نائب المستشار يدافع عن سياسة التقشف المشروطة بالاستثمار ويؤكد على الحياد النمساوي
فيينا – INFOGRAT:
صرّح نائب المستشار ورئيس الحزب الاشتراكي النمساوي (SPÖ) أندرياس بابلر يوم السبت في برنامج “Im Journal zu Gast” الذي تبثه إذاعة Ö1، بأن الأرقام المالية “تشكل تحدياً جديداً في كل مرة”، وذلك في ظل ازدياد قتامة الآفاق المالية في البلاد منذ عدة أسابيع، خصوصاً بعد أن أعلن مجلس الشؤون المالية (Fiskalrat) مؤخراً أن العجز سيكون أكبر من المتوقع، مع تقديرات بأن يصل في عام 2025 إلى نسبة 4.4% من الناتج المحلي الإجمالي.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، قال بابلر إنه لا يمكنه “التنبؤ بكل ما قد يحدث لاحقاً”، مضيفاً أن الوضع المالي الصعب كان واضحاً منذ بداية الحكومة الحالية، وهو ما أرجعه جزئياً إلى “القيادة السياسية في العقد الماضي”، وأكد أن وزير المالية ماركوس مارتر باور (Markus Marterbauer)، المنتمي أيضاً للحزب الاشتراكي، سيعتمد نهجاً تقشفياً “عادلاً اجتماعياً” مع الحفاظ على بعض الهوامش التي تتيح المجال للاستثمار، لأن “براعم التعافي الاقتصادي لا يجب خنقها”، حسب تعبيره.
الحفاظ على الاستثمارات مع التقشف
أوضح بابلر أن الحكومة ما زالت متمسكة بالمسار الذي يدمج إجراءات تقشفية مع تحفيز الاقتصاد، وأشار إلى أن إجمالي العجز الحالي، بما في ذلك من الولايات والبلديات، بلغ 6.4 مليارات يورو في السنة الأولى، وهو رقم وصفه بـ”العالي جداً”، ومع ذلك، شدد على أن المسار يتطلّب إجراءات مرافقة لدعم النمو الاقتصادي.
تقليص الميزانيات الوزارية: مفاوضات مكثّفة
وحول خفض الإنفاق، أشار بابلر إلى أن تفادي تفاقم العجز المالي جاء بفضل “برنامج طموح”، وأنه لولا التخفيضات في ميزانيات الوزارات لكان العجز “أعلى بكثير”، وأكّد أن الطريق نحو الدخول في إجراءات عجز الاتحاد الأوروبي (EU-Defizitverfahren) أصبح “لا مفر منه”، مشدداً على أن الحكومة مستعدة لفرض خطتها الإصلاحية رغم أي قرارات محتملة من بروكسل.
وأشار إلى أن الوزارات مطالبة بتحقيق وفورات تبلغ 1.1 مليار يورو، ما يعادل نحو 15% من ميزانياتها، وأن هناك مفاوضات مكثفة جارية بهذا الشأن، لكنه رفض الكشف عن تفاصيل التخفيضات في وزارته، قائلاً إن الأهم هو “ضمان استمرارية العروض الثقافية على نطاق واسع”، كما تعهد بالحفاظ على البرامج الرياضية، وأكد على نيته الاستمرار في دعم قطاع الإعلام.
حماية الثقافة وانتقاد غياب FPÖ عن وزارة الثقافة
فيما يتعلق بمجال الثقافة، قال بابلر إنه “يضمن حماية الوصول إلى الثقافة”، معبّراً عن ارتياحه لعدم تولي حزب الحرية النمساوي (FPÖ) وزارة الثقافة أو مشاركته في الحكومة، لأن ما تشهده ولاية Steiermark (شتايرمارك) حالياً يُظهر “ما الذي تعنيه مشاركة الحزب للثقافة”.
الجدل حول سياسات العمل وتعديل الاستراتيجية الأمنية
تطرّق الحوار كذلك إلى السياسة الاجتماعية، وخاصة إلغاء إمكانية الكسب الإضافي أثناء الحصول على إعانات البطالة، وأوضح بابلر أن الإجراء “ليس جزءاً من برنامج الحزب الاشتراكي”، لكن تم استثناء “الحالات الصعبة” منه، مؤكداً ضرورة الالتزام بالنتائج. وعندما سُئل عما إذا كانت كلمة “تأهيل” (Qualifizierung) تمثل سخرية من العدالة الاجتماعية، أجاب بشكل مراوغ مشيراً إلى برنامج الحكومة المشترك الذي يتضمّن “تحسينات متعددة في سوق العمل”.
أما بخصوص الاستراتيجية الأمنية النمساوية، فأكّد بابلر التزام الحكومة بالحياد الذي “ينص عليه برنامج الحكومة”، مضيفاً أن الحياد لا يعني الابتعاد عن التضامن، بل يمكن تطبيقه بوسائل متعددة دون التورط في الحروب.
موضوع الصحة: وعود انتخابية محدودة
عند سؤاله عن وعد الحزب الاشتراكي بإعطاء المرضى موعداً لدى طبيب مختص خلال 14 يوماً، أوضح بابلر أن برنامج الحكومة ليس برنامجاً خاصاً بالحزب الاشتراكي، وقال إن التركيز حالياً على “أولويات في توجيه المرضى”، مضيفاً أن الحكومة لم تلتزم حرفياً بضمان ذلك، بل فقط بتحسين المواعيد.
تصريحات بابلر حول Josef Pröll وKarl Nehammer
علّق بابلر على تعيين جوزيف برول (Josef Pröll)، نائب المستشار الأسبق من حزب الشعب النمساوي (ÖVP)، رئيساً للاتحاد النمساوي لكرة القدم (ÖFB)، قائلاً إنه “أخذ علماً” بالقرار وتحدث معه هاتفياً، مشدداً على أن دوره كوزير للرياضة يقتصر على ضمان جودة العمل في الاتحاد، حيث لا يملك حق التصويت أو الترشح.
وعند سؤاله عن انتقال المستشار السابق كارل نيهامر (Karl Nehammer) إلى البنك الأوروبي للاستثمار (EIB)، رفض بابلر الادعاء بأن هذا يمثل “إقطاعاً دائماً لحزب الشعب”، نافياً وجود أي صفقة تتعلق بمنح وزارة المالية للحزب الاشتراكي مقابل دعم تعيين نيهامر، مؤكداً أنه لم تكن هناك “أي اتفاقات” بهذا الخصوص.
ردود فعل وانتقادات من FPÖ
في المقابل، هاجم حزب الحرية النمساوي (FPÖ) تصريحات بابلر. وقال الأمين العام للحزب ميشائيل شنيدليتس (Michael Schnedlitz) في بيان إن بابلر “يمثل الأعباء وتدمير الرفاهية والحفاظ على السلطة والمحسوبية”، واتّهم الحزب الاشتراكي بأنه يقود البلاد نحو آلية العجز الأوروبية “بدافع الحسابات السياسية البحتة”، متوقعاً فشلهم في الإصلاح وبالتالي فقدانهم لمناصبهم.



