مفاوضات الحكومة: اتفاق على تسهيل الجنسية النمساوية وخلاف حول الضرائب والهجرة

قررت الأحزاب النمساوية الثلاثة، حزب الشعب (ÖVP)، والحزب الاشتراكي (SPÖ)، وحزب النيوس (NEOS)، بدء مفاوضات مشتركة لتشكيل الحكومة الجديدة، في ظل اختلافات كبيرة في برامجها وسياساتها.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، بعد اجتماع يوم الاثنين، أعلن ممثلو الأحزاب الثلاثة قرار بدء المفاوضات، مع الإشارة إلى أن العملية لن تكون سهلة بسبب وجود اختلافات كبيرة، خصوصاً بين حزب الشعب والحزب الاشتراكي. علاوة على ذلك، يتطلب الوضع الحالي الوصول إلى تفاهمات إضافية مع حزب النيوس كطرف أصغر. ومن المتوقع أن تتركز أكبر النقاشات على قضايا الضرائب والإنفاق العام في ظل الوضع المالي الصعب الذي تعيشه البلاد.

التوافقات والخلافات في السياسات الضريبية
فيما يتعلق بالضرائب، يبدو أن هناك تقارباً نسبياً بين حزب الشعب والنيوس، حيث يسعى كلاهما إلى تخفيض ضريبة الدخل. يقترح حزب الشعب خفض ضريبة الدخل من حوالي 43% إلى 40%، وتقليص الحد الأدنى لضريبة الدخل من 20% إلى 15%، إضافة إلى إلغاء شريحة الضريبة بنسبة 40%. كما يدعمان خفض ضريبة الشركات (KöSt)، التي تم تقليصها مؤخراً إلى 23%. من ناحية أخرى، يعطي حزب النيوس الأولوية لتخفيض تكاليف العمل، ويرفض بشدة فرض أي ضرائب جديدة.

على الجانب الآخر، يدعو الحزب الاشتراكي إلى زيادة ضريبة الشركات إلى 25%، كما يطالب بفرض ضرائب على الثروات والميراث. يبرز هذا التباين في رؤية الأحزاب لكيفية تمويل هذه التخفيضات الضريبية: حيث يقترح حزب الشعب تمويل ذلك عبر تخفيضات في المساعدات الاجتماعية، وتقليص الدعم، وتحفيز النمو الاقتصادي من خلال تخفيض الضرائب، بينما يدعو النيوس إلى إلغاء الدعم الخاص بالمسافرين (Pendlerpauschale)، وضع سقف لدعم المعاشات التقاعدية، وزيادة الضغط على الولايات لتوفير موارد مالية عبر إعطائها استقلالية ضريبية.

الاختلافات الاجتماعية والاقتصادية
فيما يتعلق بالعمل والرفاه الاجتماعي، هناك انقسامات واضحة. يدعو حزبا الشعب والنيوس إلى تخفيض إعانات البطالة تدريجياً، في حين يطالب الحزب الاشتراكي برفع نسبة التعويض إلى 70% من صافي الدخل. كما يلتقي الحزب الاشتراكي مع النيوس في السعي إلى حل موحد على المستوى الوطني لدعم الرعاية الاجتماعية، يتم تطبيقه من خلال مكتب العمل (AMS). لكن حزب الشعب يتمسك بمنح المهاجرين والمهاجرات حق الحصول على المساعدات الاجتماعية بعد مرور خمس سنوات فقط من إقامتهم.

قضايا اللجوء والهجرة
يتبنى حزب الشعب موقفاً متشدداً فيما يتعلق بسياسات اللجوء والهجرة، حيث يدعو إلى إنشاء مراكز احتجاز في دول ثالثة، وفرض قيود على لم شمل الأسر، وتشديد شروط الحصول على الجنسية النمساوية. من جهة أخرى، يفضل الحزبان الآخران تخفيف القيود على منح الجنسية. ومع ذلك، قدّم حزب الشعب إشارات على إمكانية تقديم تنازلات في هذا المجال. توافق الأحزاب الثلاثة إلى حد ما على ضرورة تعزيز الإجراءات عند حدود الاتحاد الأوروبي الخارجية لتسريع عمليات رفض وإعادة طالبي اللجوء غير المؤهلين.

ملف التقاعد: رؤى متباينة
في موضوع التقاعد، يختلف الحزب الاشتراكي عن حزبي الشعب والنيوس، حيث يدافع الاشتراكيون عن النظام الحالي ويرون أنه قوي بما يكفي لمواجهة التحديات المستقبلية. يدعو الحزب الاشتراكي إلى رفع سن التقاعد بالتزامن مع توفير فرص عمل تتناسب مع الأعمار الأكبر سناً، وزيادة الاستثمار في الصحة المهنية. كما يرفض الاشتراكيون فكرة تقسيم المعاشات التقاعدية بشكل تلقائي بين الأزواج، وهي فكرة يدعمها حزبا الشعب والنيوس. بينما يطرح حزب النيوس نظاماً مستوحى من النموذج السويدي، يسمح للأفراد بالتقاعد مبكراً أو متأخراً وفقاً لحسابات تعتمد على مدخراتهم التقاعدية ومتوسط العمر المتوقع.

التعليم بين الأداء والشمولية
في ملف التعليم، تتفق رؤية الحزب الاشتراكي والنيوس على دعم التعليم الشامل حتى نهاية مرحلة التعليم الإلزامي، وتوسيع نموذج المدارس اليومية المتكاملة، وتطبيق مؤشر اجتماعي يمنح المدارس التي تواجه تحديات إضافية المزيد من الموارد. على الجانب الآخر، يركز حزب الشعب على تعزيز الأداء الأكاديمي، مع اقتراح إعادة تطبيق نظام مجموعات الأداء في المدارس الثانوية، وإجراء امتحان “الالتزام التعليمي” في نهاية المرحلة الإلزامية.

سياسات المناخ: أولويات متضاربة
أما فيما يتعلق بالمناخ، يدعم الحزبان الاشتراكي والنيوس إقرار قانون لحماية المناخ، ويعتبر الاشتراكيون الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2040 ضرورة ملحة. بدوره، يسعى النيوس إلى التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري. أما حزب الشعب، فيفضل استخدام تقنيات جديدة بدلاً من تطبيق إجراءات صارمة لتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى