من فيينا إلى حماة: تضامن يتجدد… تبرعات قياسية ومواقف تؤكد دين السوريين لمدينتهم الجريحة
أقام اتحاد الأطباء والصيادلة العرب في النمسا مساء السبت 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2025 حفلًا خيريًا في مقره في فيينا، تزامنًا مع حملة «فِداءكِ يا حماة»، وبمشاركة واسعة من أبناء الجالية السورية. جاء الحدث بهدف جمع التبرعات لصالح مشروع مستوصف صحي في سهل الغاب دعماً للمدينة التي عانت عقودًا من القمع والمآسي، ولإحياء دور التضامن الشعبي في إعادة الإعمار.
ترحيب ورسالة تضامن
د. تمام كيلاني: استعادة الذاكرة ومشروع البناء
ألقى الدكتور تمام كيلاني كلمة مؤثرة استعرض فيها أبرز المحطات المفصلية في تاريخ حماة، من ثورة 1964، إلى موقفها في السبعينيات تجاه تعديل الدستور، مرورًا بمجزرة 1982 التي سقط خلالها عشرات الآلاف من الضحايا، وصولًا إلى دور المدينة في ثورة 2011 وما تعرّض له ريفها الشمالي وسهل الغاب من تدمير واسع.
وشدّد د. كيلاني على أن الهدف من الحفل لا يقتصر على جمع التبرعات، بل يتمثل في بناء مستوصف صحي في إحدى قرى سهل الغاب المدمّرة، ليكون مركزًا للأمل والخدمة العامة، وخطوة فعلية في إعادة ترميم النسيج الاجتماعي.
مشاركة الفعاليات المدنية: حضور مجتمعي واسع
بعد الكلمات الرسمية، تحدّث عدد من الناشطين السوريين والعرب، بينهم مصعب الزويعي من حملة «فداء حماة»، وزياد خرفان، ومحمد الشبلي من جمعية تكافل الخيرية، مؤكدين أهمية العمل الجماعي في دعم جهود التعافي.
وأعلنت جمعية تكافل أنها ستتولى الإشراف على تنفيذ مشروع المستوصف، مع ضمان الشفافية في توزيع الموارد لخدمة أهالي حماة.
وتخللت الأمسية أجواء احتفالية عبّر خلالها الحضور عن تضامنهم عبر الأهازيج والأغاني الداعمة للحرية والعدالة والوفاء لمدينة حماة.
فعاليات متزامنة ودعم صحي وتعليمي
جاءت فعالية فيينا ضمن سلسلة فعاليات في دول عدة دعمًا لـ«فداءكِ يا حماة». وقد سبق لاتحاد الأطباء والصيادلة العرب في النمسا والجمعية الطبية العربية تنفيذ مشاريع ترميم مستوصفين في ريف إدلب وبناء مركز طبي كبير في بلدة اللطامنة.
حملة «فداء لحماة»… تبرعات قياسية ورسائل سياسية بارزة
شهدت حماة في اليوم نفسه انطلاق حملة تبرعات واسعة تحت اسم «فداء لحماة»، والتي سجّلت رقمًا غير مسبوق تجاوز 210 ملايين دولار أمريكي، متفوّقة بذلك على جميع الحملات السابقة في المحافظات السورية، ومنها حملة «الوفاء لإدلب» التي بلغت 208 ملايين دولار.
جاءت هذه الحملة بحضور شخصيات حكومية رفيعة في المرحلة الانتقالية، يتقدمهم الرئيس أحمد الشرع، إلى جانب وزراء ومسؤولين ينحدر عدد منهم من محافظة حماة. وأكدت الحكومة أن هدف الحملة دعم المناطق المتضررة، وتخفيف معاناة السكان، والمساهمة في تسهيل عودة المهجّرين.
وفي كلمته خلال إطلاق الحملة، قال الرئيس الشرع إن «جرح حماة لم يكن يعني أهل حماة وحدهم، بل السوريين جميعًا»، مضيفًا أن هذا الجرح استمر لأكثر من أربعة عقود، وأن «هناك دينًا في عنق السوريين لحماة» يجب الوفاء به اليوم. وشدد على أن المدينة التي دفعت ثمنًا باهظًا عبر تاريخها «أعطت درسًا في التضحية، وينبغي أن تعطي درسًا في البناء»، في إشارة إلى دور الحملة في مرحلة التعافي وإعادة الإعمار.
وشهدت الحملة حضورًا جماهيريًا واسعًا احتضنه الملعب «المعشب» في حماة، مؤكدة على رمزية المدينة التي عانت مجازر قاسية في عام 1982 ودمارًا كبيرًا في أريافها الشمالية خلال السنوات الماضية.



