نموذج تعاوني للغذاء العضوي والشفافية.. افتتاح أول “سوبر ماركت تشاركي” في فيينا
فيينا – INFOGRAT:
في حدث يمثل نقلة نوعية في تجارة التجزئة الغذائية بالعاصمة النمساوية، افتُتح يوم الجمعة في حي Meidling بالعاصمة فيينا أول “سوبر ماركت تشاركي” (Mitmach-Supermarkt) في المدينة، وهو متجر بقالة مُنظم بشكل تعاوني، يتيح لأعضائه المشاركة في إدارته وتشكيل سياساته مقابل دفع حصة لمرة واحدة والمساهمة في العمل، ويتبنى هذا النموذج، الذي يحمل اسم “Mila”، مبدأ عدم السعي لتحقيق أقصى ربح، بل التركيز على الشفافية والأسعار المعقولة والالتزام المجتمعي المشترك في توفير منتجات معظمها عضوي وإقليمي بأقل تغليف ممكن، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).
شهد المفهوم التشاركي لتجارة التجزئة الغذائية اختبارات سابقة على نطاق أصغر، لكن القائمين على مبادرة “Mila” قرروا الآن افتتاح متجر بقالة حقيقي بالكامل. يقع السوبر ماركت الجديد في Vivenotgasse 29 ويمتد على مساحة 350 مترًا مربعًا، حيث سيعرض في المستقبل 2,500 منتج مختلف، وبحسب بيان صحفي صادر عن التعاونية، فإن المتجر يركز على “الشفافية، والأسعار الأفضل، والالتزام المشترك” بدلاً من “تعظيم الأرباح”.
العضوية ونموذج العمل التشاركي
تتسم حصة العضوية في التعاونية بتدرج اجتماعي. تبلغ الحصة القياسية التي تُدفع لمرة واحدة 180 يورو، بينما يُطبق رسم “حصة اجتماعية” مخفض قدره 20 يورو للأفراد ذوي الإمكانيات المالية المحدودة، ويُشجَّع الأعضاء ذوو الدخل الأعلى على شراء حصص إضافية لتعزيز رؤوس الأموال الذاتية للتعاونية. ويُسترد مبلغ الحصة بالكامل عند انسحاب العضوية.
يتضمن نموذج تسعير السوبر ماركت أيضًا زيادة ثابتة بنسبة 30 بالمائة على سعر الشراء لتغطية التكاليف التشغيلية الجارية للمتجر، في المقابل، يلتزم الأعضاء بأداء نوبة عمل لمدة ثلاث ساعات مرة واحدة كل أربعة أسابيع، وتشمل مهام مثل العمل على الصندوق (الكاشير)، أو في المخزن، أو ترتيب الأرفف. ويُتوقع أن يسمح هذا النظام بالاستغناء إلى حد كبير عن هوامش الربح التقليدية. ويُسمح لكل عضو أيضًا بتسمية شخص آخر للتسوق في السوبر ماركت.
التمويل والجودة والقرار
تضم التعاونية حاليًا حوالي 1,000 عضو. ووفقًا للإدارة، فإن غالبية المنتجات المعروضة في السوبر ماركت التشاركي يتم إنتاجها بشكل عضوي، وإقليمي، وبتغليف ضئيل. ومع ذلك، يمتلك الأعضاء، أو “مسؤولو الشراء” المعينون من قبلهم، الكلمة الفصل في تحديد المنتجات التي ستدخل التشكيلة المعروضة. وصرحت Julianna Fehlinger، المديرة التنفيذية المشاركة للتعاونية: “ما يهم هو التعاون والفكرة القائمة على أن الأغذية الجيدة يجب أن تكون ميسورة التكلفة للجميع”، ويمكن للأشخاص المهتمين بالمفهوم زيارة المتجر وإجراء “تجربة تسوق” للتعرف عليه.
وفيما يتعلق بالمخاطر المالية، فإن القانون ينص على أن الأعضاء يتحملون مسؤولية التزامات إضافية (“Nachschusspflicht”) في حال إفلاس التعاونية، حيث لا تقتصر المسؤولية على حصصهم المدفوعة فحسب، بل تمتد إلى مبلغ إضافي بنفس قيمة الحصة، وهذا يعني أن أقصى مبلغ للمسؤولية هو 360 يورو للعضو الذي دفع حصة قياسية قدرها 180 يورو.
يُذكر أن نماذج السوبر ماركت التشاركية راسخة منذ فترة طويلة في مدن أوروبية أخرى، مثل برلين وباريس. وتظهر التجربة أن المفهوم يعمل بشكل أفضل كلما زاد عدد الأعضاء. وحتى الآن، فإن الأعضاء الألف في سوبر ماركت “Mila” التشاركي لا يكفون لتمويل المتجر بشكل كامل، مما يجعله يعتمد على جهات الإقراض والتبرعات. ولا بد من الإشارة إلى أن تكاليف بناء السوبر ماركت يجب أن يتم استردادها على وجه الخصوص في الفترة القادمة.



