وزير الخارجية شالنبرغ حول الوضع في سوريا: “عملي هو التعامل مع الواقع”

تحدث وزير الخارجية النمساوي ألكسندر شالنبرغ في مقابلة مع صحيفة “derstandard” عن الوضع في سوريا، مؤكداً أن سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه سوريا في السنوات الماضية لم تحقق أي تحسن. وقد أشار إلى أن ملايين السوريين لا يزالون في حالة نزوح، وأن العديد منهم قد لجأوا إلى الدول المجاورة وأوروبا، مما يجعل من الضروري إعادة النظر في سياسة الاتحاد الأوروبي بشأن سوريا.

وأشار شالنبرغ إلى أن بعض الدول الأوروبية كانت قد تحدثت عن “حوار براغماتي” مع النظام السوري قبل فترة، وتساءل عما إذا كان هذا التوجه يُعتبر خطأ في ضوء الواقع الذي تكشّف اليوم، خاصة فيما يتعلق بممارسات النظام السوري من تعذيب ممنهج. ورغم ذلك، شدد على أنه لم يكن الهدف من تلك الدعوة إلى الحوار هو “تطبيع” الوضع مع بشار الأسد أو “غسل” أفعاله، بل كان يهدف إلى البحث عن سبل للوصول إلى حل دبلوماسي بعد 13 عاماً من فشل سياسة الاتحاد الأوروبي في تحسين الأوضاع.

وأضاف شالنبرغ أنه في ضوء هذه الفشل، لا بد من إعادة التفكير في السياسة الأوروبية تجاه سوريا بشكل كامل. وأوضح أنه رغم وجود مشاعر ارتياح من مغادرة بشار الأسد، إلا أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يركز على التعرف بشكل دقيق على القوى الجديدة التي تتحكم في البلاد. وقال إن السياسة الأوروبية يجب أن تأخذ في اعتبارها الواقع الحالي في سوريا، وعدم الانغلاق في مواقف مثالية قد تمنع التوصل إلى نتائج عملية.

وتطرق شالنبرغ إلى قضية الحوار مع المجموعات التي تضم الإسلاميين مثل “هيئة تحرير الشام” (HTS) التي تُعتبر منظمة إرهابية من قبل الاتحاد الأوروبي، والتي تطالب برفع العقوبات الأوروبية مقابل عودة اللاجئين. وقال إن الاتحاد الأوروبي يجب أن يتعلم من تجاربه السابقة في التعامل مع الأزمات، مثل الأزمة في ليبيا، وأوضح أن شروطاً مسبقة لمحادثات كهذه قد تعيق تحقيق أي تقدم في الأوضاع الإنسانية. كما شدد على أهمية إجراء حوار مع جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة السورية، من أجل التوصل إلى حل شامل يعالج القضايا الإنسانية والسياسية في البلاد.

وفيما يتعلق بموضوع العقوبات، أشار شالنبرغ إلى أنه في حال كان هناك مطلب لرفع العقوبات المفروضة على سوريا، يجب أن يرتبط ذلك بمطالب مقابلة من جانب الاتحاد الأوروبي، مثل ضمان حماية حقوق الأقليات في البلاد. وأكد أن الحوار مع النظام السوري لا يعني التنازل عن القيم الأوروبية المتعلقة بحقوق الإنسان، ولكن يجب أن يُبنى على أساس المصلحة الواقعية، وأن الاتحاد الأوروبي لا يمكنه التوقف عن التواصل مع الأطراف المختلفة في الأزمة السورية.

وفيما يخص عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، أكد شالنبرغ أن النمسا كانت من أولى الدول التي بدأت في إعادة تقييم وضع اللاجئين السوريين، مشيراً إلى أن منح اللجوء لا يمكن أن يكون دائماً، وأنه يجب فحص الوضع في سوريا بشكل دوري لتحديد ما إذا كانت الظروف قد تغيرت بما يكفي للسماح بعودة اللاجئين. وأوضح أن العديد من السوريين قد حصلوا على “حماية مؤقتة” بدلاً من اللجوء الكامل خلال العامين الماضيين، وهذا القرار يجب أن يتم مراجعته بناءً على التغيرات التي قد تطرأ على الوضع في سوريا.

كما تحدث شالنبرغ عن موقف النمسا من إعادة المواطنين النمساويين الذين انضموا إلى تنظيم (داعش)، مثل حالة المرأة النمساوية “ماريا ج.” وأوضح أنه رغم قرار المحكمة الذي ينص على إعادة الأطفال من المخيمات في شمال سوريا، فإن الوضع الأمني الحالي لا يسمح بعودة هؤلاء الأفراد في الوقت الراهن. وأكد شالنبرغ أن النمسا ستواصل جهودها لإعادة الأطفال، لكن يجب أخذ الوضع الأمني في الاعتبار قبل اتخاذ أي خطوات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى