مقال: “وراء كل رجل خبيث امرأة أشد خبثًا”.. هل زوجة الأسد هي ماري أنطوانيت العصر الحديث؟

منذ أن دخلت أسماء الأسد (الأخرس) قصر الحكم السوري كزوجة لبشار الأسد، حملت على عاتقها أدوارًا متعددة: السيدة الأولى، الوجه العصري للنظام، والرمز الإنساني المزعوم. لكن خلف هذه الصورة اللامعة، تكمن سيدة أخرى: امرأة محنكة، متسلطة، وأكثر خطورة مما تبدو عليه. اليوم، تتشابك خيوط قصة أسماء الأسد مع الفساد المالي، سرقة مقدرات السوريين، محو المنافسين، وإحكام قبضتها على الاقتصاد السوري، بينما يتجرع الشعب السوري مرارة الحرب والجوع والنزوح.

وسيم محمد مطاوع
سوري مقيم في فيينا

من “ياسمينة دمشق” إلى سيدة الظل

عندما ظهرت أسماء الأسد لأول مرة في دائرة الضوء، كانت الأوساط الإعلامية الدولية تتحدث عنها كرمز للحداثة والذكاء. فتاة نشأت في بريطانيا، متعلمة في أرقى جامعاتها، طموحة وواثقة، وبدا للبعض أنها قادرة على إحداث تغيير إيجابي داخل النظام المتجذر في الفساد والقمع.
لكن مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، انقلبت الصورة تمامًا. لم تكن أسماء مجرد “السيدة الأولى” بل تحولت إلى أحد الأعمدة الرئيسية في النظام، بشبكاتها المالية، وتحكمها في الموارد، وإدارتها لصراعات داخلية أطاحت بأبرز رجال الاقتصاد المقربين من القصر.

إذا لم يكن هناك خبز… فليأكلوا الكعك!

مثلما نسبت إلى ماري أنطوانيت ملكة فرنسا مقولتها الشهيرة: “إذا لم يكن هناك خبز، فليأكلوا الكعك!”، يبدو أن أسماء الأسد اتخذت النهج ذاته.
بينما كانت المدن السورية تتهاوى تحت القصف، والشعب السوري يسحق بالجوع والفقر، كانت أسماء تتجول في قصرها الفاخر، ترتدي أرقى الأزياء العالمية وتلتقط الصور بابتسامة واثقة. أُنفقت ملايين الدولارات على مقتنياتها الشخصية في الوقت الذي يعاني فيه السوريون نقصًا حادًا في أبسط مقومات الحياة. أصبح الفارق بين “السيدة الأولى” والشعب السوري جرحًا نازفًا يكشف حجم الانفصال بين القصر والواقع المرير.

إمبراطورية الفساد: الأيادي الخفية لعائلة الأخرس

الأذرع المالية لعائلة الأخرس
والدها فواز الأخرس، الطبيب المقيم في لندن، لعب دورًا رئيسيًا في تسهيل عمليات نقل الأموال إلى الخارج عبر شركات وهمية.
أقاربها، مثل إياد الأخرس، شاركوا في عمليات تهريب أموال النظام السوري إلى بنوك أجنبية في روسيا والإمارات وأوروبا.
عائلتها أصبحت أداة رئيسية لتمرير العمليات المالية المشبوهة بعيدًا عن العقوبات الدولية.

المنظمات الإنسانية: غطاء للفشل والفساد
تسيطر أسماء على منظمة “الأمانة السورية للتنمية”، التي كانت مجرد ستار لعمليات نهب أموال المساعدات الإنسانية.
تقارير دولية كشفت أن أموال الإغاثة لم تصل إلى مستحقيها بل تم تحويلها إلى حسابات سرية أو استخدمت لدعم العمليات العسكرية للنظام.
آلاف الأطفال السوريين تركوا في المخيمات، بينما تحولت ملايين الدولارات إلى رفاهية عائلة الأسد وحلفائها.

حربها على عائلة مخلوف: الصراع على المال والنفوذ

لعقود، كانت عائلة رامي مخلوف هي المسيطرة على الاقتصاد السوري، لكن مع صعود أسماء الأسد بدأت مرحلة جديدة من الصراع.
تم إقصاء رامي مخلوف من المشهد الاقتصادي بعد اتهامات علنية بالفساد والتهرب الضريبي.
أُجبر على التنازل عن أصوله الاقتصادية الكبرى لصالح شركات تدار من قبل أسماء الأسد.
أعتقل العشرات من رجال مخلوف وأُقصوا من المناصب المؤثرة، حتى أُسدل الستار على دوره كلاعب اقتصادي رئيسي.
بهذا الانتصار، عززت أسماء الأسد قبضتها على الاقتصاد السوري، وتحولت من مجرد “سيدة أولى” إلى العقل المدبر لشبكة مالية واسعة تدر مليارات الدولارات سنويًا.

العقوبات الدولية: الحصار على “السيدة الأولى”

فرضت كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات صارمة على أسماء الأسد:

  • تجميد أصولها المالية في الخارج.
  • حظر تعامل الشركات الأجنبية مع أي كيان أو مؤسسة مرتبطة بها.
  • إدراجها رسميًا ضمن قائمة الشخصيات المسؤولة عن استمرار النزاع وسرقة مقدرات السوريين. لكن أسماء استطاعت عبر شبكات مالية معقدة التهرب من العقوبات واستمرت في إدارة إمبراطوريتها المالية دون توقف.

الوجه الإنساني المزيف: مسرحية إعلامية رديئة

استغلت أسماء الأسد الإعلام الرسمي لتصوير نفسها كـ “أم سورية حنون”.
كانت تزور عائلات قتلى النظام في مشاهد إعلامية معدة مسبقًا، بينما كانت الأموال تتدفق إلى حساباتها في الإمارات وروسيا وأوروبا.
الجمعيات الخيرية التي ترأسها تحولت إلى أدوات لغسل الأموال، وإخفاء الثروات المسروقة.

التاريخ لا ينسى: ماري أنطوانيت العصر الحديث

تتشابه قصتا ماري أنطوانيت وأسماء الأسد بشكل مرعب.
الاثنتان عاشتا في قصور فخمة بينما شعبيهما يعانيان الفقر والجوع.
الاثنتان كانتا شريكتين في ترسيخ الظلم واستمرار الاستبداد.
الاثنتان اتخذتا من البذخ عنوانًا لحياتهما بينما كانت بلادهما تغرق في الدماء والفوضى.
التاريخ الذي لم ينس ماري أنطوانيت لن ينسى أسماء الأسد. لن نذكر “ياسمينة دمشق” أو “السيدة الأولى”، بل نذكر سيدة الفساد والدمار والاستبداد.

“وراء كل رجل خبيث… امرأة أشد خبثًا”

عند هروب بشار الأسد إلى روسيا، حيث أصبح ملاذًا آمنًا له بعيدًا عن المحاسبة، في نفس الوقت كانت أسماء الأسد في روسيا أيضًا. وفي وقت لاحق تداولت الأنباء عن طلبها الطلاق، مما يضيف طبقة من الغموض إلى العلاقة بينهما في ظل تدهور الأوضاع داخل عائلة الأسد.
ومع ذلك، لا يمكن لهذا الهروب أن يحميهم من المحاسبة. يجب أن تعاد الأموال المسروقة من أسماء الأسد وأفراد عائلتها، بما في ذلك الأموال التي هربت بها إلى الخارج، وكذلك تلك التي استفادوا منها عبر شبكات مالية معقدة.
يجب استرداد هذه الأموال ومحاسبة كل من بشار وأسماء وأقاربهم على ما ارتكبوه من فساد وأضرار بحق الشعب السوري.
إذا كان بشار الأسد يمثل الوجه العسكري والأمني للنظام السوري، فإن أسماء الأسد وعائلتها هي عقله الاقتصادي والمدبر الحقيقي.
هي ليست مجرد “سيدة أولى”، بل هي ماكينة فساد متكاملة، تدير شبكة من المصالح الاقتصادية وتغرق البلاد في الديون والفقر بينما تعيش هي وعائلتها في رفاهية مطلقة.
“وراء كل رجل خبيث… امرأة أشد خبثًا” ستظل هذه العبارة تلاحقها، لتخلد في صفحات التاريخ كرمز للخيانة والجشع والفساد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى