قانونيون ينتقدون وقف لمّ الشمل في النمسا.. “ذرائع شعبوية وسقطة قانونية وشيكة”
فيينا – INFOGRAT:
قررت الحكومة النمساوية مواصلة تعليق لمّ شمل الأسر بذريعة “حالة الطوارئ الوطنية”.. والجدل القانوني يتصاعد بين اتهامات بـ”فقدان الصلة بالواقع” ومحاولات تبرير قانوني.
أعلنت الحكومة النمساوية، وفي مقدّمتها وزيرة شؤون أوروبا، كلوديا بلاكولم (Claudia Plakolm) من حزب الشعب ÖVP، عزمها مواصلة تعليق لمّ شمل الأسر في ملفات اللجوء والهجرة، مستندةً إلى “حالة الطوارئ الوطنية” كمبرر قانوني، رغم أن الضغط الفعلي يقع في مدينة فيينا فقط وليس في عموم البلاد. وبينما تدافع الحكومة عن موقفها، يرى خبراء قانونيون ومختصون في شؤون اللجوء أن هذه الذريعة قابلة للطعن قانونيًا بشدة، وتُتهم الحكومة باللجوء إلى خطاب شعبوي لا يعالج جذور المشكلة.
وبحسب صحيفة krone النمساوية، كانت الحكومة قد قررت في وقت سابق فرض وقف مؤقت على لمّ شمل أسر اللاجئين، بدعوى أن النظام العام مثقل بالعبء نتيجة ارتفاع أعداد الوافدين، ما أدى إلى إعلان “حالة طوارئ وطنية” وفقًا لنص قانوني مشابه لما هو معمول به في ألمانيا.
إلا أن هذه الخطوة أثارت انتقادات حادة خلال فترة الاستشارة القانونية التي انتهت مؤخرًا، حيث أبدت العديد من المنظمات غير الحكومية ومختصو الهجرة تحفظهم الشديد على قانونية القرار وجدواه.
بلاكولم: “نحتاج وقفًا للهجرة نحو البطالة”
في تصريحات لها، شدّدت الوزيرة كلوديا بلاكولم على أن وقف لمّ الشمل “سيصبح أمرًا واقعًا” وأنه “ضروري”. وأشارت إلى أن النمسا لا تحتاج “لمزيد من الهجرة نحو البطالة”، في إشارة إلى الوافدين الذين لا يندمجون بسرعة في سوق العمل.
خبراء: لا توجد حالة طوارئ على مستوى الدولة
من جانبها، أكدت منظمة Asylkoordination أن “حالة الطوارئ الوطنية ببساطة غير موجودة”، في حين شدد الخبير في شؤون اللجوء لوكاس غاهلايتنر-غيرتس (Lukas Gahleitner-Gertz) على أن المشاكل المرتبطة بزيادة عدد السكان في بعض القطاعات لا تعني بالضرورة وجود أزمة وطنية شاملة، وأضاف: “نعم، هناك اختناقات ومشكلات في بعض مدارس فيينا، ولكن لا يمكن استخدام هذا كتبرير لإعلان حالة طوارئ على مستوى الدولة كلها”.
كما اتهم الحكومة، خصوصًا حزب الشعب، بالسعي لمعالجة الأعراض بدل الأسباب الحقيقية للهجرة، وانتقد المفارقة بين إعلان سوريا كدولة آمنة للعودة من جهة، والتذرع بـ”تهديد النظام العام” من جهة أخرى، واصفًا ذلك بأنه: “فقدان متزايد للصلة بالواقع، وقد ينتهي هذا القرار أمام المحاكم بـ”سقطة قانونية محرجة متوقعة”.”
الرأي القانوني المقابل: هناك مبررات قانونية محتملة
لكن من جهة أخرى، أشار أستاذ القانون الدستوري بيتر بوسياجر (Peter Bußjäger) إلى أن تعليق لمّ الشمل قابل للتبرير قانونيًا إذا توفرت الحيثيات المناسبة. وأوضح أن الضغط الواقع على فيينا لا يعود فقط إلى عزوف باقي الولايات عن استقبال اللاجئين، بل أيضًا لأن الأشخاص الذين لديهم حماية فرعية أو صفة لاجئ لا تشملهم آليات التوزيع الجغرافي داخل النمسا.
وأضاف بوسياجر: “مدينة مثل فيينا ستظل دائمًا وجهة جاذبة للمهاجرين بسبب توافر فرص العمل، ووجود الجاليات، وسهولة الوصول إلى الخدمات. لذا فإن المطالبة بـ”توزيع أفضل للاجئين” لا تكفي وحدها لتخفيف العبء.”
واختتم بالتأكيد على أنه إذا تمكنت الحكومة من إثبات أن هناك عبئًا مفرطًا على قطاع التعليم في فيينا، فمن الممكن بناء حجة قانونية على أساس “حالة الطوارئ الوطنية”. لكنه أضاف أن: “العبء يقع على الحكومة في تقديم أدلة مقنعة على صحة هذا الادعاء.”



