من التهديدات إلى التطمينات.. التصريحات المتناقضة حول خطط ترحيل السوريين في النمسا
فيينا – INFOGRAT:
تتزايد التكهنات حول مستقبل طالبي اللجوء السوريين في النمسا، حيث لا تزال الأوضاع غير واضحة. كان من المقرر أن تتوقف وزارة الداخلية النمساوية عن معالجة طلبات اللجوء لمواطني سوريا وتبدأ في التحضير لعمليات ترحيل قسري. وفي هذا السياق، صرح وزير الداخلية النمساوي، جيرهارد كارنر (من حزب الشعب النمساوي)، في مقابلة مع برنامج “Ö1-Morgenjournal” يوم الإثنين، بأنه سيتم ترحيل السوريين الذين ارتكبوا جرائم أو رفضوا العمل واعتمدوا على النظام الاجتماعي في النمسا، إضافة إلى أولئك الذين لا يعترفون بالقيم الثقافية النمساوية. كما أضاف أن الحكومة ستوقف إجراءات اللجوء لجميع السوريين، بما في ذلك معالجة طلبات اللجوء، إلا أن هذه التصريحات قوبلت بانتقادات بسبب عدم استقرار الوضع في سوريا. وذكر كارنر أن النمسا ستكون أول دولة في الاتحاد الأوروبي تتبنى هذا الموقف.
وبحسب صحيفة derstandard النمساوية، في جلسة البرلمان الأخيرة، بدا أن كارنر قد خفف من لهجته قليلاً، حيث أشار إلى أن النمسا قد تتبع سياسة “العودة التدريجية والمنظمة” للسوريين إذا تحسنت الأوضاع في سوريا. ويعتبر هذا التصريح تراجعًا جزئيًا عن الموقف الذي تم الإعلان عنه في بداية الأسبوع.
من جهة أخرى، تروج بعض الشخصيات السياسية في حزب الحرية النمساوي (FPÖ) لأفكار تركز على تعزيز عمليات الترحيل. فقد نشر موقع “krone” في يوم الخميس خططًا لمرشح حزب الحرية لمنصب عمدة مدينة لينز، مايكل راميل، الذي يسعى لإنشاء “مطار للترحيل” في مطار هورشينغ. يعتبر راميل أن هذا المطار سيكون بمثابة نقطة معاكسة لمركز اللجوء في مدينة ترايز كيرخن. وقد أشار راميل إلى أنه في حال فوزه في الانتخابات المحلية، سيقوم بتطوير هذا المشروع ويقدمه إلى الحكومة النمساوية. وأوضح أنه سيبدأ العمل على بناء هذا المطار التابع بشكل مشترك لكل من ولاية النمسا العليا ومدينة لينز، كمركز رئيسي لعمليات الترحيل.
في المقابل، يتخذ جيرنوت ماير، مدير مكتب الأجانب واللجوء النمساوي، موقفًا أكثر حذرًا في التعامل مع هذا الملف. فقد أوضح ماير على منصة “لينكد إن” في يوم الأربعاء، أن المكتب لن يتخذ أي قرارات بخصوص طلبات اللجوء طالما أن الشروط المتعلقة بإجراءات عادلة وموضوعية لم تتحقق بعد. وفي حديثه في برنامج “Ö1-Morgenjournal” يوم الخميس، أكد ماير مرة أخرى أن عمليات الترحيل القسري غير مطروحة في الوقت الحالي، وأن المكتب سيدعم العائدين الطوعيين إلى سوريا. وأشار إلى أن هناك حوالي 14,000 قرار لجوء إيجابي للسوريين يجب مراجعته، مضيفًا أن السبب الرئيسي للجوء، وهو التجنيد الإجباري في الجيش السوري، قد يختفي في حال تحسن الوضع الأمني في سوريا. وأكد أن إذا ما استقرت الأوضاع في سوريا، فإن هذا سيتسبب في إلغاء وضع اللجوء للسوريين.
وتطرق ماير إلى وجود قواعد واضحة للترحيل القسري للمجرمين الذين فقدوا حق اللجوء نتيجة للأفعال الإجرامية، مشيرًا إلى أن عمليات الدمج والاندماج تتطلب الالتزام بالقوانين النمساوية وأنه يمكن بسهولة التحقق من مدى الالتزام بهذه القوانين. وأوضح ماير أنه لن يكون من الممكن اتخاذ قرارات سريعة بشأن هذه الأمور في غضون أيام قليلة، لكن سيتم العمل على إيجاد آلية سريعة لعمليات الترحيل حالما تكون الأوضاع في سوريا قد استقرت بشكل دائم.
على الرغم من التصريحات الحذرة لماير، إلا أن لوكاس غاهلايتر، من تنسيق اللجوء في النمسا، اعتبر أن تصريحات ماير تهدف إلى إعادة العقلانية إلى النقاش بعد التصريحات القوية التي أدلى بها وزير الداخلية. وقال غاهلايتر إن الوضع يشبه إلى حد كبير ما حدث في خريف عام 2021 عندما تولت طالبان السلطة في أفغانستان، حيث تحدث المستشار النمساوي كارل نهامر عن عمليات ترحيل لم تتحقق في نهاية المطاف. وأكد غاهلايتر أنه من وجهة نظرهم، لا توجد حتى الآن الأسس القانونية لإلغاء حق اللجوء للسوريين، حيث أن الوضع في سوريا لا يزال غير مستقر وغير واضح، مما يجعل الحديث عن عمليات الترحيل غير جدي.



