وزير التعليم النمساوي يكشف خطة لمضاعفة معلمي دعم الألمانية
فيينا – INFOGRAT:
أكّد وزير التعليم النمساوي كريستوف فيدركير (Christoph Wiederkehr) من حزب NEOS، التزامه بإعطاء الأولوية للتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، معلنًا أن السنة الثانية الإلزامية في رياض الأطفال ستُطبق “بشكل مؤكد” ابتداءً من عام 2027 على أبعد تقدير، رغم خطة التقشف الحكومية الصارمة. ويهدف فيدركير إلى تحقيق هذا الهدف من خلال توفير المزيد من مقاعد التدريب للمربين والمربيات في مجال التعليم المبكر، إضافة إلى تخصيص تمويل لتعزيز تعليم اللغة الألمانية والوقاية من العنف في المؤسسات التعليمية.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، أشار فيدركير إلى أن النمسا تستثمر الكثير في التعليم مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى، لكنها تُنفق نسبيًا القليل على التعليم الأساسي، أي على رياض الأطفال، ولهذا السبب، من المقرر أن يوافق مجلس الوزراء هذا الأسبوع ضمن مبادرة كبيرة على تخصيص 32 مليون يورو إضافية لهذا المجال، ما سيؤدي إلى خلق 4,000 مقعد تدريبي جديد في مجال التربية في الطفولة المبكرة خلال السنوات الأربع المقبلة.
وأعلن الوزير عن إنشاء برنامج بكالوريوس في التربية في مرحلة الطفولة المبكرة (Bachelorstudium der Elementarpädagogik)، بهدف جعل المهنة أكثر جذبًا، مع توفير مسارات لتأهيل المساعدات ليصبحن مربيات مؤهلات، وتعزيز فرص الدخول إلى المهنة من خارج المسار التقليدي. كما شدد على أن السنة الثانية من رياض الأطفال ستكون إلزامية اعتبارًا من 2027، وأكد التزامه بتوفير الموارد اللازمة لتدريب الكوادر التعليمية المطلوبة لهذا التوسع.
تكثيف دعم اللغة والدمج الاجتماعي
ورأى فيدركير أن السنة الإلزامية الثانية في رياض الأطفال ستساهم في تعزيز اندماج الأطفال وتحسين مهاراتهم في اللغة الألمانية، مشيرًا إلى أن سنة واحدة من رياض الأطفال لا تكفي لتحقيق هذه الأهداف. ولفت إلى أن تعزيز تعليم اللغة يجب أن يشمل المراحل التعليمية اللاحقة أيضًا، خصوصًا في فيينا والمناطق الحضرية الأخرى، حيث تُظهر البيانات أن عددًا كبيرًا من التلاميذ لديهم ضعف في إتقان اللغة الألمانية.
ولمواجهة هذا التحدي، قرر الوزير مضاعفة عدد معلمي دعم اللغة الألمانية من 650 إلى 1,300 معلم ومعلمة في العام الدراسي المقبل، معتبرًا أن ذلك يشكل “إشارة قوية” في ظل ظروف التقشف المالي، لضمان أن كل طفل يحصل على الدعم اللازم لتعلم الألمانية. وأكد أن كل طفل لديه حاجة في هذا المجال سيحصل على دعم فردي خاص في العام الدراسي القادم.
معالجة ضعف الكفاءة القرائية والكتابية
واعتبر فيدركير أن هناك “مشكلة هائلة” تتمثل في أن عددًا كبيرًا من الشباب بعد تسع سنوات من التعليم الإجباري لا يتمكنون من القراءة والكتابة بشكل كافٍ. ولهذا الغرض، أعلن عن استحداث شهادة كفاءة متوسطة (Mittlere Reife) يجب اجتيازها عند نهاية التعليم الإجباري، على أن تُكتشف حالات الضعف مبكرًا وتُعالج من خلال برامج دعم خاصة. ومن لا يجتاز هذه الشهادة، سيتم إدماجه في برامج تعزيزية مركزة.
أزمة نقص المعلمين وضرورة تحسين صورة المهنة
وركز الوزير كذلك على أزمة نقص المعلمين، خصوصًا في المراحل العليا من التعليم، مشيرًا إلى أن هذه الأزمة تفاقمت بسبب معدلات العمل الجزئي المرتفعة وحالات التقاعد. وأوضح أن معالجة هذه الأزمة هي أولوية قصوى له، مضيفًا أن من الضروري تحسين جاذبية مهنة التعليم من خلال تقديم دعم أكبر للمدارس وتعزيز المكانة الاجتماعية للمعلمين والمعلمات.
وأكد فيدركير: “نحتاج إلى أفضل الأشخاص في الفصول الدراسية، لأن مستقبل البلاد يُصنع هناك”، مشيرًا إلى أن أحد العوامل الحاسمة لتمكين المعلمين من العمل بدوام أطول هو تحسين خدمات رعاية الأطفال للكوادر التعليمية الشابة.
إصلاحات هيكلية ومناهج جديدة
ضمن خطة الإصلاح التي وصفها بأنها “الأكبر منذ عام 1962”، أعلن فيدركير عن إدخال مؤشر للفرص (Chancenindex) لدعم المدارس التي تواجه تحديات خاصة. كما ستُدرج مادة “التربية الديمقراطية” (Demokratiekunde) كمادة إلزامية بدءًا من المرحلة الإعدادية، بهدف تعزيز القيم والديمقراطية، بينما ستكون مادة “التثقيف المالي” (Finanzbildung) اختيارية ومفتوحة للتطبيق المدرسي بدءًا من المرحلة الثانوية العليا.
وتهدف هذه الإجراءات إلى تحسين العدالة في الفرص التعليمية ورفع مستوى الأداء الأكاديمي للطلاب.
الحد من البيروقراطية وتشجيع الدخول إلى التعليم
وأكد الوزير عزمه على تقليص البيروقراطية في النظام التعليمي لإتاحة المزيد من الوقت للمعلمين للتركيز على التدريس. كما عبّر عن تفاؤله بإمكانية القضاء على النقص في المعلمين بحلول عام 2029، مشيرًا إلى ارتفاع عدد طلاب كليات التربية، ونجاح مبادرات إدماج متخصصين من مجالات أخرى في سلك التعليم.
تحميل الأهل مسؤوليات قانونية
أشار فيدركير إلى خطة لإدخال عقوبات إدارية بحق أولياء الأمور غير المتعاونين، مثل فرض غرامات إذا تم تعليق الطفل بسبب تصرف عنيف ورفض الأهل التعاون مع المدرسة. وأوضح أن الجوانب القانونية لهذه الخطة ما تزال قيد المناقشة مع الخبراء، على أن يُعرض مشروع قانون بهذا الخصوص خلال العام الدراسي المقبل.
كما طالب بتوضيح الصلاحيات بين الحكومة الفيدرالية والولايات، مؤكدًا ضرورة إزالة “متاهة الاختصاصات” (Kompetenzdschungel) وتوسيع صلاحيات الدولة الاتحادية في مجال التعليم، لتحسين الفاعلية والوضوح في النظام. وأشار إلى وجود دعم لهذا التوجه من قبل مسؤولين، مثل حاكم ولاية سالزبورغ Wilfried Haslauer (ÖVP).
مخصصات إضافية رغم التقشف
رغم القيود المالية، أكد فيدركير أنه تم توفير 120 مليون يورو إضافية لمشاريع جديدة هذا العام، بما يشمل تعزيز تعليم اللغة الألمانية، والوقاية من العنف في المدارس، وتحسين الصحة النفسية للطلاب.
انتقادات من حزب FPÖ
من جهته، انتقد Hermann Brückl، المتحدث باسم التعليم في حزب FPÖ، ما وصفه بـ”الفراغ الخطير” بين وعود الإصلاح والتنفيذ الفعلي لها. واعتبر أن أزمة نقص المعلمين ليست مفاجِئة بل نتيجة “سنوات من الإهمال، خصوصًا خلال فترة تولي حزب NEOS مسؤوليات في هذا المجال”.
وأشار بركل إلى أن النقص في الكوادر بلغ مستويات خطيرة في المناطق الحضرية مثل فيينا، حيث شغل فيدركير سابقًا منصب مستشار التعليم. وطالب بخطة توظيف واسعة، وباتخاذ تدابير حاسمة ضد رفض الاندماج داخل الفصول الدراسية، بالإضافة إلى وضع معايير موحدة على مستوى النمسا لتأهيل معلمي الدين.



