هل تواجه النمسا أزمة لجوء حقيقية أم أن “الطوارئ” مجرد تهويل غير مبرر قانونياً؟

اقترح مفوض الهجرة في الاتحاد الأوروبي، ماغنوس برونر، خطة لتسريع عمليات الترحيل، تتضمن قواعد أكثر صرامة وموحدة للترحيل، ووفقًا لهذا المقترح، سيكون قرار الترحيل الصادر في إحدى دول الاتحاد الأوروبي ساريًا تلقائيًا في جميع الدول الأعضاء، ومن بين حوالي 500,000 شخص يتعين عليهم مغادرة الاتحاد الأوروبي، لم يغادر سوى 100,000 فقط، لكن هل يمكن لمقترح برونر تغيير هذا الواقع؟

في هذا السياق، استضاف الصحفي أرمين وولف في برنامج ZiB 2 الخبير في شؤون اللجوء لوكاس غاهلايتنر-غيرتس من منظمة Asylkoordination Österreich، لإلقاء نظرة تحليلية على القضية، بعد أن رفض برونر التحدث عن مقترحه في مقابلة تلفزيونية.

معايير غير موحدة لعمليات الترحيل

أكد لوكس غاهلايتنر-غيرتس أن هناك اختلافات كبيرة بين الدول في كيفية جمع البيانات والإحصائيات، مما يؤدي إلى غياب الوضوح حول عدد الأشخاص الذين يجب ترحيلهم فعليًا، وأضاف:

“هناك بالطبع أشخاص يقيمون رغم انتهاء وضعهم القانوني، لكن الخطة الحالية تحدد هدفًا دون أن توضح الطرق المؤدية إليه بشكل كافٍ”.

كما أشار إلى عدم وجود معايير موحدة للقرارات المتعلقة باللجوء، وهو ما يعيق إمكانية تعميم قرارات الترحيل بين الدول الأوروبية، وأوضح:

“لماذا لا توجد قرارات ترحيل وحظر دخول موحدة على مستوى الاتحاد الأوروبي؟ هذا سؤال ممتاز جدًا، لأنه من المنطقي أن لا يكون هناك إجراءات منفصلة في كل دولة، لكن المشكلة أن القرارات تُتخذ وفقًا لمعايير متباينة، مما يجعل تطبيقها في جميع الدول أمرًا غير ممكن”.

مراكز الترحيل خارج الاتحاد الأوروبي.. ولكن أين؟

فيما يتعلق بإنشاء مراكز الترحيل في دول خارج الاتحاد الأوروبي، أشار غاهلايتنر-غيرتس إلى أنه بالرغم من الحديث المتكرر عن هذه الفكرة، إلا أنه لم يتم تحديد الدول التي قد تستضيف هذه المراكز، وقال:

“نسمع منذ سنوات عن هذه الفكرة، لكننا لا نعرف حتى الآن أي الدول ستكون معنية، وإذا كنا غير قادرين على إعادة طالبي اللجوء إلى دولة مثل المجر، وهي داخل الاتحاد الأوروبي، فكيف نتوقع أن ننجح في ترحيلهم إلى دول ثالثة؟”.

في هذا السياق، تساءل أرمين وولف: لماذا لا يتم إنشاء مراكز الترحيل خارج أوروبا بشكل مشترك من قبل الاتحاد الأوروبي كله؟
أجاب الخبير في اللجوء بأن هناك صراعًا بين بروكسل والدول الأعضاء، حيث ترغب بعض الحكومات الوطنية في الاحتفاظ بالسلطة على هذه القضايا بدلاً من تسليمها لمؤسسات الاتحاد الأوروبي، وأوضح أنه إذا تفاوضت أوروبا بصوت واحد مع الدول المضيفة، فستكون هناك نتائج أفضل بكثير.

التعاون المفقود مع الدول الأصلية للمهاجرين

تطرق النقاش إلى مسألة رفض العديد من الدول الأصلية استقبال مواطنيها الذين يتم ترحيلهم من الاتحاد الأوروبي، وأكد غاهلايتنر-غيرتس أن التعاون مع الدول المصدّرة للهجرة ضعيف للغاية، حيث لا تمتلك بروكسل تفويضًا قويًا للتفاوض معها، وأضاف:

“الدول الأعضاء تتعامل مع القضية بشكل فردي بدلًا من التنسيق المشترك، وهناك ميل متزايد نحو السياسات الوطنية بدلاً من تبني نهج أوروبي موحد”.

وأشار إلى أن هناك معتقدًا شائعًا بأن الأشخاص الذين لم يحصلوا على اللجوء أو ارتكبوا جرائم يجب ترحيلهم بسهولة، ولكن الأمر ليس بهذه البساطة، وقال:

“لإجبار شخص على العودة، تحتاج الدولة المرحِّلة إلى تعاون الدولة الأصلية، بالإضافة إلى أن المهاجرين غالبًا ما يرسلون أموالًا إلى بلدانهم، وهو ما يفوق قيمة المساعدات التنموية المقدمة لهذه الدول”.

اللعب قصير النظر بملف لمّ الشمل العائلي

ناقش البرنامج أيضًا ملف لمّ شمل الأسر، حيث أشار وولف إلى أن هناك 4,600 طلب لمّ شمل معلق حاليًا في وزارة الداخلية النمساوية، وفي هذا السياق، رأى غاهلايتنر-غيرتس أن الحل يكمن في إدارة أفضل للطلبات بدلاً من وقفها تمامًا، قائلًا:

“منع لمّ الشمل بالكامل ليس واقعيًا ولا قانونيًا ممكنًا، نحتاج إلى حلول تأخذ بعين الاعتبار قدرة الاستيعاب في النمسا”.

وأضاف أن الحديث عن “حالة الطوارئ” بسبب طلبات اللجوء هو مبالغة غير مبررة، مشيرًا إلى أن هذه القضايا يمكن إدارتها بشكل طبيعي دون اللجوء إلى تدابير استثنائية.

وختم حديثه بالتساؤل عن تداعيات مثل هذه القرارات:”إذا أعلنت النمسا حالة الطوارئ، فماذا سيحدث إذا قررت ألمانيا أو دول أخرى في الاتحاد الأوروبي أن تحذو حذوها؟ هذا لعب قصير النظر، فنحن لا نواجه مشاكل غير قابلة للحل، بل نحتاج فقط إلى إدارة جيدة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى