من مصر القديمة إلى النمسا.. “أيام الكلاب” تعود بجو معتدل
فيينا – INFOGRAT:
بدأت “أيام الكلاب” هذا العام في النمسا دون موجات حرّ شديدة، رغم ارتباطها تقليديًا بأعلى درجات الحرارة في السنة، والتي تتزامن عادةً مع أواخر يوليو وأوائل أغسطس. التقلّبات الجوية ستحافظ على نمطها غير المستقر، دون استقرار صيفي حقيقي في الأفق، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).
وفقًا لمعطيات الأرصاد الجوية، لن يشهد الأسبوع الحالي طقسًا صيفيًا مستقرًا، إذ تبقى الظروف الجوية على حالها في وسط أوروبا، مع تعاقب أيام حارة وأخرى معتدلة. يوم الإثنين، تعبر جبهة هوائية باردة البلاد من الغرب، مصحوبة بأمطار وعواصف رعدية، بعضها شديد.
درجات حرارة متباينة ورياح عاصفة
تشير التوقعات إلى أن مناطق من Vorarlberg حتى Obersteiermark ستشهد كميات كبيرة من الأمطار، في حين يُتوقّع حدوث رياح عاصفة من Oberösterreich إلى Kärnten شرقًا. وستكون الأجواء مشمسة لفترة أطول في الشرق والجنوب الشرقي من البلاد، ما يؤدي إلى تفاوت كبير في درجات الحرارة، حيث تتراوح بين 17 درجة في Bregenzer Wald و35 درجة في منطقة Seewinkel.
تراجع درجات الحرارة منتصف الأسبوع
تؤدي هذه الجبهة الباردة إلى دخول مرحلة من الطقس المتقلب. فبالرغم من سطوع الشمس يومي الثلاثاء والأربعاء، إلا أن زخات مطرية متفرقة متوقعة في المناطق الجبلية. أما في النصف الثاني من الأسبوع، فتسود أجواء غير مستقرة مع أمطار وعواصف رعدية كثيفة، ولن تظهر الشمس إلا لفترات متقطعة، بينما تتراوح درجات الحرارة القصوى بين 20 و30 درجة مئوية من الغرب إلى الشرق.
وهكذا، فإن بداية “أيام الكلاب” التي تبدأ رسميًا في 23 يوليو، تأتي هذا العام بدرجات حرارة معتدلة مقارنةً بالمعدلات القياسية، خاصة وأن درجات حرارة قاربت 38 درجة مئوية قد سُجّلت في أوائل يونيو.
حرارة شديدة في مناطق أخرى من أوروبا
لا تقتصر تسمية “أيام الكلاب” على الدول الناطقة بالألمانية، بل تُعرف في دول أخرى أيضًا: “la canicola” في إيطاليا، و”dog days” في بريطانيا، بينما تُشتق الكلمة الروسية “Kanikuly” (عطلة الصيف) من التعبير اللاتيني “dies caniculares”.
وفي حين تشهد النمسا طقسًا معتدلًا، تضرب موجات حر شديدة أجزاء أخرى من أوروبا. فمن المتوقع أن تصل درجات الحرارة إلى 40 درجة مئوية وأكثر في جنوب إيطاليا، ولا سيما في صقلية وسردينيا، وكذلك في اليونان وتركيا. وفي اسكندنافيا أيضًا، يُتوقّع أن تصل الحرارة حتى 30 درجة حتى قرب الدائرة القطبية، وهي ظاهرة نادرة. ويرى الخبراء أن التغير المناخي يجعل موجات الحر أكثر تكرارًا، أطول أمدًا، وأكثر حدّة.
أصل التسمية يعود إلى العصور القديمة
“أيام الكلاب” هي في الأصل حدث فلكي وليس مناخيًا. وقد تعود جذورها إلى مصر القديمة وكوكبة الكلب الأكبر (Canis Major). ففي فترة نحو 30 يومًا من الصيف، كان يمكن رؤية هذا الكوكب مجددًا في السماء، وكان نجم Sirius – الأشد سطوعًا – يمثل تجسدًا للإلهة Sopdet، التي كانت تُعتبر مُبشّرة بفيضان النيل.
في اليونان القديمة، حاول الفلاسفة تفسير الحرّ الشديد من خلال التقاء ضوء الشمس مع ضوء Sirius. أما في روما، فقد عُرفت هذه الفترة بـ”dies caniculares”، واعتُبرت زمنًا مشؤومًا، حيث “يغلي البحر، ويتحوّل النبيذ إلى خلّ، ويصاب الناس بالأمراض”. وفي العالم العربي، كانت السراب ظاهرة شائعة خلال موجات الحر، ووصفت بأنها “لعاب كلب Sirius يقطر من السماء”.
تغير فلكي عبر العصور
يُحدد التقويم الزراعي “أيام الكلاب” في الفترة ما بين 23 يوليو و23 أغسطس، وهو تحديد يرجع إلى العهد الروماني. إلا أن ظهور كوكبة الكلب الأكبر تأخر عبر القرون. فبالنسبة للمصريين القدماء، كانت تظهر في أوائل يوليو، أما اليوم فتصبح مرئية مجددًا فقط في منتصف أغسطس. ومع ذلك، ما تزال التسمية تُستخدم للإشارة إلى أشد أيام السنة حرارة. ويُتوقّع أنه بعد 10,000 عام، سيحدث هذا الحدث الفلكي في منتصف الشتاء بدلًا من الصيف.



