فيينا تطلق مشروعًا بحثيًا طويل الأمد لضمان جودة مياه الشرب بالتعاون مع الجامعات

أطلقت مدينة فيينا مشروعًا بحثيًا جديدًا وطموحًا تحت اسم ViWa2020+، بالتعاون مع عدد من الجامعات، وذلك بهدف دراسة وتحسين جودة مياه الشرب في المدينة على مدى ثماني سنوات على الأقل. وتأتي هذه المبادرة استجابةً للنمو السكاني المستمر في العاصمة، وما يترتب عليه من زيادة متواصلة في استهلاك المياه، ما يتطلب تخطيطًا دقيقًا وإدارة استباقية للموارد المائية.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، أوضح مسؤولو مديرية المياه في فيينا (MA31 – Wiener Wasser) أن معرفة كميات الاستهلاك المتوقعة في الأيام المقبلة أمر حاسم لتأمين كميات كافية في خزانات المياه، حيث يعتمد هذا التقدير حتى الآن على خبرة تراكمية تمتد لعقود من قبل العاملين في المديرية. فعلى سبيل المثال، يستغرق الماء القادم من نبع Kläfferquelle في ولاية شتايرمارك حوالي 36 ساعة للوصول إلى المنازل في فيينا.

وتتأثر كمية الاستهلاك بعدة عوامل متغيرة، منها درجة الحرارة الخارجية، وطول فترة موجات الحر، ومواسم العطل، وكذلك الأحوال الجوية من أمطار غزيرة أو جفاف، والتي يمكن أن تؤثر على توفر المياه.

تعاون علمي شامل من “قطرة المطر إلى صنبور الماء”

يُنفذ هذا المشروع بالتعاون بين Wiener Wasser ومركز التعاون الجامعي المشترك ICC Water & Health. وتغطي الأبحاث “النظام بأكمله من قطرة المطر حتى صنبور الماء“، حسبما أكد مديرا المشروع، أندرياس فارنلايتنر (Andreas Farnleitner) وألفريد باول بلاشكه (Alfred Paul Blaschke) من جامعة التقنية في فيينا (TU Wien).

ويهدف المشروع إلى دمج التغيرات العالمية التي قد تؤثر على الموارد وجودتها، مع التطورات التكنولوجية والتعديلات التشريعية، في منظومة مراقبة وتحليل شاملة. وتُستخدم أساليب حديثة لتحليل وتوقع جودة المياه على المستويين الميكروبيولوجي والكيميائي، وذلك لتوفير معرفة دقيقة تساهم في الإدارة الذكية للمورد.

مشروع ViWa2020+: مظلة لأبحاث متعددة الأوجه

يمثل ViWa2020+ إطارًا جامعًا لعدد كبير من المشاريع البحثية الجزئية التي ستُدمج ضمن برنامج تعاوني علمي موحد. ووفقًا لمدير Wiener Wasser، بول هيلماير (Paul Hellmeier)، فإن هذه المبادرات تهدف إلى تعزيز أساسيات تزويد العاصمة بالمياه “استنادًا إلى أحدث المعارف العلمية وأفضل التقنيات المتاحة”.

الذكاء الاصطناعي لدعم القرار الفوري

واحدة من أهم نتائج التعاون هي تطوير نموذج ذكاء اصطناعي قادر على التنبؤ، وعلى المدى القصير، بكل من كمية المياه المتوفرة وجودتها في كل مصدر مائي. ويجري تدريب النموذج عبر بيانات طويلة المدى من مناطق المنابع، ليُصبح قادرًا على دعم إدارة مصادر المياه بقرارات دقيقة حتى في الحالات الطارئة أو التقلبات المناخية المفاجئة.

وصرّح هيلماير قائلاً:

“تهدف أدوات الذكاء الاصطناعي إلى تمكين مدينة فيينا من اختيار أنسب المصادر المائية في التوقيت الأنسب بناءً على الظروف الجوية المحلية في مناطق المنابع”.

نحو إدارة مائية مستقبلية تعتمد على المعرفة الدقيقة

وبفضل هذه المنهجية، يُتوقع أن تصبح الأسس العلمية جزءًا لا يتجزأ من إدارة الموارد المائية الحديثة والموجهة نحو الاستدامة، حيث سيُمكن المشروع المدينة من اتخاذ قرارات مبنية على المعرفة العلمية والبيانات اللحظية، عوضًا عن الاعتماد فقط على الخبرة البشرية، ما يعزز من كفاءة وموثوقية منظومة المياه في فيينا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى