وزيرة العدل النمساوية سيتم حظر زواج القُصّر من قبل الحكومة قيد الإقرار الأسبوع المقبل

دافعت وزيرة العدل النمساوية آنا سبورر (عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي SPÖ)، يوم السبت، عن النهج المخطط له في ملء المناصب العليا الشاغرة في المحكمة الإدارية العليا (Verwaltungsgerichtshof – VwGH)، وذلك في وجه الانتقادات الموجهة لهذا الإجراء، موضحةً أن الدستور ينصّ على مثل هذا التعيين من قبل الجهات السياسية، حيث دافعت كذلك عن التدابير التقشفية الحكومية، لكنها في الوقت نفسه أعربت عن أسفها لعدم توفر وظائف جديدة في مجال القضاء.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، حددت الأحزاب الثلاثة المكونة للحكومة – الحزب الشعبي النمساوي (ÖVP)، والحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPÖ)، وحزب النيوس (NEOS) – في برنامجها الحكومي، الجهة التي يحق لها تقديم الترشيحات للمناصب في المحكمة الإدارية العليا. إذ يعود الحق في ترشيح رئيس المحكمة إلى المستشار كريستيان شتوكر (عن الحزب الشعبي ÖVP)، بينما تعود صلاحية ترشيح نائب الرئيس إلى نائب المستشار أندرياس بابلر (عن الحزب الاشتراكي SPÖ). وعلى الرغم من أن الحكومة الفدرالية مجتمعةً هي المسؤولة رسميًا عن اختيار المرشحين، فإن التعيين النهائي يتم بقرار من رئيس الجمهورية.

وقبل انتقالها إلى وزارة العدل، كانت الوزيرة سبورر تشغل منصب نائب رئيس المحكمة الإدارية العليا، وبالتالي فإن هذا المنصب بحاجة الآن إلى من يشغله. كما يستدعي تقاعد رئيس المحكمة الحالي رودولف تينل (Rudolf Thienel) البحث عن بديل له.

الشفافية: نقطة أساسية

قالت الوزيرة سبورر خلال المقابلة الإذاعية إن الشفافية تُعدّ “نقطة مهمة”، مشيرة إلى أن الحكومة أوضحت في برنامجها أنها قسّمت حق الترشيح بين الأطراف السياسية. وأكدت أن المحكمة الإدارية العليا والمحكمة الدستورية هما أعلى هيئتين قضائيتين في مجال القانون العام، ولهما صلة وثيقة بالإدارة العامة وبالدستور.

وأوضحت سبورر أن “الارتباط الديمقراطي” هو أمر في غاية الأهمية بالنسبة لها، مضيفةً أنها لا ترى صوابًا في أن يُترك قرار اختيار القضاة في المحكمة الدستورية أو الإدارية لمجموعة من القضاة فقط، بل يجب أن تشارك السياسة في ذلك أيضًا. وتابعت: “ليس من الضروري أن يكون كل من يشغل هذه المناصب عضوًا في حزب معين، هذا غير صحيح. إنما يتعلق الأمر بتمثيل القيم التي تحملها الأحزاب التي تملك حق الترشيح”.

انتقادات لعدم إشراك الهيئات القضائية

كانت منظمة “الشفافية الدولية” (Transparency International) قد أعربت يوم الخميس الماضي عن مخاوفها حيال هذا النظام، حيث طالبت رئيسة فرعها في النمسا، بيتينا كنوتسل (Bettina Knötzl)، خلال حديثها إلى إذاعة Ö1، بضرورة “إضفاء الموضوعية على عملية الاختيار لضمان تعيين أفضل الكفاءات”. وعلى الرغم من إشادتها بالشفافية النسبية في إعلان حقوق الترشيح، دعت كنوتسل إلى اعتماد عملية اختيار واضحة.

وانضم ماركوس توما (Markus Thoma)، ممثل الاتحاد العام لقضاة المحاكم الإدارية (DVVR)، إلى هذا الطرح، قائلاً إن استقلال القضاء يقتضي “إبعاد المحاكم عن التأثيرات السياسية والتنفيذية”.

غياب التوظيف الجديد في القطاع القضائي

تطرقت سبورر خلال المقابلة أيضًا إلى الوضع الصعب الذي تعاني منه المؤسسة القضائية، بسبب إجراءات التقشف الرامية إلى إصلاح الميزانية. وأشارت إلى أن المفاوضات أثمرت عن توضيح أن “دولة القانون القوية تكلّف المال”، وبالتالي لم تشمل التدابير التقشفية تقليص عدد الموظفين. لكنها أكدت في الوقت نفسه أن القطاع القضائي لم يحصل حتى الآن على وظائف جديدة، رغم الحاجة الماسة لها بسبب مشاريع جديدة، مثل مشروع “مصادرة الهواتف المحمولة”.

وأشارت إلى أن الوزارة تدرس كيفية تبسيط الإجراءات، بما في ذلك من خلال الاستعانة بالذكاء الاصطناعي، مؤكدة أن استخدام هذه التقنية سيكون فقط “للمساعدة”، ولن يُستخدم بشكل يمس خصوصية الأفراد دون إذن قضائي صريح.

جعل القضاء أكثر جاذبية للشباب

ناقشت الوزيرة كذلك قضية الاكتظاظ داخل السجون النمساوية، مشيرة إلى أن الوسائل البديلة مثل السوار الإلكتروني والإفراج المشروط الموسع لا تحلّ المشكلة بشكل كامل، لكنها تسهم في التخفيف. وأضافت أن نحو 150 شخصًا سيتمكنون من مغادرة السجون إلى الحبس المنزلي الخاضع للمراقبة الإلكترونية في المستقبل القريب.

وردًا على مشكلة نقص العاملين في جهاز حراسة السجون، قالت سبورر إن القضاء لا يزال “جهة عمل جذابة”، وإن الوزارة تعمل على استقطاب الشباب من خلال برنامج يتيح للرياضيين الشباب التدريب في مجال إدارة القضاء، ليصبحوا “نماذج يُحتذى بها”.

النائب العام الفيدرالي: خطة قبل الصيف

وأعلنت سبورر أن مشروع إنشاء “النيابة العامة الفيدرالية” – الذي طالما نُوقش – سيُنفذ خلال هذه الدورة التشريعية. وبموجب المشروع، سيتم استبدال وزير العدل بهيئة جماعية تتألف من ثلاثة أشخاص يتولون القيادة في إصدار التعليمات القضائية. ورغم أنها لم تقدم جدولًا زمنيًا محددًا، أكدت أن التصور الأساسي لهذا المشروع سيكون جاهزًا قبل حلول الصيف.

أما فيما يخص طلب حزب الحرية النمساوي (FPÖ) لإنشاء لجنة تحقيق برلمانية خاصة، تتناول من بين مواضيعها التحقيقات المتعلقة بوفاة رئيس قسم الشؤون القضائية السابق كريستيان بيلناسيك (Christian Pilnacek)، فأشارت سبورر إلى استعداد الوزارة للتعاون مع البرلمان، لكنها أوضحت أنه لم يتم بعد التحضير لتقديم ملفات، بسبب عدم وضوح الأسئلة التي ستتناولها اللجنة. كما نفت وجود ما وصفته FPÖ بـ “دولة عميقة سوداء”.

مراقبة تطبيقات المراسلة: مسار طويل

وفيما يخص الانتقادات الواسعة لمسودة قانون مراقبة تطبيقات المراسلة، أوضحت الوزيرة أن الهدف من المشروع هو تمكين السلطات من اتخاذ إجراءات وقائية، دون المساس بحقوق الأفراد الأساسية، إلا بموافقة قضائية صريحة. وأشارت إلى أن البرنامج التقني المطلوب لتثبيت برامج المراقبة على الهواتف الذكية هو مرحلة “ثانية”، تسبقها بالضرورة الموافقة على الإطار القانوني. وأضافت أن هذا المشروع سيكون “عملية طويلة”.

رفض وصف “مخرّبي النظام” للأطفال الجانحين

رفضت سبورر استخدام مصطلح “مخرّبو النظام” (Systemsprenger)، الذي أُطلق مؤخرًا على بعض الجانحين من القُصّر، قائلة إن هؤلاء الأطفال غالبًا ما لم يحصلوا في حياتهم على أي توجيه، ويجب مساعدتهم لإيجاد طريق يمنحهم مستقبلًا. لكنها أكدت كذلك ضرورة حماية المجتمع من الجرائم التي يرتكبها من هم دون سن 14 عامًا، مشيرة إلى أن العمل جارٍ على وضع إطار قانوني مناسب لذلك.

حظر مرتقب للزواج دون 18 عامًا

وفي الختام، أعلنت وزيرة العدل أنه سيتم قريبًا إصدار قرار يمنع الزواج لمن هم دون 18 عامًا. وأفادت مصادر رسمية لوكالة الأنباء النمساوية (APA) بأن مجلس الوزراء سيصدر القرار الأسبوع المقبل. وأكدت سبورر أن الهدف من هذا الحظر هو “حماية الشباب، وخصوصًا الفتيات، من الزواج المبكر”. وعند سؤالها عن رمزية القرار في ظل تسجيل 10 حالات فقط عام 2023، أجابت سبورر: “القوانين تسري عمومًا على الجميع. نريد أن توضح الدولة موقفها بشكل صريح”.

حظر زواج القُصَّر وزواج الأقارب في إطار سياسة اندماج مشددة

تعتزم الحكومة النمساوية مناقشة مشروع قانون جديد يهدف إلى حظر زواج الأقارب من الدرجة الأولى، وتحديدًا زواج أبناء وبنات العمومة، وذلك بالإضافة إلى الحظر المقرر مسبقًا على الزواج تحت سن 18 عامًا. ومن المتوقع أن يُطرح هذا الموضوع على جدول أعمال مجلس الوزراء يوم الأربعاء المقبل.

وقالت وزيرة الدولة عن حزب الشعب النمساوي (ÖVP) Claudia Plakolm: “من يريد البقاء، عليه أن يصبح جزءًا من مجتمعنا – وهذا ينطبق خصوصًا على موضوع الزواج. نحن في النمسا نتزوج بإرادتنا الحرة، وليس لأن العائلة تتوقع ذلك أو التقاليد تفرضه، ولهذا، لن يُسمح بالزواج في المستقبل إلا ابتداءً من سن 18. من دون أي استثناء.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى