كيكل يهاجم الحكومة الجديدة في “الأربعاء السياسي” لحزب الحرية النمساوي
فيينا – INFOGRAT:
هاجم رئيس حزب الحرية النمساوي (FPÖ)، هيربرت كيكل، الحكومة الجديدة بشدة خلال فعالية “الأربعاء السياسي” التي ينظمها الحزب سنويًا في قاعة يان بمدينة ريد إم إنكرايس. وفي أول تعليق له منذ تنصيب الحكومة الجديدة يوم الأربعاء، شن كيكل أمام نحو 2000 شخص هجومًا لاذعًا على الأحزاب الثلاثة المشكلة للتحالف الحاكم: حزب الشعب النمساوي (ÖVP)، الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPÖ)، وحزب نيوس (NEOS)، مؤكدًا أنه يعتبر نفسه “مستشارًا مؤجلًا”.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، استهل كيكل خطابه بملاحظة ساخرة، قائلًا إنه يجب أن يكون حذرًا حتى لا “يهدم كل الجدية التي عمل على بنائها في الأشهر الماضية” وأكد أن مشروع “المستشار الشعبي” لم يُلغَ، بل تأجّل فقط، معتبرًا أن التراجع الحالي ما هو إلا “خطوة أطول للاندفاع” نحو المستشارية. وأثناء خطابه، ترددت في القاعة هتافات “هيربرت، هيربرت” بشكل متكرر.
ثم انتقل كيكل سريعًا إلى مهاجمة حزب الشعب النمساوي (ÖVP) وزعيمه المستشار كريستيان شتوكر، قائلاً: “هذا البلد تجاوز الكثير، وسيتحمل شتوكر أيضًا”، مضيفًا أن المستشار الجديد لم يُنتخب فعليًا من قبل أي شخص، بل “هو مجرد بديل مؤقت” ووصف كيكل برنامج الحكومة الجديدة بأنه “مجرد فراغ سياسي”، قائلًا: “شتوكر سيئ للغاية، لدرجة أنه لا يمكن إلا أن تتحسن الأمور بعده”.
“تحالف قسري بين الهاربين من الانتخابات المبكرة”
انتقد كيكل العدد الكبير لوزراء الدولة في الحكومة الجديدة، مشبّهًا مقاعد الوزراء في البرلمان بـ “بطارية دواجن”، لكنها تبيض فقط “بيضًا فاسدًا”، على حد تعبيره. وأضاف أن هذا التحالف لن يكون “ثلاثيًا ديناميكيًا، بل زواجًا قسريًا بين الهاربين من الانتخابات المبكرة”، متوقعًا انهيار الحكومة في وقت قريب، ومؤكدًا أن ذلك سيفتح الطريق أمامه ليصبح “المستشار الشعبي”.
وواصل كيكل هجومه على حزب الشعب، مشيرًا إلى فشل المفاوضات السابقة لتشكيل ائتلاف بين FPÖ وÖVP، وقال إن الحزب الحاكم “ليست لديه علاقة جيدة مع الصدق”. كما شدد على أن النمسا بحاجة إلى سياسة هجرة صارمة، متهمًا حزب الشعب بعدم الرغبة في تبني مثل هذه السياسة، وأضاف: “لهذا السبب كان منصب وزير الداخلية مهمًا جدًا بالنسبة لنا”.
اتهامات بـ “الشيوعية” والسخرية من الحكومة
شن كيكل هجومًا عنيفًا على شخصيات بارزة في الحكومة، واصفًا وزير الداخلية غيرهارد كارلنر (ÖVP) بأنه “حارس على الهياكل العظمية في خزانة وزارة الداخلية”. كما زعم أن حزب الشعب “انحرف يسارًا”، وتحالف مع “الاشتراكيين والماركسيين”. وذهب أبعد من ذلك عندما وصف رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي ونائب المستشار أندرياس بابلر، ووزير المالية ماركوس مارتر باور بأنهما “شيوعيان”، متهمًا حزب نيوس (NEOS) بأنه “مهد الطريق لهما”. كما هاجم وزيرة الخارجية بياته ماينل-رايسينجر (NEOS)، واصفًا إياها بأنها “نسخة نمساوية من أنالينا بيربوك”، وزيرة الخارجية الألمانية.
وواصل كيكل هجومه، متسائلًا عن سبب عدم توليه منصب المستشار، مجيبًا: “لأن لديّ عمودًا فقريًا، ولست خرطوم مياه”. وأضاف أنه لو كان “جشعًا للسلطة كما تزعم ÖVP”، لكان قد أغلق الصفقة خلال المفاوضات، لكنه رفض القيام بذلك لأنه “لم يكن مستعدًا لخيانة ناخبيه”.
“سأدخل بأداة التنظيف عالية الضغط”
أكد كيكل أن هناك فرقًا كبيرًا بين المستشار العادي والمستشار الشعبي، قائلاً إنه في حال توليه المنصب “لن يُترك حجر على حجر”، وسيسعى إلى “تطهير الأجواء”، مضيفًا: “سأدخل بأداة التنظيف عالية الضغط (Kärcher) حتى في آخر زوايا الجمهورية”. وشدد على أنه “لن يكون دمية مستشارية تحت سيطرة حزب الشعب”، مؤكدًا: “يمكن كسر من يسمح لنفسه بالكسر فقط، لكننا سنصل إلى الهدف”.
كما توقع كيكل أن التحالف الحاكم لن يدوم طويلًا، معتبرًا أن الشكوك المتبادلة بين قادة الأحزاب الثلاثة الحاكمة أصبحت واضحة بالفعل، وقال: “السقف لم يُبلغ حدّه بعد، لا يزال هناك الكثير مما يمكن تحقيقه”.
كيكل يشيد بالموقف الأمريكي تجاه أوكرانيا
لم يقتصر حديث كيكل على الشؤون المحلية، بل تطرق أيضًا إلى السياسة الخارجية، مشيدًا بما وصفه بـ “عودة لغة الوضوح في الولايات المتحدة”. وخص بالذكر موقف بعض السياسيين الأمريكيين من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قائلاً: “أنا سعيد لأن هناك من قال له وجهًا لوجه إنه يلعب بالنار ويخاطر بحرب عالمية ثالثة”، مضيفًا: “حان الوقت لإنهاء هذه المهزلة والبدء في مفاوضات سلام حقيقية”، مؤكدًا أن ذلك ينطبق على كل من زيلينسكي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
هايمبوتشنر: “زمننا سيأتي قريبًا”
قبل خطاب كيكل، ألقى مانفريد هايمبوتشنر، نائب حاكم ولاية النمسا العليا (FPÖ)، خطابًا ناريًا، قال فيه: “زمننا سيأتي، وربما يكون قريبًا جدًا”. كما وصف قادة الأحزاب الثلاثة في الحكومة بأنهم “قادة كرنفال لهذه الفرقة من مجتمع الميم”، وهاجم بشدة النقاشات السياسية حول الهوية الجندرية، معتبرًا أنها “حالة تستدعي العلاج النفسي”.
ووجه هايمبوتشنر انتقادات لاذعة لحزب الشعب، قائلاً: “ÖVP لم تعد حزبًا محافظًا، بل تحولت إلى حزب يساري مثل باقي الأحزاب”، مضيفًا أن حزب الحرية هو الوحيد الذي لا يزال يدافع عن القيم المحافظة في النمسا.
احتجاجات أمام القاعة
قبل انطلاق الفعالية بساعتين، تجمع نحو 250 متظاهرًا في موقف السيارات المقابل لقاعة يان، احتجاجًا على اجتماع حزب الحرية. وقادت مجموعة “جدات ضد اليمين” (Omas gegen Rechts) الاحتجاج، داعية إلى “التضامن ضد اليمين المتطرف”، بينما هتف المحتجون: “نحن يقظون”.



