وزيرة الأسرة والاندماج: التقاليد والعادات المتجذرة في النمسا تستند “إلى الديانة المسيحية واليهودية”
فيينا – INFOGRAT:
أعربت الوزيرة النمساوية الجديدة المكلفة بشؤون أوروبا والاندماج والأسرة، كلوديا بلاكولم (Claudia Plakolm) من حزب الشعب النمساوي (ÖVP)، خلال مشاركتها في برنامج “ساعة الصحافة – Pressestunde” الذي بثه التلفزيون النمساوي (ORF) يوم الأحد 4 مايو/أيار 2025، عن قلقها من ما وصفته بـ”تسامح ديني مفهوم على نحو خاطئ”، مشيرة إلى أن التحديات المجتمعية المرتبطة بالدين، لا سيما الإسلام، تثير القلق في النمسا.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، شددت بلاكولم على أن التقاليد والعادات المتجذرة في النمسا تستند “ببساطة إلى الديانة المسيحية كما اليهودية”، معتبرة أن حرية الدين قيمة عليا يجب احترامها، لكنها حذرت من أن “نزع الصلبان من الفصول الدراسية لن يحل مشاكل العالم”، واصفة هذا التوجه بـ”تسامح مفهوم على نحو خاطئ”. وقالت: “بوصفي وزيرة للشؤون الدينية (Kultusministerin)، أؤكد على أهمية الفهم السليم للتسامح، بما يضمن تعايشاً جيداً بين أفراد المجتمع”.
نتائج انتخابات فيينا: “مُرّة جداً”
تطرّقت بلاكولم أيضاً إلى النتائج السيئة التي سجلها حزبها في الانتخابات البلدية في فيينا التي جرت الأحد الماضي، حيث حصل حزب الشعب على 9.65% فقط من الأصوات، وهو أسوأ نتيجة في تاريخ الحزب في العاصمة. ووصفت النتيجة بأنها “كل شيء عدا أن تكون مُرضية”، مضيفة أن الحزب لم يرفع سقف التوقعات بشأن أدائه في فيينا.
ورفضت بلقولم فكرة أن تركيز الحزب على موضوع الأمن كان خطأً انتخابياً، مؤكدة أن ارتفاع معدلات الجريمة في بعض مناطق فيينا يشغل بال السكان، قائلة: “أنا شخصياً أشعر بعدم الأمان في العاصمة مقارنة بمنطقة موهلڤييرتل (Mühlviertel)”.
حظر الحجاب لحماية الطفولة
تطرقت بلاكولم أيضاً إلى بند مثير للجدل في البرنامج الحكومي الجديد، يقضي بفرض حظر على ارتداء الحجاب للفتيات دون سن 14 عاماً. وكان المحكمة الدستورية العليا قد ألغت قانوناً مشابهاً سنة 2020 بسبب استهدافه ديانة محددة دون مبرر كافٍ.
لكن بلاكولم أكدت أن الحكومة تعمل الآن على إعداد مشروع قانون جديد يراعي متطلبات الدستور، مشيرة إلى وجود “تواصل مكثف مع الخبراء”. وطرحت خيارين: إما تمرير القانون بمكانة دستورية (Verfassungsrang)، ما يستوجب دعم حزب الحرية النمساوي (FPÖ)، أو تمريره بأغلبية عادية لكن ضمن نموذج متدرج يأخذ الحالات الفردية بعين الاعتبار.
وأضافت: “موضوع حظر الحجاب يهمني بوصفي وزيرة للشباب أكثر من كوني وزيرة للاندماج، لأن الفتيات بعمر ثماني سنوات لا يجب أن يُخفين خلف حجاب”. ووصفت الحجاب بأنه “رمز للقمع”، وأكدت أن المسألة لا تتعلق بالدين بل بـ”حماية الطفولة”.
تقليص لمّ شمل الأسر: اللاجئون مسؤولون
وفي ما يخص الحد من لمّ شمل الأسر للاجئين، والذي يخضع حالياً للنقاش القانوني على المستوى الأوروبي، عبّرت بلاكولم عن ثقتها بأن هذا التقييد سيصمد قانونياً. وذكرت أن هذا الإجراء يخدم “الحفاظ على الأمن العام والنظام”، ويرتبط بقطاعات التعليم، الصحة، وسوق العمل والسكن.
وقالت إن النظام “يعاني من ضغط متزايد”، وإن السماح بالمزيد من لمّ الشمل سيؤدي إلى انخفاض فرص الاندماج وزيادة في معدلات البطالة وظهور مجتمعات موازية. وأضافت أن النمسا ليست مسؤولة عن فصل الأسر، لأن “الآباء اختاروا بمفردهم عبور دول آمنة للوصول إلى النمسا”.
وأشارت إلى أن قضية اللجوء والهجرة باتت في صلب النقاش داخل الاتحاد الأوروبي، مؤكدة أن النمسا لعبت دوراً ريادياً في طرح هذه المواضيع وعقدت تحالفات ناجحة، مما ساهم في تعيين ماغنوس برونر (Magnus Brunner) كمفوض للهجرة في الاتحاد الأوروبي.
دعوة للتركيز الأوروبي وتقليص البيروقراطية
دعت بلاكولم الاتحاد الأوروبي إلى الالتزام بمبدأ التفريع (Subsidiarität)، أي ترك القرارات قدر الإمكان للدول الأعضاء، والتركيز على الأمور الأساسية فقط. وانتقدت في هذا السياق “فقدان التنافسية العالمية” لأوروبا.
وشددت على ضرورة منح الدول الأعضاء مزيداً من الهامش عند تطبيق القوانين الأوروبية، ووصفت بعض الإجراءات، مثل التقارير الإدارية الإلزامية للشركات الصغيرة أو قانون إعادة تأهيل الطبيعة (EU-Renaturierungsverordnung)، بأنها غير عملية. وطالبت بمراجعة مقترحات المفوضية الأوروبية وفقاً لمدى قابليتها للتطبيق الواقعي.
التمسك بالإجماع في قرارات الاتحاد الأوروبي
كما دافعت بلاكولم عن الحفاظ على مبدأ الإجماع (Einstimmigkeitsprinzip) داخل مجلس الاتحاد الأوروبي، خصوصاً في مجالات السياسة الخارجية والأمنية، التمويل الأوروبي، وتوسيع عضوية الاتحاد. ورفضت فكرة إلغاء حق النقض للدول الأعضاء.
وحول الدول “الإشكالية” داخل الاتحاد أو تلك الساعية للانضمام، أكدت على ضرورة مواصلة الحوار، وقالت إن المجر، مثلاً، دولة جارة ويجب التعاون معها على المستوى الثنائي أيضاً.
الحاجة إلى “بناء الجسور” رغم ضعف تأييد النمساويين للاتحاد
وعند سؤالها عن سبب ضعف التأييد الشعبي في النمسا للاتحاد الأوروبي رغم الفوائد الكبيرة وقيادة حزب الشعب لمعظم الحكومات منذ عقود، لم تقدّم بلاكولم إجابة مباشرة، واكتفت بالقول: “ما زالت هناك جسور علينا بناؤها”.
انتقادات المعارضة: “رؤية ضيقة ومراوغة سياسية”
قوبلت تصريحات بلاكولم بانتقادات حادة من المعارضة، إذ اتهم الأمين العام لحزب الحرية FPÖ، ميخائيل شنيدلتس (Michael Schnedlitz)، الحكومة بـ”خلق مشاكل، وإلقاء المسؤولية على الآخرين، وإطلاق قنابل دخانية سياسية”، واصفاً إيقاف لمّ الشمل بأنه “تأجيل يتضمن تعليمات لكيفية الالتفاف عليه”.
أما حزب الخضر، فقد أعرب على لسان أمينته العامة أولغا فوغلاور (Olga Voglauer) عن استيائه من تصريحات بلاكولم حول الاتحاد الأوروبي، قائلاً: “من المؤسف والمخجل أن تظهر وزيرة شؤون أوروبا بهذا القدر من ضيق الأفق وغياب الرؤية، في عام نحتفل فيه بمرور 30 عاماً على انضمامنا للاتحاد الأوروبي”.



