مقترح “منطقة صحية موحدة” لإنعاش مستشفيات شرق النمسا يواجه عقبات سياسية

فييناINFOGRAT:

يواجه قطاع الرعاية الصحية في النمسا انتقادات متكررة بشأن هيكله وفعاليته، وقد طُرح مؤخراً عدة مرات حل يتمثل في إنشاء “منطقة صحية مشتركة” (Gesundheitsregion) تضم ولايات النمسا السفلى، وفيينا، وبورغنلاند. يؤيد الخبراء تجميع الموارد بهذه الطريقة، لكنهم يرون أن عقبات سياسية تقف في طريق التنفيذ، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).

ترى وزيرة الصحة السابقة Andrea Kdolsky (حزب الشعب سابقاً، ومستقلة حالياً) أن النظام الصحي المحلي يمر حالياً بـ “حالة إنعاش” (Reanimationszustand) ويحتاج إلى معالجة عاجلة. وتؤكد أن أحد “الأدوية الفعالة” يكمن في إنشاء منطقة صحية موحدة للإقليم الشرقي. وبتطبيق هذا المقترح، يمكن تحقيق هدفين: الأول هو استخدام أكثر كفاءة لموارد الموظفين التي أصبحت شحيحة، والثاني هو رفع جودة العلاج.

وتضيف Kdolsky، التي شغلت منصب المدير الإداري الطبي لمؤسسة Landeskliniken-Holding (السلف لوكالة الصحة الإقليمية LGA) بين عامي 2005 و 2007، أنه يمكن أيضاً تحقيق وفر في التكاليف، لأن الولايات ستضطر حينها إلى تشغيل عدد أقل من المستشفيات الصغيرة. وبدلاً من ذلك، تقترح: “يمكن أن يكون لدي مستشفى رائد واحد، وحوله العديد من مراكز الرعاية الأولية، أو العيادات الخارجية، أو المراكز الطبية”. ومن شأن هذا النهج أن يزيد من عدد الحالات في العيادات، وبالتالي يرفع مستوى الجودة، وكذلك البحث العلمي المرتبط بها.

كثرة المستشفيات في الإقليم الشرقي

تضم ولاية النمسا السفلى حالياً وحدها 25 مستشفى عاماً، بينما يوجد في فيينا 15 مستشفى، وفي شمال بورغنلاند ثلاثة مستشفيات. وبالإضافة إلى ذلك، فإن النظام الصحي مُقسَّم بسبب الهيكل الفيدرالي (الاتحادي) على الولايات الاتحادية، والحكومة الفيدرالية، وهيئات التأمينات الاجتماعية. ويعتقد خبير الاقتصاد الصحي Alexander Braun من جامعة Krems للتعليم المستمر، أن هذا التقسيم “يمكن أن يعيق جودة الرعاية في أوقات شح الموارد”.

وفي المقابل، يرى Braun أن التخطيط المشترك عبر الحدود الإقليمية يمكن أن يجمع الموارد بشكل أفضل، مشيراً كمثال إلى وجود عيادتين تقدمان خدمات تقويم العظام (Orthopädische Versorgung) في نطاق 30 كيلومتراً. ويدعو إلى تقسيم أفضل للمهام هنا، قائلاً: “بأن يكون إحداهما مسؤولاً عن جراحة الحوادث الحادة، والأخرى عن العلاج الاختياري أي المخطط له”.

وإمكانية أخرى هي تجميع تخصص تقويم العظام في مستشفى واحد، وتخصيص الموقع الثاني لتركيز تخصصات أخرى أو لتقديم الرعاية الأساسية. وهذا الأمر قد يكون ممكناً أيضاً في حالة مستشفى التخصص المخطط له في منطقة Weinviertel-Süd، والذي سيحل محل مستشفيات Korneuburg وStockerau وHollabrunn الحالية. ووفقاً لخبير الاقتصاد الصحي، يمكن التنسيق في هذا الإطار مع عيادات فيينا في منطقتي Floridsdorf وDonaustadt.

ضرورة الإرادة السياسية

يؤكد الخبراء أن تنفيذ هذا المقترح لا يحتاج إلى قانون جديد ولا إلى تنظيم أو وحدة إدارية جديدة. بل يكفي فقط تطبيق “الخطة الهيكلية الصحية النمساوية” (Österreichischen Strukturplan Gesundheit) الحالية، التي تحدد الخدمات الطبية لكل منطقة بناءً على عدد السكان، بغض النظر عن حدود الولايات. ووفقاً لـ Braun، فإن الأمر يتطلب فقط “إرادة سياسية” و”تنسيقاً بين الولايات الاتحادية”، فالهيئات المسؤولة موجودة بالفعل، “وهي كافية. دعونا نستخدمها”.

ويرى Braun أن هذا التنسيق يحقق فوائد للمرضى والولايات على حد سواء: “لن يتمكن المرضى بعد الآن من التعرض للرفض عند باب المستشفى”. وهذا من شأنه أن ينهي الجدل حول ما يسمى بـ “مرضى الضيوف” (Gastpatienten)، وهم الأشخاص القادمون من ولايات اتحادية أخرى، والذي أثار خلافاً مؤخراً بين فيينا والنمسا السفلى. وفي الوقت نفسه، يحقق التعاون “مكاسب في الكفاءة” للولايات، حيث يقول: “هناك كمية هائلة من الأموال مدمجة في الهيكل الحالي يمكن تحريرها”.

المستشفيات تعني النفوذ

يمكن من خلال هذا المسار أيضاً حل مسألة التمويل، التي يتم التفاوض عليها حالياً كل خمس سنوات عبر التسوية المالية (Finanzausgleich). يقول Braun إنه بالرغم من وجود قائمة موحدة للخدمات الطبية على مستوى النمسا، إلا أن الصناديق الصحية للولايات تُقيّم أو تحاسب خدمات معينة بشكل مختلف. والهدف هو أن تحصل “المستشفيات على نفس المبلغ لعملية استئصال الزائدة الدودية، سواء أجريت في النمسا السفلى أو فيينا“.

ومع ذلك، تبرز عقبات في هذا الطريق، لأن كل مستشفى هو أيضاً عامل اقتصادي ويمثل نفوذاً للولايات، حسبما تشير Kdolsky: “توزيع المستشفيات، والوظائف في المستشفيات: هذه هياكل سلطة. ويتم استخدامها بالطبع، حتى بالمعنى الإيجابي، أي لإعادة الانتخاب”.

لا قيود فكرية لدى الولايات

ذكر مكتب Anton Kasser (حزب الشعب ÖVP)، مستشار الولاية المسؤول عن المستشفيات في النمسا السفلى، أنه لا توجد حالياً “قيود فكرية” في هذا النقاش. ومع ذلك، لا يرغبون في استباق المحادثات الجارية بين الولايات على مستوى الموظفين الحكوميين، والتي ستنعقد مرة أخرى هذا الأسبوع.ويرى الخبراء أن ضغط الحاجة للعمل أصبح كبيراً بما يكفي للشروع الفعلي في مثل هذه الإصلاحات. وبالنسبة لـ Braun، فإن هذا النوع من الرعاية المشتركة يجلب “إيجابيات أكثر من السلبيات”، ويمكن أن يكون نموذجاً لمناطق أخرى في النمسا. كما أن Kdolsky متفائلة بأن تغييراً ما سيحدث وأن النظام الصحي – في الإقليم الشرقي على الأقل – سيتم “إنعاشه” بنجاح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى