محامية مصرية تدخل على خط قضية ترحيل سوري من النمسا وتكشف تناقضات قانونية وأمنية

اعداد: ريم أحمد

أجرى الإعلامي أحمد مراد حواراً مباشراً عبر النمسا ميديا مع المحامية المصرية نيفين ساويرس، تناولت فيه تفاصيل قضية الشاب السوري الذي أصدرت السلطات النمساوية قراراً بترحيله إلى سوريا يوم الإثنين الموافق 23 يونيو 2025، وذلك وسط تساؤلات واسعة من الجالية السورية في النمسا حول الأسباب القانونية التي دفعت إلى تسريع إجراءات ترحيله، في ظل مخاوف من أن يُشكل ذلك سابقة قد تطال عشرات الآلاف من السوريين المقيمين في البلاد.

زيارة إلى سجن الترحيل.. وقيود أمنية غير معتادة

في مستهل الحوار، أوضحت ساويرس أنها تمكّنت، بصفتها محامية، من زيارة الشاب السوري المحتجز، البالغ من العمر 32 عاماً، في سجن الترحيل بالحي الثامن في فيينا. وقد لفت انتباهها أن الشاب كان محاطاً بحراسة دائمة من شرطيين، لم يتركاه حتى أثناء حديثها معه، وهو أمر غير معتاد في مثل هذه القضايا، حيث لا تُفرض مثل هذه الإجراءات الأمنية إلا على من يُعتبر “خطراً أمنياً”.

وأكدت المحامية أن ما تنقله من معلومات هو بناءً على رغبة الشاب نفسه، الذي وافق على سرد قصته للرأي العام.

التهمة: الانضمام إلى تنظيم “داعش” – والسوابق تعزز الشكوك

بحسب ما كشفت المحامية نيفين ساويرس، فإن سبب الترحيل الرئيسي هو اتهام الشاب بانتمائه إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، حيث اعتبرته السلطات النمساوية “يشكل تهديداً للأمن القومي”.

تفاصيل القضية تبدأ من العام 2014، حين دخل الشاب إلى النمسا في أغسطس قادماً من مدينة حلب السورية، وحصل لاحقاً على حق اللجوء. بعد ذلك، تشير السلطات إلى أنه انضم إلى تنظيم داعش بين ديسمبر 2014 وديسمبر 2017، وكان يحمل بطاقة عضوية كمقاتل إعلامي محترف، بحسب الملفات الرسمية. وقد عمل خلال تلك الفترة في مجالات التصوير، التحرير، والمونتاج لإنتاج تقارير إعلامية لصالح التنظيم.

في 6 ديسمبر 2017، تم القبض عليه بناءً على بلاغ، وصدر بحقه حكم بالسجن الإلزامي لمدة سبع سنوات. وبينما كان محتجزاً، وُجهت إليه خمس تهم إرهاب إضافية – شملت التحريض، التجنيد، والتمويل الإرهابي – لكنه بُرّئ من جميعها، بحسب ما أكدت المحامية.

وأضافت أن الشاب قضى مدة سجنه في زنزانة انفرادية تحت مراقبة أمنية مشددة، وهي واحدة من أشد ظروف الحبس في النظام القضائي النمساوي.

إسقاط حق اللجوء وتجديد الطلب – ثم الرفض السريع

تابعت ساويرس بالقول إن السلطات النمساوية سحبت حق اللجوء منه في فبراير 2019، بينما كان لا يزال في السجن. وفي فبراير 2024، تقدم بطلب جديد للحصول على الحماية الدولية، إلا أن طلبه رُفض في غضون شهر واحد فقط، في مارس من العام ذاته.

الاتهامات تتوسع.. وربط بقضايا إرهاب كبرى

روى الشاب للمحامية نيفين أن السلطات النمساوية وجهت له لاحقاً اتهامات غير مباشرة بالتورط في الهجوم الإرهابي الذي وقع في 2 نوفمبر 2020 في فيينا، على الرغم من وجوده آنذاك داخل السجن. كما اشتبهت السلطات في تخطيطه لتفجير البرلمان النمساوي، بالإضافة إلى حادث إرهابي وقع في مدينة فيلاخ بعد خروجه من السجن، إلا أن جميع هذه المزاعم لم تؤدِ إلى إدانته قانونياً.

بعد الإفراج.. بلا مأوى وسجن مجدد

أُطلق سراح الشاب في 6 ديسمبر 2024 بعد انقضاء مدة محكوميته، وانتقل إلى مراكز إيواء للمشردين في مدينة سالزبورغ. في 7 مارس 2025، تم توقيفه مجدداً بعد اتهام أحد المقيمين معه بالتعرض للضرب، وهي الواقعة التي أنكرها، لكنه أقر بوجود شهود دعموا رواية المدعي. على إثر ذلك، داهمت قوة “كوبرا” الخاصة المكان واعتقلته، ليُحكم عليه لاحقاً بالسجن لمدة شهرين.

محاولات متكررة للعودة الطوعية.. ثم التراجع

ذكرت المحامية أن المتهم تقدم خلال فترة سجنه بخمس طلبات للعودة الطوعية إلى سوريا، لكن جميعها رُفضت نظراً لعدم توفر رحلات جوية إلى هناك. بعد خروجه من السجن، أعاد تقديم الطلب مجدداً دون أن يعرف إن كانت حياته مهددة في سوريا أم لا، لكنه ما لبث أن تراجع عن قراره ورفض العودة.

ويخشى الشاب، بحسب أقواله، من العودة إلى سوريا، حيث يخشى الاعتقال من قبل النظام الجديد أو الجماعات الجهادية، والتي قد تعيده قسراً إلى صفوفها أو تقوم بتصفيته، على حد قوله.

المنظمات الحقوقية تتدخل.. ثم تتراجع

قالت ساويرس إن عدداً من المنظمات الحقوقية – من بينها “دياكوني” (Diakonie) – سعت لإيصال قضيته إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي أبدت في البداية اهتماماً وتجاوباً مع القضية في البداية، إلا أنها تراجعت دون إبداء أسباب واضحة، بعدما واجهت ربما ضغط من الدولة النمساوية.

ندم ورغبة في فرصة ثانية

ختمت المحامية حديثها بنقل الرسالة، الذي قال فيها:

“كنت شاباً صغيراً، لم أتجاوز 21 عاماً، ولم أكن أملك النضج الكافي لاتخاذ قرارات صائبة. شعرت بالضياع، والعنصرية، وضغوط نفسية هائلة بسبب الحرب في سوريا، فانضممت إلى داعش لأني كنت أبحث عن الانتماء والقوة، لكنني اليوم تغيرت. أخطأت، وتمت معاقبتي. والآن أطلب فرصة ثانية.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى