وزيرة خارجية النمسا: حيادنا لم يعد كافيًا.. ومستعدون لنقاش الانضمام إلى الناتو

أكّدت وزيرة الخارجية النمساوية بياته ماينل رايزنغر، وهي أول امرأة ليبرالية تتولى هذا المنصب في تاريخ البلاد، في مقابلة مطولة مع صحيفة Welt am Sonntag الألمانية، أن الحياد وحده لم يعد كافيًا لحماية النمسا في ظل التهديدات الأمنية المتصاعدة وعدوانية روسيا المتزايدة، مشيرة إلى أنها منفتحة على مناقشة مستقبل البلاد الدفاعي، بما في ذلك خيار الانضمام إلى حلف الناتو، رغم غياب الأغلبية السياسية والشعبية لذلك في الوقت الراهن.

وقالت رايزنغر: “إذا اعتقدنا أننا سنبقى بأمان فقط لأننا لا نؤذي أحدًا، فإننا نخدع أنفسنا. العالم تغيّر. لدينا شريك قوي هو الاتحاد الأوروبي، الذي يوفر لنا الحماية عند الحاجة، ونحن نساهم بدورنا في أمنه من خلال المشاركة في بعثات سلام أوروبية ودعم سياسات الدفاع الأوروبية سياسيًا وماليًا وعسكريًا”. ولفتت إلى أن حياد النمسا “تغيّر بشكل ملموس” منذ انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي عام 1995.

وفي ما يخص الحرب الروسية على أوكرانيا، شددت رايزنر على أن “أوكرانيا تسعى للسلام، أما روسيا فلا”، معتبرة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “لو كان يريد فعلًا التوصل إلى سلام، لبدأ الآن مفاوضات لوقف إطلاق النار”، مضيفة: “بدلًا من ذلك، يواصل تدمير البلاد بشراسة”، رغم ما وصفته بـ”الخسائر الهائلة” التي تتكبدها روسيا في الأرواح والبنية الاقتصادية. وأردفت: “بوتين يعلم أن الوقت ليس في صالحه، ولهذا يصعّد الحرب بهذه الوحشية”.

وحول الأزمة في الشرق الأوسط، دعت الوزيرة النمساوية إسرائيل إلى احترام القانون الدولي الإنساني، قائلة: “نحن نقف إلى جانب إسرائيل ونتفهم دفاعها عن نفسها في وجه تهديدات وجودية. لكن كأصدقاء لإسرائيل، علينا أن نقول بوضوح إننا لا نستطيع الاستمرار في القبول بالوضع الإنساني الراهن في غزة. يجب احترام القانون الدولي الإنساني دون استثناء”.

كما أوضحت أن زيارة قامت بها مؤخرًا إلى المنطقة تهدف إلى الاستماع للأطراف بشكل مباشر، معتبرة أن “الجلوس في فيينا أو بروكسل وإرسال الرسائل لا يكفي”، وشددت على أن تحقيق السلام يتطلب إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المتبقين والقضاء على حركة حماس، داعية إسرائيل إلى “اغتنام الفرصة الحالية لدفع العملية السلمية قدمًا”.

وفي معرض ردّها على سؤال حول التحالفات السياسية، أعربت رايزنر عن استعدادها لدعم مشاريع قوانين من حزب الحرية اليميني المتطرف (FPÖ) إذا كانت مناسبة من حيث المضمون، لكنها أكدت رفضها القاطع لأي تحالف حكومي معه، قائلة: “لن أشارك في حكومة تضم هذه الحزب، ولن أقبل به شريكًا سياسيًا”.

وختمت رايزنر بالتأكيد على أن مستقبل الديمقراطيات الليبرالية في أوروبا يتطلب مزيدًا من الوعي والمشاركة السياسية من المواطنين، محذّرة من الانعزال الرقمي والانغلاق على الذات، قائلة: “الوقت الآن هو للانخراط المدني الفاعل وليس للانسحاب إلى عزلة رقمية جديدة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى