشباب في فيينا (MA 11)، أشارا يوم الإثنين إلى وجود تحول في الموقف. وقال كولر: “نحن أمام وضع مختلف تمامًا”. وأضاف ديلينغر مؤكدًا: “كان أمرًا صادمًا أن الدولة لم تكن قادرة على حماية نفسها من أفراد يرفضون التعاون، وهذا سيتغيّر”.
خمسة محاور رئيسية للخطة
الخطة المكوّنة من خمس نقاط تشمل، قبل اللجوء إلى خيار المؤسسات المغلقة للقاصرين مرتكبي الجرائم العنيفة والمستمرة، سلسلة من تدابير الوقاية والتنسيق تستهدف الأهالي، والمؤسسات التعليمية مثل رياض الأطفال والمدارس، بالإضافة إلى اجتماعات تنسيقية بين المؤسسات المشاركة في مجموعة العمل.
المرحلة التالية من البرنامج تُعرف باسم “التدخل المنسّق في حالات الجنوح الأولي” (KISI)، وهي تُطبّق عندما يرتكب القاصر لأول مرة جريمة. في هذه الحالة، يُنظَّم لقاء بحضور الطفل يتلقى خلاله الوالدان أو المسؤولون عن التربية استشارة أمنية من قبل الشرطة.
المراقبة والتوجيه والمتابعة
عقب ذلك، تبدأ مرحلة مراقبة (Monitoring) تستمر من ثلاثة إلى خمسة أشهر، يعقبها جلسة استشارية أخرى. وإذا ارتكب الطفل خلال هذه الفترة جرائم إضافية، تقرر مجموعة توجيهية تابعة لـ KISI – والتي تضم ممثلين عن MA 11 – ما إذا كان ينبغي اتخاذ إجراءات إضافية. ومن المقرّر أن تبدأ المرحلة التجريبية في 1 يونيو/حزيران 2025.
تشمل المرحلة الثالثة ما يُعرف بـ “التوجيه والمرافقة” (OH) للقاصرين مرتكبي الجرائم العنيفة المتكررة، أي أولئك الذين لديهم، حسب التعريف، خمس تسجيلات جنائية على الأقل خلال سنة واحدة في قواعد بيانات الشرطة.
تهدف مرحلة التوجيه إلى إقامة علاقة طويلة الأمد مع الطفل من خلال وجود شخصيات موثوقة ومرافِقة، خاصة أن هؤلاء الأطفال غالبًا ما يكونون قد خضعوا لعدة عمليات نقل بين مراكز الأزمات وسكنات جماعية. ويجري تحديد كيفية تطبيق هذه المرحلة بالتعاون الوثيق مع الأخصائي الاجتماعي المسؤول عن الحالة.
الإيواء في مؤسسات مغلقة كخيار أخير
كحل أخير، يُقترح الإيواء المؤقت في مؤسسات مغلقة للقاصرين الذين ارتكبوا أكثر من 50 جريمة خلال سنة واحدة. يُفترض أن يكون هذا الإجراء “الملاذ الأخير” (Ultima Ratio)، ويتطلب توفر أساس قانوني اتحادي جديد. وأوضح كولر أن في فيينا وحدها يوجد حالياً ما بين 30 و40 قاصرًا من مرتكبي الجرائم العنيفة، وقد تحتاج المدينة إلى ما بين 10 و15 مكانًا فقط لهذا النوع من الإيواء.
وشدّد كولر على أن القانون الحالي لا يسمح باحتجاز الأطفال في مراكز الأزمات أو السكنات الجماعية، مضيفًا أن التشريع الجديد يجب أن يتضمن أيضًا قرارًا قضائيًا يحدد مدة الإقامة في المؤسسة المغلقة. كما أشار إلى أن المؤسسات الحالية لا تصلح لتحويلها إلى مؤسسات مغلقة، ما يتطلب البحث عن منشآت مناسبة جديدة.
ليس سجناً بل مركز تأهيل
أكد الخبراء أن هذه المؤسسات المغلقة لا يمكن تشبيهها بالسجون، بل يجب أن تتضمن بيئة علاجية، مع برامج تعليمية نظرًا لأن الأطفال المعنيين لا يزالون ضمن سن التعليم الإلزامي. كما تحتاج هذه المؤسسات إلى عناصر أمنية وقواعد صارمة. وقال كولر إن هذه المؤسسات ستكون من بين “أغلى المؤسسات التي نملكها”.
أما بترا هوبر-لينتنر (Petra Huber-Lintner) من المكتب الاتحادي للتحقيقات الجنائية، فأشارت إلى أن التقاعس عن اتخاذ الإجراءات سيكون أكثر كلفة، مشيرة إلى دراسة من ولاية شمال الراين-وستفاليا الألمانية تُظهر أن “كل جاني شاب من ذوي السجل الإجرامي المكثّف يسبب تكاليف لاحقة بقيمة 1.7 مليون يورو”، وتشمل هذه التكاليف الأضرار المباشرة على الضحايا والتكاليف غير المباشرة عبر مؤسسات الرعاية.
تصاعد هائل في عدد الجرائم
شرح دييتر تسيفان (Dieter Csefan)، رئيس قسم مكافحة الجريمة المنظمة والعامة في المكتب الاتحادي للتحقيقات الجنائية (BK) وقائد فريق العمل الجديد لمكافحة جرائم الشباب، سبب الاستعجال في معالجة هذه الظاهرة. وأوضح أن عدد الأطفال المشتبه بهم ممن تتراوح أعمارهم بين 10 و14 سنة ارتفع على مستوى النمسا من 9,730 في عام 2022 إلى 12,049 في عام 2023، أي بنسبة 23.8%.
أما في فيينا، فقد “انفجر” عدد الأطفال المشتبه بهم في هذه الفئة العمرية، من 2,392 حالة في عام 2022 إلى 5,066 حالة في عام 2023، ما يمثل زيادة بنسبة 112%.
تزايد الخطر على العاملين في الرعاية
وأشار كولر، إلى ارتفاع مستويات الخطر التي يتعرض لها العاملون والعاملات في مجال الرعاية، موضحًا أنه “كل أسبوعين يصاب أخصائي أو أخصائية اجتماعية بجروح خلال أداء عمله”.



