نقطة نظام بقلم: لينا جرار

قلتُ ذات غربة عابرة: “عشقتك وطنًا فاحتويني ولو كغريب.” 

انتظرت عقدين، اتبعتهما بعامين، وصحوت لأجدنا في محطة “ترانزيت.” 

لم أعقّ الأرض ولا السماء، لكنني حملت ما تيسّر من أحلامي ومضيت، على أمل أن يحتويني بلد غريب؛

فأصبح على وطن!

لينا جرار كاتبة فلسطينية

في ظل التحولات الكبرى التي يشهدها الشأن السوري، يبقى ملف اللاجئين الأكثر تعقيدًا وحساسية. فالاندماج، سواء في المجتمعات المضيفة أو في حالة العودة إلى الوطن، ليس مجرد خطوة مادية، بل عملية نفسية وثقافية واجتماعية عميقة.

اللاجئون الذين حملوا أحلامهم بحثًا عن الأمان واجهوا تحديات هائلة. في المجتمعات المضيفة، وجدوا أنفسهم أمام ثقافات جديدة، بعضها رحب بهم، والبعض الآخر وضع عوائق قانونية واجتماعية. 

ومع ذلك، ظلوا متمسكين بثقافتهم الأصلية كهوية لا يمكن التخلي عنها، مما خلق حالة من التوازن الصعب بين الاندماج والمحافظة على الذات.

لكن التحدي الأكبر قد لا يكون عند اللاجئ الذي عاش التجربة واعيًا، بل عند جيل الأبناء الذين كبروا في بلاد بعيدة عن وطنهم الأم. 

هؤلاء الأبناء، الذين تشكلوا بين ثقافتين مختلفتين، يواجهون مستقبلًا غامضًا. العودة إلى وطن خرجوا منه أطفالًا قد يشكّل تحديًا صارخًا؛ وطن باتوا في الواقع غرباء عنه، ليس فقط بسبب التغيرات التي طرأت عليه، بل بسبب ثقافة جديدة نشأوا فيها. وإن حرص جيل الآباء على زرع حب الوطن في قلوب أبنائهم، فإنهم غالبًا لم ينجحوا في إعدادهم نفسيًا وعمليًا لواقع هذا الوطن وتحدياته.

ومع كل هذه التحديات، يبقى السؤال مفتوحًا: 

كيف يمكننا أن نصنع وطنًا يحتضن الجميع، وطنًا لا يُعرّف بالمكان فقط، بل بالقدرة على استيعاب أحلام أبنائه وآمالهم؟ 

ربما الإجابة ليست في الماضي أو الحاضر، بل في المستقبل الذي نعيد رسمه، يومًا بيوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى